شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى الخامسة والسبعين لولادة البعث:

البعث عقيدة لا تقبل الثلم ولا التجزئة

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس

 


مقدمة:

إما أن تكون بعثياً أو أن تجد لنفسك عنواناً آخر، البعث فكرة ونظرية وعقيدة متكاملة لا تقبل التجزئة قط، والبعث انتماء تنظيمي تحكمه ضوابط معروفة، فلسطين قضية العرب المركزية وتحرير العراق مفتاح وكلمة سر وشفرة تحريرها، القطرية عنوان للتجزئة التي فرضت على العرب، ولا توجد هوية قطرية تعلو على الهوية القومية، ولا يمكن لبعثي أن يبرر أي ترجيح للقطرية على المصالح القومية العليا. ليس في عقيدة البعث بناء وتعمير وتطوير لقطر إلا ضمن منهجية تكوين الأمة.

 

البعث وفلسطين:

هذه عقيدة البعث بوضوح لا لبس فيه: لا أمة عربية بدون فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، فلسطين ليست ملكاً للفلسطينيين وحدهم كما بغداد والقاهرة والخرطوم وصنعاء والمغرب ودمشق وبيروت مثلاً، ليست ملكاً لسكانها فحسب بل هي ملك لكل الشعب العربي.

اعتراف بعض شعب فلسطين وقواه السياسية بحل الدولة وبالتفاوض مع الصهاينة رأي بعض الفلسطينيين وليس كلهم أولاً وهو لا يفرض على الأمة التي تعود ملكية فلسطين لها وليس للفلسطينيين فقط. أي اجتهاد فلسطيني يحترم لكنه لا يفرض على الأمة ولا يشكل ذريعة للتراجع عن هدف التحرير الناجز لكل الأرض.

هذا معنى مركزية القضية الفلسطينية الذي أوجده البعث وقدم من أجله تضحيات جسيمة ولا زال يقدم.

إذا كان هناك من يسمي نفسه (نخباً بعثية) دون أن يلزم نفسه بالتنظيم ويسمح لنفسه باعتبار اجتهاد بعض الفلسطينيين بديل ملزم وما سواه مزايدات، عليهم أن يعيدوا لنا أرواح من فقدناهم على مذابح فلسطين وعليهم أن يجعلوا العرب ينسون هتاف الشهيد صدام حسين وهو يعتلي منصة الشهادة: عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر. وعليهم أن يحرقوا كل ما كتبه الفقيد أحمد ميشيل عفلق ورفاقه المؤسسون ومن تبعهم من أجيال النضال.

إن فكرة الدولة الفلسطينية لم تولد للتنازل عن فلسطين بل لتكون الأرض المحررة التي اقتضتها ضرورات فلسطينية تتعلق بالشعب وحاجاته وباللاجئين وحياتهم، وليس لأي أسباب أخرى كالسلطة التي يعشقها البعض ويستميتون من أجل منافعها الزائلة، أن تكون الأرض المحررة موطئ قدم لتحرير كل الأرض.

 

البعث والعراق:

هناك من ضاعت عليه البوصلة القومية البعثية. فالبعث ليس حزب سلطة بمعنى أن السلطة في فكر البعث ومناهجه، ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة لتحقيق الغاية التي هي الوحدة القومية متصلة جدلياً بباقي الأهداف السامية.

وقد كان البعث في العراق واضحاً في ربط العراق (كأرض محررة) بمحيطه القومي وصناعة الصلات المصيرية بين تنمية العراق وتنمية باقي أقطار الأمة وتطوير العراق وتطوير باقي أجزاء الأمة، ووضع الاقتصاد العراقي وعوامل القوة العراقية في خدمة وتحت تصرف الأمة.

السياسات القومية لقيادة الحزب داخلياً وإقليمياً ودولياً ليست اجتهاد للأب القائد أحمد حسن البكر ولا للشهيد صدام حسين بل هي سياسات البعث حرفياً.

إن من يريد عودة البعث للعراق بهدف العودة للسلطة وتعويض العراقيين عما عانوه من الغزو والاحتلال بمعزل عن الفكرة القومية وبمعزل عن عقيدة البعث وأهدافه ورسالته هو ليس بعثي ولا يفهم رسالة البعث بمعناها ودربها الأصيل.

البعث لم يستلم السلطة في العراق ليبني العراق كدولة مستقلة قائمة بذاتها معزولة عن الأمة بل بناها وطورها مع ربطها بوشائج لا تنقطع مع بيئتها ومحيطها ومصيرها القومي الوحدوي. والكلام نفسه يقال عن أي قطر عربي يستلم فيه البعث السلطة، السلطة عند البعث فرصة لإظهار قدراته القومية ونزاهة رجاله وقوة مشروعه القومي وقدرته على خلق فرص التكامل العربي بهدف الوصول إلى الوحدة العربية.

 

البعث والولايات المتحدة الأمريكية:

يظن البعض خاطئين أن البعث يعلن عن انفتاحه للحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية سعياً وراء هدف محدد هو العودة للسلطة في العراق، هؤلاء الظانون لا يعرفون على وجه الدقة لا عقيدة البعث الثورية التحررية ولا مفهومه للسلطة وغاياته من السعي لاستلامها، ولكي نقطع دابر أي تكهن هنا أو اجتهاد فإننا نعلن مجدداً أن البعث إذا أراد سلطة في قطر عربي فإنه يأخذها بقوته وبإسناد الشعب وإرادة الجماهير.

البعث يرفض بل يأنف ويستنكف ويستحي ويستعِر من سلطة تمنح له من قبل دولة أجنبية أو قوى خارجية. البعث لم ولن يقبل بالتبعية ولا العمالة والاستقواء أو الاعتماد على الأجنبي عمالة.

سعى البعث ولا زال يسعى للحوار مع الأمريكان كجهة محتلة لوطننا وبأهداف معلومة للقاصي والداني ليس من بينها العودة للسلطة، البعث محرر للعراق بالبندقية وبوسائل مدنية وتعبوية مختلفة، الحوار مع الأمريكان هدفه الأساسي هو استعادة سيادة العراق وحقوقه المشروعة وحقوق شعبه.

 

النخب البعثية: 

صرنا نسمع بين الفينة والأخرى عن مصطلح عجيب يطلق على وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل من قبل بعثيين تركوا التنظيم أو فصلوا لأي سبب كان. المصطلح هو (النخب البعثية) ويعنون به أنفسهم، العجيب في أمر النخب هذه أنها تبيح لنفسها حق التقرير مكان الحزب وحق رسم السياسات بل وربما يصل الحال ببعضهم إلى حق طرح تغييرات في العقيدة.

نحن نرى أن هؤلاء الأخوة وطنيين وقوميين ولا غبار على ذلك، لكننا لا نرى لهم أي حق في إطلاق تسمية النخب البعثية على أنفسهم، فالبعث هو البعث كله نخبة الأمة والبعثي يمكن أن يكون بعثياً بالالتزام بمبادئ الحزب وعقيدته وسياساته وليس بالانتماء كما يرى هؤلاء الأخوة لا أن يتحول إلى منظر ومقوم ومقيم وقيم على الحزب.

البعث فكر وعقيدة وانتماء وجمهور، والجمهور لا يصنع ولا يغير بل بوسعه أن يؤثر ويتأثر، لا يوجد جمهور يصنع ويغير مبادئ وعقيدة أو يدخل تغييرات عليها.

البعث حزب الأمة العربية ولا شيء غير هذا التعميم.






الاثنين ٩ رمضــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة