شبكة ذي قار
عـاجـل










 

رحيل قامة عربية شامخة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"

صدق الله العلي العظيم

 

  ببالغ الحزن و الأسى وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة قامة عربية شامخة هي الأكاديمي والإعلامي والمهني وشيخ المعلّقين الرياضيين المغفور له الأستاذ الكبير مؤيد البدري. ذلك الإنسان الوطني المحب لوطنه والوفيّ لشعبه، الصادق الأمين على الأمانة التي أوكلت له، والتي جسّدها بعشقه للعراق والأمة العربية.

 

كان مؤيد البدري مولعاً بعالم كرة القدم منذ أواسط الخمسينات، حيث كان يمارس مهمة التحكيم في المباريات، وبعد نيله البكالوريوس سافر لدراسة الماجستير في علوم الرياضة التي نالها من الولايات المتحدة ليعود بعدها إلى وطنه العراق حيث أصبح وبجهوده الحثيثة، واحداً من ألمع نخبه. عمل في التدريس، ونشط في الإعلام الرياضي التلفزيوني، كما عمل قائداً رياضياً في اللجنة الأولمبية العراقية والاتحاد العراقي لكرة القدم، وشارك في عضوية اللجان والاتحادات الرياضية العربية والإقليمية والدولية. 

وكان آخر عمل قام به هو إدارة النادي العربي في دولة قطر. وبذلك أصبح ظاهرة عربية متميزة حيث رفع اسم العراق والأمة عالياً في كافة الفعاليات التي شارك فيها.

 

لم يكن يوماً رحمه الله منتمياً إلى أي حزب سياسي فقد كان العراق والوطن العربي حزبه، والرياضة والرياضيين العرب قاعدته، فأحبته الجماهير وأحبت صوته، وشفافية تعبيراته خلال التعليق على مباريات كرة القدم التي تفوق فيها وتربَّع على عرشها دون منازع.

 

 لقد تميز ببراعته وأسلوبه الهادف والشيِّق في الوقت نفسه، فمزج وبأسلوب بسيط وسَلِس التعليق الرياضي، بالتحليل العلمي والمهني والوطني، جامعاً بين الرياضة وحب الوطن، فساهم في خلق وعي رياضي متطور وهادف، وصنع أجيالاً صاعدة تحب الرياضة، واعية لدورها في بناء الإنسان السليم القائم على أسس وطنية هادفة. ولا ننسى تعليقه الحماسي على مباراة العراق وإيران في تصفيات شباب آسيا عام ١٩٧٧ والتي بقيت محفورة في ضمير كل العراقيين والعرب.

 

كما ساهم برنامجه الأسبوعي "الرياضة في أسبوع" وعلى مدى عقود طويلة بخلق الوعي الرياضي الرصين الهادف، فكانت تنتظره الجماهير برجالها ونسائها وشبابها وأطفالها في كل بيت، حتى حقق أعلى نسب مشاهدة لم يضاهيها أي برنامج تلفزيوني آخر رياضي كان أو غير ذلك.

سيبقى أبو زيدون عشقاً عراقياً عربياً جميلاً يُذكَر مع نبضات القلوب، فلقد غيبه الموت والغربة والإهمال الحكومي بعد احتلال العراق الجريح، حيث تُرِك ولم يسأل عنه أحد، شأنه في ذلك شأن كل الكفاءات والنخب العراقية التي أفنت عمرها في خدمة العراق، والمتروكة للإهمال والنسيان في الخارج.

 

رحل مؤيد البدري وعينه ترنو إلى العراق، ولسان حاله يتمنى أن يعود العراق عربياً أبياً ويعود إليه ليحتضنه ترابه الغالي.. ولكن سهام الموت امتزجت بوحشة الغربة فأصابته واختطفت روحه الطيبة.

 

رحل من كان قلبه ينبض مع كل ضربة كرة، عشقاً ووطنية، رحل من كان صوته يرسم صورة العراق العظيم الذي تغنى بإنجازاته الرياضية وكان علامة خير في كل موقعة ومنازلة. لذا كان حب الناس أجمل وسام حصل عليه في حياته.

 

مؤيد البدري ظاهرة لن تُقلَّد، كان إطلالة تعلوها الابتسامة الرصينة الهادئة وتؤطرها علامات العلم... والصدق ... والوطنية، أصالتها تتجذر في أرض العراق وعطرها يفوح بمحبة الناس.

 

لقد نقش مؤيد البدري اسمه في صفحات الخلود تحتضنه قلوب وضمائر العراقيين، لا يُذكَر إلّا ويُذكَر معه الطيب والمسامحة والكفاءة والمقدرة.

فوداعاً لرمز كبير من رموز الغيرة العربية والإباء العراقي...

نم قرير العين عند رب رحيم، ملتحقاً بركب شهداء العراق مع النبيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

 






الاحد ١٢ ذو القعــدة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / حـزيران / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والإعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة