شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية مجلة ألق البعث العدد 62 لشهر حزيران


 حزب البعث العربي الاشتراكي

رومانسية صناعة الثورة وانصهار بأخلاق الأمة


 

أدرك البعث عبر وعي متفرد في عصر التبشير والولادة التي قد بدأت في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي بأن محنة الأمة الأكبر تتلخص في تدهور الروح، وما يرتبط بهذا التدهور من انسدادات الخلق والإبداع والابتكار، بل وحتى انخفاض في مستويات الفهم والقدرة على التعلم وعدم الاهتمام بالعلم وما يرتبط به وينتج عنه من صناعة وتكنولوجيا وتقنيات، وفي تراكم أثقال اجتماعية واقتصادية ومادية أخرى سببت هبوطاً عمودياً وأفقياً في درجات الارتباط بالإرث المادي والأخلاقي العظيم للأمة.

 لذلك، نجد أن أدبيات الحزب المنطلقة من دستوره ونظامه الداخلي وتلك التي ظهرت بصيغة كتابات ومحاضرات قد ركزت على استنهاض الروح سواء على مستوى استحضار عوامل تعيد للإنسان العربي عميق صلاته بالإيمان، وانطلاقاً من الإيمان نحو تكوين ركائز حقيقة الأمة وحقيقة العوامل التي تصنع الفكرة القومية التي لا تبتعد بأية مسافة عن مخرجات الإيمان وروح الإيمان وما ينتج عنها من عناق لضرورة التغيير الذي لا مناص منه لإخراج الإنسان إلى فضاءات الإنتاج المادي المتناسب مع متطلبات الحياة والتطور.

 يعيب الماديون على البعث رومانسيته التي لم تفارق أدبيات مؤسسه القائد العربي التاريخي أحمد ميشيل عفلق، وصولاً إلى ما ظهر واضحاً في نظرية العمل البعثية التي أفرزتها تجربة الحزب الرائدة في العراق (١٩٦٨- ٢٠٠٣). وبعد هذه العقود من الأعوام نرى الآن أن رومانسية الطروحات البعثية في القومية وفي محتواها الفكري وشعاراتها إن هي إلا استخدام عبقري لارتباط الإنسان العربي بالروح وما يشتق منها في تعبيرات الحب والضمير والوجدان والمروءة والسخاء، وكلها خصال وسمات لا تنأى عن معاني الإيمان قيد أنملة لغرض تثوير الإنسان ثورة سلمية تبدأ بالانقلاب على ذاته ليصعد بها من درك حضيض الاستكانة والركون والسلبية إلى شموخ يمكنه من تحويل المجيد التليد إلى صلة وصل بعوامل النهوض التي يستحضرها في ثورته الناتجة عن رومانسية الأمة.

 الرومانسية البعثية ليست مشاعر جياشة عذبة تنبع من ضمير عاشق لتذوب أو تنصهر في مجاهيل فراغ في الفضاء البعيد، بل هي مشاعر نبيلة سامية مغمسة بعبق العطر الزاكي تؤجج عبر العشق الخلاق روح التحدي للواقع المريض وتخلق ميادين الثورة.

 رومانسية البعث هي عشق الحياة الطبيعية التي يستحقها العرب وحزم الألق التي تنير دروب العشاق، وهم ملايين من أحرار الأمة، يشكلون الطليعة ويؤثثون مسرح الغد، غد الوحدة والحرية والاشتراكية، ويؤطرون ثورة الجياع والأميين والمقهورين والعلماء العاطلين والأطباء والمهندسين المهمشين والفلاحين الذين يزرعون ويحصدون ولا يأكلون، يؤطرونها بأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.

 إنها رسائل العشاق الرومانسيين، وليس عشاق المادة وعبيد الدولار وأشقياء الخصومات مع الذات. 





السبت ٣ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الافتتاحية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة