شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

أمانة بطل التاريــخ

بقلم مهندس / سليمان فايد

كاتب وناشط سياسي

22 /  6  /2022م

 

هذه اللحظات يحسن في مثلها التوقف لتأكيد الأهداف ، وتجديد العزم ، وتذكير النفس بتلك الأمانة الكبرى التي كان يحملها ذلك العزم ، الذي تقدم إلى ساحات الفداء والاستشهاد بكل شجاعة واقتدار وثبات ، بحثاً عن المجد التليد ، وبذل النفس ، والجودُ بالنفس أقصي غايةِ الجُود ، فأرتفع إلي المقام الجليل ، مقام الصديقين والشهداء الصالحين: بطل التاريخ صدام حسين ، فلم يبقي أمامنا من سبيل سوى حمل الأمانة التي حملها ، ومواصلة السير في دروب الكفاح الشاق لتحقيق آمال امتنا في الوحدة والتحرير والتقدم والازدهار ، مستمدين من ذكرى كفاحه المجيد العزم علي مواصلة المقاومة ومستلهمين من مثله الفذ في التجرد ونكران الذات ، القدرة علي كبح  جماح أنفسنا وقسرها علي السير في طريق التضحية من اجل الأهداف التي عاش لها وعاشت لها أمتنا هذه القرون الطوال.

واعظم تبعات جيلنا الوفاء لأمتنا بالإخلاص لمبادئها والدفاع عن كيانها ، وأمتنا التي نتحدث عنها ليست دوله بعينها ، ذات حدود سياسية مرسومة ، بل هي تاريخ مشترك ، وتراث مشترك وأرض مشتركة ، في مواجهة عدو مشترك ، وأن الذين يقيسون أمة العرب ، بهذه النظم السياسية التي تظهر لتختفي وتتصارع فيما بينها ، ثم تدول ، لم يسبروا جوهر حقيقتها ، ولا يدركون أن تاريخ الأمة العربية البعيد أكد بأن الأمة العربية أمة واحدة  ، ولا يدركوا ما توحد العرب مرّة إلا حققوا النصر على أعدائهم ، والازدهار لمجتمعاتهم ، وما تفرق العرب مرّة إلا وذاقوا مرّ الهزائم ومرارة الفشل وقسوة العيش.

فالحديث عن وحدة العرب ، ليست حديث عاطفة ، بل هو حديث الوعي الذي ثقفه استقراء الماضي ومخاطر الحاضر ، وكل ذلك يوحي بأن تحديات الماضي ومخاطر الحاضر ، لا تستهدف قطراً بعينه من الأقطار العربية دون الأخر ، بل الخطر يواجه المنطقة العربية بأسرها ، والعدو لا يقنع بأرض أجتزاها من جنب العالم العربي ليقبع فيها وينعم بالاستقرار داخل حدودها ، لا .. ليس تلك نظرة العدو ، والذين يظنون أن الحل السلمي لقضية فلسطين سيوقف زحف العدو ، واهمون ، والذين يعتقدون أن الأمر في فلسطين لا يعنيهم  أشد وهماً وأبعد ضلالاً ، فالسرطان حين يصيب جزءاً من الجسم ، لا يوقفه وهم الواهمين ، لا يصدّ سريانه ضلال الضالين ، والعدو ينظر إلي منطقة العالم العربي في شقيها الاسيوي والأفريقي نظرة موحدة ، وهو يغذي في نفوس العرب روح التفرقة والولاء للإقليمية والقطرية ، ليَقتّ في عضدهم فيسهل عليه من بعد ذلك مواجهة كل قطر علي حدة ، كما فعل بنا من قبل.

كما أن وحدة العرب ، ليست سفسطة عقلية يتبجح بالحديث عنها الفلاسفة وتجار الكلام ، بل هي معركة مصير مهدد وعدو داهم ، لا بد للعرب أن يجددوا العزم ، وان يتكاتفوا ، وأن يقفوا أمامه موقف رجل واحد ، مثلما فعل العرب من قبل مع البيزنطيين ، ومثلها فعلوا مع التتر ، ومثلما فعلوا مع الصليبيين ، ومثلما كادوا أن يفعلوا بقيادة جمال عبدالناصر وصدام حسين.

 فالمعركة ليست معركة دساتير ، وليست معركة أحزاب ، كل منها يدّعي تمثيل العرب ، وليست معركة مزايدات وصياح يملأ الفضاء ، بل المعركة ، معركة جمع الصفوف في مواجهة الخطر الخارجي ، وكما أن الجسم الحي يستجمع كافة طاقاته لمقاومة المكروب الداهم ، فكذلك شأن العرب اليوم ، ولا يحسبن العرب أن أمر تجميع الطاقات هيئن ليئن ، فقد برهنت تجربة الأمس القريب ، أن هنالك في جسم الأمة العربية من هم أكثر شراً عليها من كل عدو، فالعدو الخارجي غايته صد العرب من غايتهم في الوحدة والتقدم والازدهار ، لتظل المنطقة أبداً تحت رعايته ، ولتصبح أبداً سوقاً لبضاعته ومصدراً رخيصاً لخدماته ، أما العدو الداخلي فيري في زحف التقدم وتصاعد وتيرة الزخم الثوري تهديداً مباشراً لمصالحه الموروثة ، لذلك كان هنالك وما زال حلف خفي أو معلن بين العدو الداخلي ، وبين العدو الخارجي الغربي الأمريكي راعي حمي إسرائيل.

إذاً الدعوة للوحدة العربية ليست شعاراً سياسياً أرفضه أنا وتقبله أنت ، وكأن الأمر أمر اختلاف في وجهات النظر ، بل هي قضية وجود ومعركة مصير ونضال مستميت من أجل البقاء في وجه قوى شريرة ، تستهدف أخص خصائصنا ، وتسعي لتحطيمنا حضارياً واقتصادياً وجغرافياً لتظل لها السيطرة والنفوذ في المنطقة العربية.

لقد برهن لنا القائد الشهيد صدام حسين – رحمه الله وجعل الجنة مثواه – أن وحدة الأمة العربية ، هي وحدة مصيرها ، وتطلعها مستقبل ، لا قيد فيه ، ولا استعمار ، ومن هنا يستمد النضال العربي موضوعتيه وحتميته ، هو نضال من أجل تحقيق الذات العربية ، وتحقيق الذات لا يكون إلا بإنتفاء كل المعوقات والمخاطر التي تحول دون تحقيق الذات من أوضاع متخلفة واستكانة للمستعمرين ، وسبيله كفاح لا ندخر فيه وسعاً مع قوى الشر والعدوان في الداخل والخارج حتي نحقق آمال وطموحات واحلام أمتنا العربية.






الاحد ٢٦ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سليمان فايد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة