شبكة ذي قار
عـاجـل










نحن والخمينية والخامئنية كتاب مفتوح.

القسم الأول

 

المقدمة: لا نريد أن نتحدث عن العلاقات العراقية الإيرانية البعيدة منذ نبوخذ نصر والسبي البابلي، وكيف تعاون كورش مع اليهود في احتلال بابل التي كانت تمثل مركز الحضارة الإنسانية في العالم القديم بأسره. وإنما نتحدث عن التاريخ الحديث الذي عشناه جميعاً.

 

من حيث المبدأ بأن العراق وإيران جاريين تمتد حدودهما المشتركة أكثر من 1200 كم وبلدين مسلمين، بينهما تاريخ مشترك وبينهما تداخل اجتماعي، بحيث كنا ولا زلنا نتمنى أن تكون إيران المسلمة جارة وصديقة للعراق وللأمة العربية لتكن قوة إضافية لمواجهة الكيان الصهيوني والاستكبار العالمي. 

نتذكر جيداً بعد قيام ثورة 17 - 30 تموز 1968 م في العراق تبنى شاه إيران الأمريكي معاداته للنظام الوطني الجديد ، حيث حرك التمرد الكردي في شمال العراق بقوة وهو غير مؤمن أصلاً بالقضية الكردية ، كقضية قومية إنسانية عادلة ، ولا بمطالب شعبنا الكردي المشروعة، حيث ساهمت إيران الشاه بتنفيذ المخطط الأمريكي والصهيوني ضد العراق ومسيرته الوطنية والقومية الإنسانية ، حيث استنزفت إيران الشاه العراق طاقات بشرية ومادية وعسكرية ، مستغلا هذه الظروف في بداية الثورة وذلك بإلغاء اتفاقية الحدود بين البلدين وسيطرة النظام الإيراني الشاهنشاهي على مناطق عراقية واسعة وعلى طول الحدود ومنها نصف شط العرب .

حيث اضطر العراق في حينها لتوقيع على اتفاقية الجزائر مع شاه إيران، بواسطة المرحوم هواري بومدين رئيس جمهورية الجزائر تُنهي بموجبها إيران دعمها للعملاء وعلى ضوء ذلك أعادت العلاقات الطبيعية بين البلدين.

أما بعد مجيء الخميني أثر ثورة شعبية أسقطت حكماً ملكياً باغياً فاسداً تحت شعارات روحية إسلامية وديمقراطية ، وهذا ما أفرح العرب والشعب العراقي بصورة خاصة لأننا نؤمن من حيث يكون الإسلام يكون نفس من العروبة، وعلى ضوء ذلك كان العراق أول دولة بادرت لتأييد الثورة الإيرانية ،إلا إن الخميني رد على برقية الرئيس العراقي طيب الذكر أحمد حسن البكر رحمه الله برسالة سيئة للغاية لا تعبر عن أخلاق دينية ومنها ديننا الإسلامي الحنيف وختمها بعبارة "والسلام على من اتبع الهدى" وهذه العبارة في أدب الإسلام تقال للكافر، ثم رفعت الثورة الإيرانية شعار " تصدير الثورة " وطريق القدس يمر عبر بغداد أو كربلاء !! .

تلت ذلك الاغتيالات التي طالت قادة العراق والاعتداءات على الحدود العراقية ومثبت تلك الاعتداءات لدى وثائق الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، حيث وصل الأمر باحتلال أراضي عراقية وسقوط طيار إيراني في الأراضي العراقية قبل بدء رد العدوان 22 ايلول 1980

" إن هذا الصراع الذي نلمس أو نتابع تطوراته وآثاره يوماً بعد يوم ليس من العدل في شيء وليس من النزاهة في شيء ولا يمت إلى القيم السامية التي ينتسب إليها "1

ولا يجوز لإيران نظام الخمينيان تتعامل مع النظام الوطني في العراق " وكأنه هو الممثل للفساد ولما شاهدوه وعانوه في بلدهم فشتان بينما كان سائداً زمن الشاه وبين الحياة الصحيحة السلمية التي يحياها العراق.

إن أي منصف يستنكر هذا التجني، ولا يسع المنصف إلا أن يرى روح الأحقاد التاريخية وغير ألتاريخية وراء هذا التجني غير المشروع وغير المبرر " 2

إن الثورة الإيرانية عام 1979 ليست هي الثورة الأولى في العالم وإن العراقيين أسقطوا الملكية في العراق عام1958 أي قبل سقوط شاه إيران بأكثر من عشرين سنة.

وعلى ضوء ذلك فإن الأمة العربية والإسلامية  والعراق بصورة خاصة تتمنى أن تكون إيران المسلمة جارة وصديقة للعراق والأمة العربية بعد أن يدرك حكامها لخصوصيات الواقع العراقي والعربي بكل اشكالياته وتعقيداته واحترام كل مكوناته الوطنية والقومية والدينية والاجتماعية المتعددة والتسليم بقدرة الأمة العربية على مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالعلاقات بين أقطارها وبين جماعاتها بعيداً عن التدخلات الأجنبية في شؤونها الداخلية وعدم جعلها حديقة خلفية للأطماع الإقليمية والسعي لتجاوز تلك الحساسيات  والرواسب التي ما زالت تتحكم بهذه العلاقة.

كما إن الأمة العربية تدرك جيداً بصدق البعد الاستراتيجي والحضاري للعلاقة مع إيران بأنها سند للعرب والمسلمين على كل المستويات السياسية الاقتصادية الأمنية والدفاعية والاجتماعية، وباعتقادنا أن هذا التصور يشكل المدخل الطبيعي لكل الإشكالات والالتباسات القائمة.

هل نحن قادرون على تجاوز جراحات الماضي وحساسياته لكي نستطيع إفشال المشروع الأمريكي الصهيوني؟

 

الرؤية العربية لإيران ورؤية إيران للعرب

 

لقد حددنا الرؤيتين في هذا القسم بموضوعية بعيداً عن التكتكة والمجاملات والتزويق، إنما وضعنا الحقائق كماهي لكي نحدد علاقة راسخة ومبدئية تأخذ الأبعاد التاريخية وغير التاريخية والدينية والجغرافية، كما أكدنا على الطرفين أن ينظرا بعيون متبصرة لمجريات الأمور وقراءة المشهد قراءة موضوعية وأخلاقية وبتجرد والترفع عن المصالح الأنانية الضيقة ، فإننا نحتاج إلى دراسة علمية دقيقة للواقع الراهن ، وعندما استعرضنا تلك العلاقات الحالية ، نجد المنهج الأول الذي يستسلم لقراءة تشاؤمية فلا يرى في الأمة العربية سوى عوامل الضعف والتجزئة ، وفي إيران الأطماع والتوسع بتصدير ثورتها إلى الأقطار العربية بقيادة ولاية الفقيه وفيها عناصر القوة ، وبالتالي إن الأنظمة العربية تزداد بفعل هذا المنهج ضعفاً على ضعف وتراجعاً على إثر تراجع وخاصة بعد غزو واحتلال العراق من قبل الشيطان الأكبر الإدارة الأمريكية .

أما المنهج الآخر المغاير فيغرق في تفاؤل مبالغ فيه (فلا يرى في العلاقة مع إيران قوة ومنعة للعرب والمسلمين ويهمل الإعداد الصحيح لهذه العلاقة التي تهتم بإغلاق الثغرات والاختلافات، واعطاء الحلول الصحيحة لتلك الإشكالات من أجل بناء علاقة مستقبلية لكي تكون إيران المسلمة جارة وصديقة للعرب.) 3

 

 

المدخل: هناك من العرب من يعتقد أن إيران تتدخل في الشأن العربي وتعقد الصفقات مع القوى الكبرى على حساب مصلحة الأمة العربية إلى جانب التسويف والمماطلة، وما فعلته في كثير من المسائل ويمكن الاستدلال على وجهة النظر هذه بإحداث ووقائع شتى في العراق والخليج العربي وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن والسودان والمغرب العربي، وسنأتي عليها بالتفصيل.

( وقد دفع هذا الأمر ببعض الأقطار العربية إلى محاولة " كف الشر" عنها بذهاب مسؤوليها إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقصد إرضائها، إما بالتظاهر أنهم مع سياستها أو إنهم ضد أعدائها ، وإن العدوان على إيران _ إن حصل _ فلن ينطلق منها ) 4 الشرق الأوسط اللندنية، رضوان السيد،  أما البعض الآخر فقد أعلن صراحة العداء مع إيران وقطع كل علاقة في حين اتجه فريق ثالث إلى استمرار العلاقات على " دخن " حسب التعبير الريفي العراقي مع اتباع سياسة مزدوجة تعلن إيثار التوحد وتثير المخاصمة كما ظهر في الوثائق التي نشرها ويكيليكس والتي تقول "بعداء السياسات الإيرانية تجاه الدول العربية، وتطلب حماية أمريكية منها " 5

والفرس يضمرون بخلاف ما يظهرون وهو أبرز ما يميز السياسة الإيرانية التي أصبحت أكثر وضوحاً في ظل العمائم!! ويذهبون في رأيهم هذا بأن إيران كانت ولا زالت لا تتوسع إلا على حساب جيرانها العرب، فاحتلوا بابل وفق صفقة تآمرية مع اليهود كما تسببوا بالإطاحة بالدولة العباسية وسقوط بغداد على يد هولاكو بعد خيانة ابن العلقمي الوزير الفارسي ثم كان الاحتلال البويهي الفارسي لبغداد ومن بعده السلجوقي والصفوي.

وفي العصر الحديث واصلت إيران تآمرها وعقد الصفقات مع الدول الكبرى و(إسرائيل) من فضحت إيران كيت أثناء حرب الثمان سنوات مع العراق 1980 _ 1988وتم    فشلهم، وواصلوا التخادم السياسي والتعاون مع الأمريكيين في العدوان الثلاثيني وما صاحبها من دعم صفحة الخيانة والغدر تكملة 1991 إلى غزو واحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003.  

 

يتبع

                               إعداد / الباحث والكاتب السياسي

                                 جابر خضر الغزي

 

 






الخميس ١٤ شعبــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / أذار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جابر خضر الغزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة