شبكة ذي قار
عـاجـل










إن المتغيرات التي عصفت بمنطقتنا العربية حالياً لن تقتصر على الجوانب السياسية وتغيير الأنظمة بل ستتعداها لتطال منظومة المفاهيم والقيم السائدة، إن خطط تفتيت الوطن العربي انتقلت اليوم  من مرحلة التخطيط على منضدة الرمل إلى التنفيذ الفعلي في الميدان، فبإزاحة العراق كحجر زاوية وقطب الرحى في توازن المنطقة الإقليمي وتماسكها على يد القوة العظمى الأولى في العالم أدى إلى تخلخل في الضغط وحصول دورة جديدة من الاندفاعات الإقليمية غير المسبوقة منذ قرون باتجاه العمق العربي على ضوء تدهور وغياب المشروع العربي الموحد.

تماماً كما حصل قبل قرون عندما تناوبت الإمبراطوريتان الفارسية والعثمانية على احتلال الوطن العربي وتمزقت ما بين أطماعهما القوميةِ التوسعيةِ الهويةُ العربية، وتوزعت الولاءات للسلطان العثماني والشاه الفارسي باسم المذهب والطائفة.

اليوم تكاد منطقتنا العربية تدفع دفعاً باتجاه مزيد من الاصطفافات والتشرذم على أساس عرقي وطائفي، وتحويل الأقطار العربية إلى دويلات وكيانات طائفية وعرقية يدين بعضها بسبب ضعفها إلى الصفوية الجديدة التي تطرح نفسها قائداً وحامياً لطائفة معينة لتكريس مشروعها القومي في المنطقة المتمثل بجعل الخليج العربي بحيرة فارسية تحيط بها شعوب تدين بولاية الفقيه في حين سينجذب بقية العرب بدواع مذهبية وتحت ذريعة مواجهة المد والخطر الإيراني باتجاه القطب الإقليمي الثاني في المنطقة وهو النموذج الإخواني التركي الذي يتطلع إلى استعادة مجاله الحيوي ومجده القديم في المنطقة العربية.

في الحقيقة إن كلا النموذجين الإيراني والتركي في ظل انحسار المشروع العربي القومي وبعكس ادعاءاتهما سواء تلك المتعلقة بفلسطين أو التباكي على الإسلام وحقوق الإنسان لا يمثلان سوى مشاريع قومية توسعية تنوي التمدد على حساب الضعف العربي وهذا التفاهم لا يجري بعيداً عن الصهاينة بما يشبه اتفاقية غير معلنة على غرار "سايكس بيكو" جديد لتقاسم تركة الرجل العربي الخائن لهويته القومية ولعروبته ولعقيدته السمحاء ولتاريخه العريق وتراثه الحضاري العظيم. 




الاربعاء ١٥ رجــب ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / شبــاط / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الحيدري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة