شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى وفاة الأستاذ والقائد المؤسّس ميشيل عفلق

خالد مصطفى رستم

 

الأستاذ ميشيل عفلق سوريّ الأصل، وُلد بدمشق في التاسع من كانون الثاني من سنة 1910، تلقّى تعليمه في المدارس حتى الثانوية سورية الواقعة تحت الانتداب الفرنسي، لمع وتفوق الأستاذ أحمد ميشيل عفلق في دراسته مما أهله لمنحة دراسية ليزاول تعليمه العالي بجامعة السوربون بباريس، ومنها عاد إلى مسقط رأسه دمشق، سنة 1936. فعُيِّن أستاذ تاريخ بمدرسة التجهيز الأولى المعروفة في دمشق. إلى جانب ذلك، كان مفكّراً، وأديباً ونُشِر له العديدُ من الأعمال الأدبية، من خلال عمله كمدرس بدأ يبشر أفكاره في أوساط الطلاب والشباب ونشط في الوسط السياسي.

قام الأستاذ أحمد ميشيل عفلق عام 1941 بتكوين أول جماعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي التي أصدرت بيانها الأول في شباط. وما لبثت هذه الجماعة ان وضعت مبادئها القومية موضع التنفيذ عندما أعلنت تأييدها لانتفاضة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الاحتلال البريطاني عام 1941، وأسست "حركة نصرة العراق".

 قاوم الاستعمار الفرنسي وهو في ريعان شبابه، وساهم في حرب فلسطين سنة 1948، ضدّ الصهاينة.

وفي السابع من نيسان من عام 1947، وبمساعدة صلاح الدين البيطار والدكتور مدحت البيطار، عقد المؤتمر التأسيسي في دمشق، وانتخب عميداً للحزب.

تسلم منصب وزير التعليم في عام 1949، واستقال من منصبه بعد فترة وجيزة. وفي عام 1952 خرج من سوريا هرباً من الاضطهاد السياسي وعاد إلى بلده مرة أخرى عام 1954. في الفترة الواقعة بين 1955 و1958 كان القائد المؤسس من أبرز الداعين إلى وحدة سوريا ومصر، ولعب دوراً بارزاً في تحقيق الوحدة بينهما عام 1958وكان له رأي بالمرحوم عبد الناصر يلخص ببرقية النعي المعبرة بعد وفاة المرحوم عبد الناصر والتي يقول فيها رحمه الله:

عبد الناصر زعيم عربي قومي محبوب من كل أبناء الأمة العربية ومكروها من الصهيونية والاستعمار والرجعية العربية .....

وساهم مع مجموعة من رفاقه ومع قوى قومية تقدمية في محاربة الانفصال وصولاً إلى تحقيق ثورة 8 آذار من عام 1963.

 -موقفه من ردة 23 شباط 1966:

وبالرغم من كونه الأب الروحي لحزب البعث الحاكم في سوريا وأمينه العام (القيادة القومية) فقد وجذ نفسه في مواجهة بروز تغلغل عسكري وفئوي داخل الحزب تتوج في23 شباط 1966 بانقلاب دموي أطاح بالقيادة التاريخية للحزب فترك سورية وقال مقولته التي وصف فيها ردة 23 شباط (ليس هذا حكم البعث، وليست هذه ثورة البعث، ولا الأهداف أهداف حزبنا وشعبنا.. ولا الأخلاق أخلاق حزبنا وشعبنا) حيث استحوذ قادة الجيش على قياداته، وغيّروا مجراه تماماً، وغيبوا أفكاره وعقيدته وجعلوه واجهةً لتحقيق أطماعهم في السلطة، فشرّدوا وأعدموا الكثيرين من قادته ومن الرفاق المناضلين المخلصين   وتحت اسم وعنوان الحزب ساهموا، من قريب أو من بعيد، في هدم وتحطيم صَـرْحِ هذا الحزب القومي الرائد، ومّهدوا بالتّالي إلى الوضع المزري الذي يعيشه وطننا العربي حاليًّا.

بعد ردة 23 شباط لجأ إلى بيروت ومن ثم إلى بغداد عام 1975 (بعد اشتداد الحرب الأهلية في لبنان) وركز على قيادة العمل الفكري في الحزب وفي هذا الإطار دعا عام 1985 إلى بناء عمل عربي مستقبلي وأشرف على عدة اجتماعات عقدت في بغداد وباريس للحوار بين مثقفين وشخصيات قومية وقيادات من عدة أحزاب عربية.

-  القائد المؤسس وصدام حسين:

 يقول المرحوم الأستاذ أحمد ميشيل عفلق في الشهيد صدام حسين:

الرفيق صدام حسين باني نهضة العراق ورمز صموده وانتصاره الذي جسد مبادئ الحزب وتطلعات الشعب وأهدافه وجسد الإيمان بأصالة الأمة على الصمود والنهوض والانبعاث، انه من القلة من القادة الأفزاز لأنه وضع مواهبه وقدراته في انسجام مع مبادئ البعث وفكر البعث ومع مصلحة الشعب وقيم الأمة والاتجاه إلى المستقبل ..... إنه هدية البعث إلى العراق وهدية العراق إلى الأمة.

 

- حول فكر القائد المؤسس:

إن الحزب لم يوجد لكي يجمع أعداداً وإنما لكي يخلق أفراداً، والخلق تبديل أساسي في النفس.. في المشاعر والسلوك والتصرف.

- وحول الدين والايمان يؤكد:

لو أعطونا ملك الأرض ولو أعطونا اليوم أو في أي وقت الدولة العربية التي تتحقق فيها أهداف البعث وقالوا إن الإيمان سيكون مفقوداً من حياة البشر الذين يكونون هذه الدولة المثلى، لقلنا إننا نفضل أن نبقى أمة مجزأة وأمة مستعمرة ومستغلة، مظلومة ومستعبدة حتى نصل من خلال الصراع بيننا وبين قدرنا، بيننا وبين أنفسنا إلى اكتشاف حقيقتنا الإنسانية، ويقول:

الدين كما يظهر لنا من استعراض تاريخ البشر منذ أقدم العصور إلى اليوم، هو شيء أساسي في حياة البشر. فموضوع الدين هو موضوع جدي ولا يمكن أن نحله بكلمة أو بحكم سطحي عابر، ولكن يجب أن نفرق بين الدين في حقيقته ومرماه، وبين الدين كما يتجسد أو يظهر في مفاهيم وتقاليد وعادات ومصالح، في ظرف ومكان معينين.

- وعن الدين الإسلامي يقول:

في حياتنا القومية حادث خطير وهو حادث ظهور الإسلام.. حادث قومي، وإنساني عالمي. ولا أجد ان الشباب العرب يعطون هذا الحادث حقه من الاهتمام. لا أجد أنهم يدرسونه ويحيطون بكل ظروفه وتفاصيله وملابساته، لأن فيه عظة بالغة، فيه تجربة هائلة من تجارب الإنسانية يمكن أن تغنيهم وتغني ثقافتهم العملية والسياسية وكل شيء.

هل يفكر الشباب أن الإسلام عند ظهوره هو حركة ثورية، ثائرة على أشياء كانت موجودة: معتقدات وتقاليد.. ومصالح؟ وبالتالي هل يفكرون بأنه لا يفهم الإسلام حق الفهم إلا الثوريون؟ وهذا شيء طبيعي لأن حالة الثورة هي حالة واحدة لا تتجزأ، وهي حالة خالدة لا تتبدل، فالثورة قبل ألف سنة وقبل ألفي سنة وقبل خمسة آلاف سنة، والآن وبعد ألوف السنين: الثورة واحدة، لها نفس الشروط النفسية، ولها نفس الشروط الموضوعية أيضا إلى حد كبير. 

- القائد المؤسس والقومية العروبة:

القومية العربية حب قبل كل شيء.

نحن أحوج ما نكون إلى مفهوم صحيح للعروبة نقدمه للعالم وللحضارة وللتفكير الإنساني. القومية المغلقة المتعصبة أكبر خطر علينا لأنها تغذي الفروق بدلاً من القضاء عليها. ولقد وجد دوماً في البلاد العربية مئات من الناس كانوا يتبنون النظرة النازية حتى قبل ظهور النازية نتيجة للجهل، ووجد دوماً من صوّر العروبة بأنها مقتصرة على نوع معين وعدد معين من الناس وأنها تفاخر واستعلاء على الآخرين. وطبيعي أن يُحدث هذا رد فعل، وأن تشعر الأقليات العنصرية بأنها مهددة بوجودها أمام مثل هذه القومية، ويقول:

نحن الجيل العربي الجديد نحمل رسالة لا سياسية، إيماناً وعقيدة لا نظريات وأقوالاً. ولا تخيفنا تلك الفئة الشعوبية المدعومة بسلاح الأجنبي، المدفوعة بالحقد العنصري على العروبة، لأن الله والطبيعة والتاريخ معنا.

- وحول الفهم الاشتراكي:

 إذا سئلت عن تعريف للاشتراكية فلن أنشده في كتب ماركس ولينين وإنما أجيب: "إنها دين الحياة، وظفر الحياة على الموت.

لو سئلت عن أسباب ميلي للاشتراكية لأجبت: إن ما أطمع به منها ليس زيادة في ثروة المعامل بل في ثروة الحياة، وليس همي أن يتساوى الناس في توزيع الطعام بقدر ما يهمني أن يتاح لكل فرد إطلاق مواهبه وقواه. وقد لا يرى العامل الرازح تحت بؤسه في الاشتراكية إلا وعداً بأن يأخذ ما هو محروم منه، ولكني لا أنظر إليها أنا إلا كعطاء دائم سخي، بأن نعطي الحياة أضعاف ما بذلته لنا..

 ويؤكد حول الحرية:

 إننا نريد أن تكون النهضة العربية عميقة متينة الأسس، غنية الروح، تقدس الحرية وتطبقها وتؤمن بالإنسان وتحترم حريته واستقلاله.... نريد أن يكون طريق النهضة واضحاً مشرقاً، ووسائل الثورة نبيلة مثل أهدافها. ونحن لا نستطيع أن نصحح السلبية بسلبية مثلها، بل بمزيد من الإخلاص لمبادئ البعث وبإعطاء البراهين الجديدة على إيماننا بالحرية وبجدارة الإنسان عامة، والإنسان العربي خاصة، بممارسة هذه الحرية.

- توفي المرحوم القائد المؤسس في باريس في 23 حزيران من عام 1989، أقامت الحكومة العراقية تأبيناً مهيباً لمماته ودفنته في بغداد في الحديقة الغربية لمقر القيادة القومية لحزب البعث، وفي تشرين الثاني 2003 قامت قوات الاحتلال في العراق بتدمير قبر المرحوم.

 توفي الكثير من قادة البعث ومن الرفاق الأوائل المناضلين وهذه سنة الحياة ولكن بقي جريان نهر البعث مستمراً وازداد غزارة وسيستمر بإذن الله وإلى أن يحقق أهدافه.

المجد والخلود لشهداء البعث والأمة العربية.

 رحم الله القائد المؤسس الرفيق أحمد ميشيل عفلق.

رحم الله شهيد الحج الأكبر شهيد العرب والعروبة الرئيس صدام حسين ورفيقه الرفيق عزة إبراهيم.






السبت ٣ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خالد مصطفى رستم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة