شبكة ذي قار
عـاجـل










المنطقة في مواجهة الصيف الساخن

الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي

 

أثار توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن في 10 أيار 2022  مرسوماً يمدد "حالة الطوارئ الوطنية" المتعلقة بالأوضاع في العراق وسوريا ودول إفريقية لعام آخر، جدلاً وتكهنات وتحليلات مضحكة من جانب حلفاء طهران وتم تصوير الموضوع كأنه مؤامرة جديدة على العراق وسيادته ونسي الجميع أنهم يعيشون في ظل الرعاية والحماية للمحتل الأمريكي البريطاني منذ نيسان 2003 مثلما تناسوا أنهم لم يكونوا يحلمون بالحصول على أي منصب أو جاه أو يصبحوا من أصحاب مليارات الدولارات لولا انهم مرضي عليهم من العم سام لخيانتهم للعراق ولكفاءاتهم غير المحدودة وخدماتهم الجليلة للاحتلال ..

جاء في المرسوم "إنني أمدد لسنة إضافية واحدة نظام حالة الطوارئ المعلنة رداً على إجراءات الحكومة السورية". وبالإضافة إلى ذلك، وقع بايدن أوامر مماثلة لتمديد نظام حالة الطوارئ في بعض جمهوريات إفريقيا الوسطى والعراق، أعلنت أمريكا إبان حربها العدوانية على العراق بموجب أمر تنفيذي حالة طوارئ في العراق، للتعامل مع ما سمته بالتهديد غير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية، وذكر في المرسوم، "ما تزال العقبات تعترض إعادة إعمار العراق واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما". وأضاف أن تطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق، تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية الولايات المتحدة” وقرر بايدن تمديد حالة الطوارئ الوطنية حول العراق والتي تم الإعلان عنها بموجب أمر تنفيذي صادر منذ سنة 2003 لمدة سنة كاملة إلى ما بعد تاريخ 22 مايو الجاري وهو الموعد المفترض لانتهائها.

 

تراجع أمريكي غير مفاجئ

إن قرار بايدن الأخير يمثل ضربة بوجه المساع لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وأن من كان يحلم بأن الأمريكيين يمكن أن يتركوا العراق فحلمهم لم ولن يتحقق، وفي حال مورست ضغوطات على القوات الأمريكية المتواجدة فهي ليست لها تأثير خاصة في إطلاق صواريخ الكاتيوشا، مع ملاحظة أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تحاولان اضعاف هيمنة  نظام طهران على العراق مع تزايد الاعتقاد بأن الملالي تخلوا عن الفصائل الموالية لهم وربما يشمل ذلك حتى عملائهم من السياسيين، علماً أن الجماعات الموالية لنظام طهران كانوا يعتقدون أن بايدن سيوفي بوعود سابقة  بسحب القوات القتالية الأمريكية لتخفيف  الضغط السياسي على الكاظمي من الميليشيات الموالية لإيران والتوترات الداخلية في العراق، ونسوا أو تناسوا أن أمريكا وبريطانيا لن يتركوا العراق إلى ما شاء الله رغم أنهم حلوا ضيوفاً ثقيلين وغير مرحب بهم من العراقيين الشرفاء ومعهم نظام الملالي وذيولهم.

 

حاكم جديد في العراق

عين نظام طهران، محمد كاظم آل صادق سفيراً جديداً له في العراق، بسبب اخفاق سلفه مسجدي في ضبط الأوضاع داخل العراق، بعد اغتيال سليماني كان آل صادق يشغل منصب النائب الأول للسفير الإيراني السابق، إيرج مسجدي، قبل تعيينه بمكان مسجدي، ويعرف الأخير بقربه الكبير من "الحرس الثوري" الإيراني، ويحظى السفير الإيراني الجديد بعلاقات واسعة ومؤثرة مع قادة القوى الشيعية والسنية المقربة من طهران، وإن آل صادق عمل مستشاراً لقائد "فيلق القدس" الإيراني الحالي، اسماعيل قاآني ويُعرف بأنه ظل قاآني في السفارة الإيرانية في بغداد.

محمد كاظم آل صادق السفير الإيراني (الجديد) في العراق. وُلِدَ في النجف  في العراق من أسرة حوزوية علميّة معروفة، وهو الأخ الأصغر للعلّامة الأديب الشاعر "الشيخ محمد رضا آل صادق " يجيد العربية واللهجة العراقية بطلاقة ويبدو أن أحد أسباب إزاحة إيرج مسجدي من منصبه والمجيء بنائبه آل صادق هو تصاعد حدة الخلافات بين مسجدي وقاآني حول العديد من الملفات في العراق، وأهمها العلاقات مع قادة "المليشيات المسلحة".

 أكدت مواقع إيرانية معارضة أنه خلال "انتفاضة تشرين" التي اجتاحت العراق منذ أواخر عام 2019، وفقا لتقارير مستقاة من داخل النظام الإيراني أشارت إلى أن السفير السابق مسجدي هو من كان يعطي الأوامر بفتح النار على المحتجين في العراق".

وبعد الهجوم الإيراني الباليستي على أربيل الشهر المنصرم، نشر معهد "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" تقريراً أوصى في الإدارة الأميركية والدول الغربية بتشجيع العراق على طرد مسجدي، كونه لا يعتبر دبلوماسياً عادياً بسبب نشاطه في "الحرس الثوري"، الذي تبنى مسؤولية الهجوم "الباليستي" على أربيل شمال العراق

وغالباً ما تختار إيران سفراءها في الخارج وخصوصاً في الدول القريبة منها أو التي لها مصالح استراتيجية فيها وتسعى لتوسيع نفوذها بداخلها، ممن ينتمون إلى "الحرس الثوري"، الذي يعد الواجهة المخابراتية والعسكرية للسلطات الإيرانية.

منذ سنوات عديدة تمر إيران بأزمة اقتصادية ومعيشية خانقة نتيجة العقوبات الدولية المفروضة، بسبب برنامجها النووي، الأمر الذي انعكس على سعر صرف العملة وزيادة في التضخم. وقدر البنك الدولي معدل التضخم في إيران بنحو 43 بالمئة سنة 2021.حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق في البلاد، إزاء ذلك تندلع سلسلة من الاحتجاجات من مختلف القطاعات المهنية والخدمية، وخاصة قطاع التعليم (المعلمين) في إيران، من حين لآخر على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية والقرارات الحكومية الجائرة بحقهم، واندلعت منذ الأسبوع الماضي سلسلة من الاحتجاجات الشعبية في محافظات إيران، رفضاً لقرار الحكومة برفع أسعار بعض المواد الغذائية ولسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عموماً، حيث توسعت الاحتجاجات لتشمل معظم المدن الإيرانية وسط انقطاع واسع لشبكة الإنترنت.

 

مواصلة الاحتجاجات في إيران

منذ نحو أسبوع اندلعت احتجاجات في خوزستان جنوب إيران ذات الغالبية العربية على خلفية قرار حكومة إبراهيم رئيسي رفع الدعم عن السلع الأساسية من بينها الطحين والزيوت والدجاج واللحوم والألبان وغيرها، الأمر الذي تسبب بزيادة كبيرة في أسعار السلع، وبحسب تقارير صحفية إيرانية، أن "قوات الأمن الإيرانية في وسط محافظة شهرمحال وبختياري، قامت بإطلاق النار في الهواء والقنابل المسيلة للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين، وأطلقت عدة أعيرة نارية على المحتجين". ومن بين الشعارات التي رددها المتظاهرون في مدينة جنقان ضد السلطات الإيرانية: "الموت لخامنئي" و "عار على رئيسي" و"يا رئيسي إذا كنت تستحي، فتنحى".

وعلى مدى الساعات الماضية، صدمت مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل مئات الإيرانيين. فقد أظهر العديد منها تقاتل المواطنين على المواد الغذائية والسلع، فضلاً عن تكسير ونهب بعض المحال بهدف الحصول على سلع غذائية، لاسيما بعد رفع أسعارها بشكل مفاجئ من قبل الحكومة الإيرانية. كما بينت الفيديوهات الزبائن المذعورين يجتاحون المتاجر ويعبئون المواد الغذائية الأساسية في علب كراتين وأكياس بلاستيكية كبيرة.

 

مهند نعيم يفعل الخط الساخن

تفاجأت كما تفاجأ آخرون مثلي (وفق ما وصلني) من تفاصيل عن مقال نسب إلى مهند نعيم مستشار الكاظمي رئيس الوزراء الذي على ما يبدو أثار حفيظة وغضب كثيرين، مشيراً إلى أن العراقيين حالياً عبارة عن "لطامة وتجار مخدرات وقجقجية وبوخات ومهربجية"، وجاء أيضاً في مقال نعيم الذي نشره على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، تقسيمه العراق إلى ثمانية أقاليم قائلاً "إقليم الدكات والنهب العشائري والديني الهمجي.. ويتكون من أربع محافظات وهي البصرة وميسان وذي قار والمثنى"، مشيراً إلى أن "هذا الإقليم يعمل على بث القيم والكرم والأخلاق صباحاً، ليستبيح العراق بالمخدرات والسلاح المنفلت والفصول المحرمة مساء".

وتابع "إقليم الفقر والجهل.. ويتكون من بابل والقادسية وواسط.. وتكون ثرواته مبنية على الخرافات والمراقد (الدمج) وتقبيل أقدام الأجانب بحجة (زائرين) وهم يعرفون جيداً أن أغلبهم تجار مخدرات، ومثيلي الجنس"، وأردف "إقليم اللطم ... وهو إقليم كربلاء والنجف الذي يكون مبني على دفن الموتى والتجارة بالموت والنعي وبيع الأكفان وماء الورد على المقابر" وتوزيع البكاء والحزن على زائري الإقليم مقابل مبالغ مهولة تكدس في بريطانيا، لصانعة الكراهية في قناتي صفا وأهل البيت المتجاورتين هناك بكل لطف". وإن بغداد.. بحسب الدستور المستعجل، لن تكون إقليم إلا أنها ستكون مرتع للمراقص والملاهي والمياعة وبنات الليل والخمارة، بحجة التحضر والتمدن...

وفي الحقيقة إن عصابات الجهاد في الجادرية وزيونة وخواتها هي المتحكمة بهذه الدعارة حتى باتت تستورد الداعرات من سوريا ولبنان وربما أوكرانيا قريباً. نصرةً للمذهب". وإن إقليم الأنبار إقليم الرعيان الذي يتسم بالجلافة والدكتاتورية وقمع الحريات والبداوة المبطنة والتي تتمكيج بالحرية والتعددية العشائرية وليس الإنسانية وتطمح كثيراً لقيادة العراق بدون مؤهلات سوى قدرتها على مسح كالوش الآغا. ومن يتسابق على مسحه". وتابع أن هناك "إقليم الثول وهو يشمل ديالى وكركوك اللتان تعانيان من فقدان الهوية وتعتمدان على منابع الجارة من المياه لإنعاش البساتين من جهة وتهريب النفط ومشتاقاته إلى أفغانستان من جهة أخرى. ونسيت التعايش المتنوع السلمي لسكانها وارتضت بمد اللسان للحس بساطيل الأقوى".

وأيضاً تحدث مستشار رئيس الوزراء عن "إقليم البوخة وهو إقليم صلاح الدين والموصل والذي يعتمد على خيلاء الماضي وصراعات الحاضر بين سامراء وتكريت من جهة وبين مركز الموصل والجزيرة من جهة أخرى"، لتكون المحصلة هي مجرد عوائل تافهة غنية تتحكم بمصير هذا الإقليم رغم بروز سراق الأبقار في صلاح الدين ولاحسي بساطيل حامي الأعراض في نينوى".

 وأشار المستشار المذكور إلى أن " إقليم كردستان التهريب وهو الإقليم نفسه الآن من دهوك وأربيل والسليمانية" .


توقعات لا تسر طهران وعملائها في العراق

رغم أن العراقيين لم يعودوا يثقون بما يوعدوا به إلا أن واقع الحال وتدهور الأوضاع بكل نواحيها في العراق وما خرجت به السياسات غير السليمة للأمريكيين وإطلاقهم أيادي الشر لملالي إيران في نواحي الحياة وإحساس المسؤولين الأمريكيين بعدم مصداقيتهم مع الشعب العراقي، كل ذلك وغيره دفع بالإدارة الأمريكية إلى تسليم ملف العراق إلى بريطانيا، ولأنها هي من خططت واقع المنطقة منذ أكثر من مائة سنة مثلما خططت لجلب خميني وتسليمه حكم طهران، تحاول بريطانيا إعادة إنتاج سياسة أخرى ربما ستغير موازين الأوضاع وتحلحلها لغير صالح نظام طهران وعملائه، ونظن أن الأشهر القريبة القادمة حبلى بالتوقعات!!!

 






الثلاثاء ١٦ شــوال ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أيــار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة