شبكة ذي قار
عـاجـل










لله درك يا عراق الصابرين

خنساء الفارس

 

لله درك يا عراق الحضارة والتاريخ، يا عراق الصابرين المحتسبين، لقد تكالبت عليك الضباع والذئاب والكلاب السائبة من كل حدب وصوب، الكل تنهش في جسدك المثخن بالجراح طمعاً بما تملكه من خيرات...

 

لله درك يا عراق الأمجاد، يا عبق التاريخ وعنفوان الحضارة ومفخرة العروبة، يا قلعة الصمود والإباء، يا منارة العلم وملتقى العلماء والشعراء والأدباء، يا من علمت الإنسانية قوانين العدل والحكمة والإرشاد، وخطك التاريخ في صفحاته المشرقة بكلمات من نور في أمهات الكتب، ولو ألقيت في دجلة ألف مرة ما زادها إلا ضياء وبهاء وجمالاً...

 

في ربوعك الخضراء ترعرع الأنبياء والأولياء والعظماء، وعلى ثراك سالت أغلى وأزكى الدماء، لنا الشرف والفخر أننا ولدنا ونشأنا وتربينا على أرضك المعطاء وتحت ظل نخيلك الباسق وثمرك اليانع وعلى ضفاف رافديك الخالدين، وأطعمتنا من شهدك وتمرك وأسقيتنا من عذب فراتيك، فدمت فخراً ومجداً وعزاً لنا وللعروبة...

 

لقد مرت بك أقوى المكائد وأعتى الشدائد والمصائب، وعصفت بك عاصفة صفراء هوجاء، وغرزت بجسدك الطاهر سهام الجبناء والغادرين، لكنك كنت الأقوى والأصلب، فلن تكسرك المحن ولن تهزمك الصعاب، لكنها تكسرت على صخرة صمودك الصلدة، فدُم لنا متألقاً شامخاً بعزتك وعنفوانك وكرامتك وكبريائك...

 

لقد اعتصرت قلوبنا ألماً ومُلئت قيحاً ونزفت دماً لما أصابك، فكم ضاع وسرق من تراث العروبة والإسلام ببغداد الرشيد، وكم عبثت الأيادي الخبيثة بخيراتك وتراثك، وكم قتل وهجر من أبنائك المخلصين الأوفياء بخنجر أبو لؤلؤة المسموم وابن ملجم اللعين...

 

سينتصر الحق يوماً، وتعود أمجادك، وتنجلي الغمة السوداء، وتشرق شمس الحرية والأمان والطمأنينة، فغداً تبرأ وتلتئم جراحك، ويثمر نخيلك الباسق رطباً جنياً، وتغتسل أرضك الطاهرة من براثن الغزاة والعملاء والخونة، وتبقى أبياً شامخاً زاخراً بالمجد والعز والسؤدد.




الثلاثاء ١٨ محرم ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أب / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خنساء الفارس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة