شبكة ذي قار
عـاجـل










وجهة نظر لفهم الموقف الإيراني من حرب الميليشيات

 

مصطفى كامل

 

بعد مصرع قاسم سليماني، وهو الرجل الثاني في نظام الولي الفقيه بعد المرشد الأعلى والموكولة له مهام التنفيذ العملي للمشروع الفارسي، بدأت إيران باعتماد نظامٍ جديدٍ في إدارة عملائها في العراق، وذلك لإدامة هيمنتها المطلقة على العراق , وهو نظام الإدارة غير المباشرة احيانا وغير المعنية بالتفاصيل.

 

وجاء اعتماد هذا الأسلوب لأسباب عدة منها فشل إسماعيل قاآني، خليفة سليماني، في التواصل الفعال مع العملاء العراقيين على غرار ما كان يقوم به سلفه الصريع الذي نسج خلال أكثر من ثلاثة عقود علاقات عميقة جداً وتفصيلية جداً مع أولئك العملاء، ومع عملاء آخرين في غير العراق، امتدت حتى إلى المستويات الشخصية.

ولأن طهران متيقّنة من كون المعنيين عملاء موثوقين لها بدءاً وانتهاءً لذا نراها تتجاوز توجيه الأوامر المباشرة لهم احيانا ولا تتدخل في تفاصيلهم، تاركةً لهم حرية الحركة في كثيرٍ من المواقف بحسب تقديرهم وبحسب إمكانياتهم، مع وجود موجّهات عامة وضوابط مركزية بالطبع، لكنها موجّهات وضوابط ترسم حدوداً نهائية، هي المصالح العليا للأمن القومي الإيراني وللاقتصاد الايراني وضمان تحقيق المشروع الفارسي في العراق والوطن العربي، ولا تتدخل في التفاصيل التي لا حاجة للمؤسسات المعنية في طهران (مكتب المرشد الأعلى، الحرس الثوري، وزارة الاطلاعات، مجلس الأمن القومي.. وغيرها) للتدخل فيها ولا مبرر للغرق في دوّاماتها أساساً.

وهنا نؤكد على حقيقة مهمة وهي أن الكثير من المعنيين  هم عملاء عقائديون لنظام الولي الفقيه ومشروعه وليسوا مرتزقة أو أُجراء يتقاضون رواتب جراء عملهم وبالإمكان استمالتهم بعروضٍ أكثر إغراءً، وهذا ما سمح لنظام الولي الفقيه باعتماد هذا الأسلوب.

ومفيد أن نذكر أن هذا السلوك تعبير عن فلسفة نجحت في تحقيق الهيمنة الايرانية على العراق كنجاح هذه الوسيلة في مجال الإدارة بشكل عام وليس في إدارة العملاء والوكلاء فقط.

في هذا الإطار يمكننا أن نفهم جانباً من الموقف الإيراني من حرب الميليشيات الدائرة بين الميليشيات الصدرية والإطارية.

إيران لن تتدخل بشكل مباشر أو معلن، في هذه المرحلة في أقل تقدير، لصالح أي طرفٍ منهما، لأن تدخلها لصالح الطرف س يعني بالضرورة خسارتها للطرف ص، فلماذا تتدخل فتخسر أحد الطرفين وهي قادرة أن تكسبهما معاً ولو بدرجات متفاوتة، والمستقبل كفيلٌ بمعالجة نسبة التفاوت هذه.

وهكذا يجب أن نفهم طبيعة علاقة المؤسسات الإيرانية المعنية بعملائها في ساحات جغرافية أخرى أيضاً وليس في العراق فحسب، خلال المرحلة المقبلة.

والله الموفق والمستعان






الاحد ٨ صفر ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أيلول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مصطفى كامل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة