شبكة ذي قار
عـاجـل










من يحمي أمن المواطن من السلاح المتفلِّت وسارقي قوت الشعب !!

نبيل الزعبي

 

بأسلوبٍ استفزازي تماماً يذكرنا بالطريقة "الهوليودية " في فرض الرعب على الناس، خرج علينا مؤخراً اثنين من وزراء "حكومة معاً للإنقاذ " (الزراعة والاقتصاد ) بمواقف "سينمائية " بحته وهما يداهمان أحد اسواق الخضار والفاكهة برفقة حماية أمنية مدججة بالسلاح ، أحاطت بالوزيرين بشكلٍ دائري حيث كان الأول يتفقد حبة من حبات الملفوف الكبار ، والثاني يتصور وبيده "ضمّة" من البقدونس وخَسّة، يقربّها من أنفه، في مشهدية لافتة أثارت سخرية من شاهد "الحدث" الكبير على هوائيات الفضائيات وشبكات التواصل ، بالقدر الذي فاقم من حيرة الناس على واقع لبناني سوريالي محيّر لا يمكن وصفه سوى ب " المسخرة" التي فتحت شهية الغالبية العظمى من الناس الذين شاهدوا وكتبوا وعلّقوا ولم ينقصهم سوى استخدام "الشتيمة "وتلك صارت من ابغض الحلال لدى اللبنانيين ، سيّما وان الاسعار في هذا السوق وفي اليوم التالي على زيارة الوزيرين ، رُفِعَت الى الضعف وما فوق ، في وقت تجاوز فيه سعر ضمة البقدونس مثلاً ، الاثني عشر ألف ليرة، والخسة أربعين الفاً .

في المقابل ، تشهد مدينة طرابلس ، وتحديداً في المنطقة السكنية التي يقطنها وزير الداخلية في شارع المئتين ، اعتصامات شعبية متكررة تطالب بوضع حد للفلتان الامني والتعديات والسرقات التي تحصل بين يومٍ وآخر في تلك المنطقة بالذات التي تحولت بعد تعيين الوزير الى منطقة امنية ووجدها اللصوص فرصتهم "الذهبية " لاستكمال عملهم بكل راحة على طريقة ان الحرامي كلما كان قريباً من المخفر ، كلما ابعد الأنظار عنه.

وبالرغم ان الوزير المذكور مشهود له بالآدمية والطيبة ، فإن هاتين الصفتين لا تكفيان لرجل دولة مسؤول عن الامن الداخلي في البلاد ، سيّما وان الوزير سبق له وتباهى ان مربعه الامني الذي يقع فيه منزل عائلته تحول الى ثكنة عسكرية لاستتباب الامن ، (نداء الوطن ٩/٤/٢٠٢٢)، بينما على بُعْد عشرات الامتار منه تتواصل اعمال الاقتتال "العائلي" المتمادية بين ابناء المناطق الشعبية خاصة في التبانة ومحيطها ، والتي عمل الوزير على التخفيف من تداعياتها باعتبارها "شخصية وعائلية "ولن تؤثر على مسار العملية الانتخابية في منتصف ايار القادم ، غير مدركٍ للتداعيات الخطيرة الناجمة عن اعمال الثأر والثأر المضاد الحاصلة بشكل مخيف هذه الايام استغلالاً لغياب الامن والامان في كل مناطق لبنان دون اي استثناء فيها ، وان عدم وضع الحدود الامنية والقضائية الجذرية لها ، ستجعلها تتفلّت بشكل لن يخلوَ منها اي بيت وشارع وحي لبناني وبالتالي فلينتظر اللبنانيون شريعة الغاب كي تفصل بين مشاكلهم وخصوماتهم الخاصة غير المرتبطة اساساً بالاستحقاق الانتخابي وانما سيتفاقم الفلتان الامني وتتكاثر عمليات السرقة التي تحولت الى وضح النهار ، فلم يعد اللصوص ينتظرون "رزقهم" ليلاً المخصص لراحتهم وقد تُرِكوا يسرحون ويمرحون في وضح النهار ، يخطفون للمطالبة بالفدية ، ويبتزون للسطو على رزق من لا ظهيراً امنياً له يحميه ، ويمارسون التشبيح على الكبير والصغير في البلد .

ثم لنفترض أن ما يجري لا تأثير له على الانتخابات، هل نترك الامن سائباً على هذه الحال ، وهل نترك للانتقام ان ينتقل من بيت الى بيت لتتعمّق الاحقاد والضغائن بين الناس ، ونستفيق كل صباح على وقوع قتيل من هنا وهنالك ، فيما أن أولى مهام وزارة الداخلية اللبنانية هي وضع استراتيجية طويلة المدى للوضع الامني في لبنان سواء كان ذلك قبل الانتخابات او بعدها لسنوات وسنوات ، غير ان قصر النظر لدى المسؤولين وللاسف، يجعلهم يعالجون الاوضاع على القطعة وكل يوم بيومه ، متمثلين على ما يبدو بما تعتمده وزارة الاقتصاد بدورها من طرق وهي تعالج ارتفاع الاسعار بتلك الاساليب المسرحية التي تعجز عن مداهمة المستودعات التي تحتكر الغذاء والدواء ،وتقتصر جحافلها المدججة بالسلاح لتفقد الملفوف والخس والبقدونس، وتلك لعمري ثالثة الاثافي التي ما بعدها آفة حين تتحول المعالجات الاقتصادية والامنية بهذه السطحية والخفّة ، لنسأل معها وزراء الزراعة والاقتصاد والداخلية الذين لا نشك بآدميتهم :

ماذا يتبقى للمواطن من أَوَد للعيش حين يفقد الامن والغذاء والدواء معاً ، ويفقد معهم الحد الادنى من الحياة البشرية الكريمة ، في وقت مصيري كم نحن بحاجة الى وزراء يضربون بالقبضة الفولاذية ، اليوم قبل الغد :

-كل سلاح متفلِّت لا يقتل برصاصه العشوائي سوى الابرياء.

-وكل قاطع طريق يسلب المارة على الطرقات جهاراً نهاراً.

-وكل محتكر يمنع حليب الاطفال من الوصول الى مستحقيه ويخفي الدواء عن الذين ينتظرون موتهم الرحيم بين الليلة واليوم....

وكل هؤلاء معروفين للجهات الامنية كافة ، ومن العار ان يُتركوا وهم يسرحون ويمرحون على رفاة العباد .

إنها مسؤولياتكم الاساسية ايها السادة الوزراء الذين نقدّر لكم طيبتكم وانكم الاوادم واولاد البيوت ولكن : هل تكفي الطيبة والآدمية لوحدها هذه الأيام !


١٨/٤/٢٠٢٢






الاثنين ١٦ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة