شبكة ذي قار
عـاجـل










السياسات الدولية والإقليمية تقلبات استراتيجية وأثرها على الوطن العربي – الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

شهدت سياسات اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط  أمريكا وحلفائها الغربيين  ومن يدور في فلكهم  والاتحاد الروسي المتطلع لإعادة المجد السوفياتي تقلبات مهمة واستراتيجية خلال الأعوام التي تلت ما يسمى بالربيع العربي وتمثلت معظم هذه السياسات بالغموض فيما يتعلق بحل الأزمات الساخنة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان الذي يعاني من اختطاف الدولة من قبل حزب الله ، والتدخل الأمني غير المباشر بما في ذلك تقديم السلاح للمليشيات أو المرتزقة كما يفعله الإيرانيون والأتراك  ، وأخيرا التدخل العسكري المباشر كما بدى من توجهات روسيا وأميركا  وبريطانيا وفرنسا ، ورغم تفاقم الأزمات إلى حروب دموية طاحنة غير أن أطرافا فاعلة في النظام الدولي - أوروبا وروسيا وأميركا -  تبدو غير قلقة على مصالحها من هذه الأزمات ، وتمارس سياسات متناقضة حتى مع مبادئ القانون الدولي من ضرب بالطائرات ودعم لإرهابيين  ،  وتشجيع للعنف المتبادل ولا مبالاة باللاجئين في المنطقة الذين بلغ عددهم أكثر من 17 مليون لاجئ حتى نتيجة الحروب الداخلية  والصراعات السياسية بين القوى والأحزاب التي تمثل  تلك القوى او تتخذ منها مضلة للدفاع والحماية  ، وبهذه السياسات تضع الشرق الأوسط  وخاصة الوطن العربي في أتون حرب تحرق الإنسان والحضارة وتستنزف الموارد المادية  والبشرية لتُحيلها إلى كيانات هشة ومقسمة لا تكاد تؤمن بأنها موجودة في عملية تفكيك وإضعاف ممنهج بعد أن أصاب التمزق الداخلي هذه الدول ، وكان القائد الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله قد طرح في وقت مبكر منذ الثمانينيات رؤية علمية دقيقة لمسألة الاستقطاب الدولي وهيمنة القطبين الأمريكي والسوفيتي على المؤسسات الدولية وبالتالي على السياسة الدولية  فقال في نضالنا والسياسة الدولية {{   أن الكون لا يمكن أن يبقى محكوما بقطبين وأن عصر انفراد القطبين الأمريكي والسوفيتي بالسياسة العالمية آيل إلى الزوال قريبا  وأن أقطابا جددا ستظهر قريبا لتحتل مكانها في السياسة الدولية إلى جانب القطبين الكبيرين وأشار إلى قرب وحتمية صعود أقطاب جديدة مثل الصين والهند والبرازيل }}  وبالطبع تبتعد هذه الأفعال العنيفة عن الكيان الصهيوني بالتالي تحقق هدوء وارتياحا أمنيا واقتصاديا له لان تلك القوى المتصارعة  تلتقي في موضوع امن الكيان الصهيوني ودعم تفوقه وقدراته العسكرية والاقتصادية ، ورغم الحذر الذي يشوب ذلك بسبب ضعف السيطرة على مخرجات هذه السياسات متعددة الأطراف والأبعاد والأهداف حتى بين الدول الكبرى وخير دليل الحرب الروسية الأوكرانية والتي في حقيقتها بوابة الحرب الكونية الثالثة لأنها تعبر عن ارادتين اولاها عودة روسيا الى لاعب فاعل دوليا وإقليميا ومنع تمدد حلف الناتو على حسبا امنها القومي  والثانية احتواء أوروبا الشرقية من قبل أمريكا بالدرجة الأساس وجعلها بالمباشر في حلبة الصراع الأمريكي الغربي الروسي  ، وقد تهدف هذه التحولات في النهاية إلى إعادة تموضع عميقة بين القوى السياسية والاجتماعية الشرق أوسطية المحلية والإقليمية وهناك امثلة كثيره منها استباحة العراق إيرانيا" تركيا" والطرفين يعملان من اجل انبعاث مجدهم الامبراطوري وان اختلفا في الرؤية  والعلاقات المستقبلية ، أو التواجد العسكري تحت يافطة المرتزقة تركيا في ليبيا والاذرع الإيرانية الولائية الصفوية في اليمن ولبنان والعراق وسوريا  ومناطق عربية أخرى ،  ولتجعل من هذه الدول المتأزمة دولا فاشلة سواء بالفيدرالية أو الحكم الذاتي ، أو المحاصصة الطائفية والإثنية والقبلية والجهوية  أو بتوازن المليشيات المسلحة للأحزاب السياسية ، وتُضفي على أي شكل من ذلك صفة الديمقراطية  كما هو الحال ما بعد الانتخابات في العراق وما يراد له في ليبيا  ولبنان ، ومن ذات المنطلق تعاملت قيادة  ثورة  17 – 30 تموز 1968  مع  تركيا وإيران في عهديّ الشاه والخميني وسعت لقيام علاقات حسن جوار قائمة على المبادئ المشار إليها أعلاه  ،  لكن إيران في العهدين كلاهما سلكت متعمدة سياسة الإضرار بمصالح العراق الوطنية  خاصة والعربية الخليجية عامه والتوسع على حساب سيادتهم والتدخل في شؤونهم الداخلية وقد تسببت السياسة الإيرانية باندلاع أزمات متواصلة تمثلت  باحتلال الجزر العربية الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى  والادعاء بإرانيه البحرين  وباصطدامات عسكرية على الحدود الشرقية للوطن العربي مع العراق تحت عنوان تصدير الثورة الإسلامية  لبلد هو الاعرق منهم اسلاما" ودعم عسكري غير محدود قدمه الجيش الإيراني في عهد الشاه للمتمردين الانفصاليين الأكراد ، فضلا عن تمرير كل أشكال الدعم الصهيوني العسكري والاستخباري والمادي لهم عبر الأراضي الإيرانية ، كما أدت هذه السياسة الإيرانية إبان عهد خميني إلى شن إيران الحرب الشاملة على العراق لمدة ثمانية أعوام وما لبثت إيران أن قدمت بعد وقف الحرب أدلة صارخة على سوء نيتها إزاء العراق من مخططات توسعية شوفينية معادية للعراقيين والعرب

 

يتبع بالحلقة الثانية






الاربعاء ٢٥ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة