أبو
فرات العراقي
وتمر السنوات وتمضي، وتنقضي الأشهر
والأيام الصعبة، وتعود البوصلة من جديد، وحال وأحوال أهل العراق لم يتغير ولن
يزدهر ويتقدم قيد أنملة إلى الأمام بل يراوح في مكانه وباق على ما هو عليه، وما
يملكه قبل الغزو والاحتلال، بالرغم من
تباين مقومات الحياة والتطلع إلى العيش الكريم الرغيد نحو الأحسن والأفضل كما يعيش الناس من حوله
علماً أن العراق من الأقطار العربية المنافسة بالمنطقة بالثروات والخيرات والأموال وما يملك أهله من
مؤهلات علمية وقدرات معروفة يشهد لها الجميع، لكن بقيت تلك المعاناة الإنسانية
اليومية والأوجاع طاغية وموجودة بعد فقدان الأمن والأمان والاستقرار والسلام وأبسط
الحاجيات التقليدية الخدمية وظهور مشاكل وظواهر اجتماعية جديدة غريبة وعجيبة وشاذة
بالمجتمع ودخيلة، ليستمر التآمر من أصحاب العقول الصغيرة الفارغة والنفوس
الانتقامية الحاقدة الذين يتقدمون المشهد
السياسي وكل الأعمال الإجرامية الخبيثة والأفعال الشنيعة التي لم تشف الغليل المريض، ولن تشبع السرقات
والنهب والسلب دناءة الأنفس والتسلط والاستبداد والظلم والطغيان.
لقد باتت اليوم الثورة الشعبية الشاملة
الموحدة هي تأكيد برهان التغيير والخلاص والتحرير والنصر الحاسم وأمل العراقيين
المنتظر تحقيقه بعد شتات ومفارقات السنين العجاف التي مرت على العراقيين وما وقع
عليهم من معاناة وانتهاكات على الصعد كافة، على انتظار وطموح وأمل ويقين لإحياء
الرغبات والطلبات التي أفشلت المشاريع والمخططات والأحلام وماتت خلال السنوات الفائتة والتي عبرت عنها
الأجيال اللاحقة، وضاق حال البعض الذي كان يعيش الغربة والقيود والتهجير المنظم
والاقصاء وهو داخل الوطن، وكأنه يعيش في
سجن مفتوح ضائع بين الأحلام ونيل الحقوق وفقدان القيم والمبادئ والأخلاق والثوابت
والأصول وغياب العادات والتقاليد والأعراف وانتشار الأمراض الاجتماعية والظواهر
الدخيلة الإجرامية المخلة بالشرف والأمانة، والتي يندى لها جبين الإنسانية البعيدة
كل البعد عن المجتمع العراقي الملتزم
المنضبط، ولم يكن يعرف تلك الظواهر العجيبة والغريبة قبل العدوان والغزو والاحتلال
الأمريكي والنفوذ والاستبداد والتسلط الإيراني، وفرض العصابات الرسمية الخارجة عن
القانون والميلشيات الولائية والوبائية الإيرانية المجرمة وتنصيب الخونة والعملاء
والجواسيس والفاسدين والمزورين المعروفين وما خفي عن الأنظار والإعلام هو أدهى
وأعظم.
ثوار ثورة تشرين العظيمة ومعهم ومن ورائهم
الشعب العراقي الأصيل الصابر المحتسب الذين صنعوا معجزات التغيير والخلاص وقربوا
المسافات من خلال الصمود والثبات الأسطوري والإصرار والتضحية والفداء وكسر حاجز
الصمت والخوف والتردد منذ الأيام الأولى للثورة التي حاول الأوغاد مواجهتها وتكتيم
الأفواه خوفاً من الامتداد والتوسع في كل المحافظات، وقد ارتكبوا الجرائم وكل
أنواع أعمال الخسة والنذالة والعدوان والانتقام التي يشيب من هولها الوِلدان.