شبكة ذي قار
عـاجـل










على ضوء ما تقدم عملت ايران على إيجاد حكومة عراقية مستقرة بأغلبية شيعية ، وتكون ذات طابع ديني - ليس بالضرورة أن تكون قائمة على أساس ولاية الفقيه السائدة في ايران - ولكن على الأقل لا تناصب ايران العداء ، لذلك كانت إيران أول حكومة تعترف بمجلس الحكم العراقي المؤقت وأعلنت تأييدها للحكومة ودعمها للدستور وإجراء الانتخابات وقدمت الدعم اللازم للقوي الشيعية المشاركة فيها وما فعله الاحتلال الأمريكي أدى الى وصول حلفاء ايران الي السلطة ، فتحولت سياسة ايران من سياسة الحياد الإيجابي الى طرح سياسة اقتسام المكاسب مع أمريكا وساعدها على تحقيق ذلك ما قامت به من إنشاء شبكة واسعة من الفاعلين العراقيين المواليين لها ، والعمل علي احداث درجة من الفوضى التي يتحكم فيها الطابور الخامس الإيراني لفرض واقع الوجود الإيراني في العراق على أمريكا ودفعها الى وضعه في الاعتبار واستغلال نقاط التوافق بين الجانبين لتحقيق هدف إيراني ثابت وهو توجيه ضربات قوية للسنه في العراق ، وإضعاف وجودهم ووزنهم النسبي علي الساحة العراقية وهو الامر الذي استطاعت تحقيقه خلال هذه الفترة من خلال العمل علي استبعاد القيادات السنية ذات الثقل من خوض الانتخابات في العراق وان الرئيس الإيراني الأسبق وبخطاب له بمناسبة الذكري ٣١ للثروة الإيرانية أشار الى {{ مسألة عدم السماح للبعثيين بخوض الانتخابات ، وذكر أيضا أن هذا القرار صادر من فيلق القدس التابع لإيران وقد ساعدت بعض القوانين التي وضعت من قبل سلطات أمريكا على استبعاد اي شخص بحجة الاجتثاث او الإرهاب }} ، كما لعبت ايران في المراحل الاخيرة من عمر الاحتلال دوراً مهماً في صياغة الخروج الأمريكي من العراق ، من خلال ممارسة ضغوط على حكومة المالكي بخصوص الاتفاقية الأمنية التي أعلنت الولايات المتحدة توقيعها مع الطرف العراقي ضمن مقررات الانسحاب ، وذلك من خلال تأكيد ايران علي ضرورة تقييد النطاق الجغرافي لحصانة تلك القوات ، والتأكيد على عدم استخدامها للأراضي العراقية للاعتداء علي اية دولة من دول الجوار ، كما انها مارست ضغوط كثيرة لمنع التوقيع على الاتفاقية إلا انها لم تنجح في ذلك حيث حرصت الإدارة الامريكية إلى فرض المعاهدة الاستراتيجية والاتفاقية الأمنية على العراق لتؤسس لمرحلة جديدة من السيطرة الأمريكية على العراق ، فكان منطقيا أن تلجأ الإدارة الأمريكية إلى ممارسة كل أنواع الضغوط لفرض المعاهدة والاتفاقية على النحو الذى كانت تريده ، وكما جاء في وثيقة مشروع إعلان المبادئ الذى تحدث عن {{ علاقة طويلة المدى بين العراق والولايات المتحدة }} ، ونظراً لإدراك الإدارة الأمريكية أهمية توقيع هذه الاتفاقية بكل ما تعنيه من مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية للولايات المتحدة ، فقد اضطرت إلى الاستجابة لعدد من مطالب التعديل التي تقدمت بها الحكومة العراقية ، فعلاوة على ما تمثله عملية التوقيع من مكسب للإدارة الأمريكية الحريصة على الترويج لها كنصر كبير يجب الاحتفاء به ، فإن الاتفاقية تحقق للولايات المتحدة عدد من المكاسب الاستراتيجية الأساسية ، هي توظيف العراق كقاعدة أمنية لمواجهة التهديدات الحالية والمحتملة للأمن الأمريكي ، سواء كانت من جانب جماعات مسلحة كتنظيم القاعدة أو حزب الله أو دول معادية كسوريا وإيران ، وكذلك الاستفادة بما حققته القوات الأمريكية خلال السنوات الخمس الماضية لضمان تدفق النفط من المنطقة وضمان {{ أمن إسرائيل }} ، وتأمين مستقبل العراق بالصورة التي تريدها واشنطن له لضمان عدم خروجه على قواعد اللعبة الإقليمية والدولية ، حسب الرؤية الأمريكية ولذلك جاء الموقف الإيراني على عكس الموقف الأمريكي ، حيث اتجهت ايران الي عرقلة توقيع الاتفاقية ، ولهذا عملت إيران على تفريغ الاتفاقية من مضمونها ، وعلى الأخص في مسألتين الأولى المتعلقة بمنع فرض وجود أمريكي عسكري ونفوذ سياسي واقتصادي طويل المدى في العراق يعرقل طموحات إيران ومشروعها السياسي في العراق ، اما عن المسألة الثانية فهي ترتبط بمنع تمكين القوات الأمريكية من شن أي اعتداء على إيران ، انطلاقا من الأراضي العراقية ، حيث كانت إيران تطمح إلى الإبقاء على وجود عسكري أمريكي متعثر وغير مستقر في العراق لأطول فترة ممكنة ، فهذا الوجود في العراق بمثابة ورقة ضغط قوية في يد إيران توظفها للحيلولة دون تمكين الإدارة الأمريكية من شن أي عدوان ضد إيران ، بالإضافة الي اتاحة الفرصة لإيران للتمدد الإقليمي بما يمثل مجالاً مهماً للمساومة مع أمريكا حول البرنامج النووي ، وفقا لمعادلة أن إيران المتمكنة بدرجة كبيرة من إدارة التفاعلات السياسية في العراق يمكن أن تتعاون مع الإدارة الأمريكية لتخفيف وطأة أزمتها في العراق ولكن حدث تغير في الموقف الإيراني بعد إعلان فوز باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية ويمكن ارجاع أسباب هذا التغير الي العلاقة بين توقيع الحكومة والبرلمان العراقي الاتفاقية وبين النفوذ والمشروع السياسي الإيراني في العراق على ضوء التهديد الأمريكي بالانسحاب من العراق في نهاية ديسمبر ٢٠٠٨ ، إذا لم تقبل الحكومة العراقية بتوقيع الاتفاقية ، حيث نجحت واشنطن في توظيف هذا التهديد الأمريكي بالانسحاب بكفاءة عالية ومحاولة اقناع عدد من القوي السياسية العراقية أن بقاء القوات الأمريكية هو الضمانة الأساسية لتأمين سيطرة الشيعة والاكراد على السلطة ، وكان إدراك إيران لهذا الخطر أهم دوافعها للقبول الضمني للاتفاقية فهذا التوقيع ضمن لإيران بقاء وتأمين سيطرة حلفائها على السلطة في العراق ، التي تعتبر أهم ضمانات إيران في الدفاع عن مصالحها ومشروعها فى العراق بالإضافة الى سبب اخر لا يقل أهمية عن السبب الأول وهو الحرص على احتواء الضغوط (( الإسرائيلية المكثفة على أعضاء إدارة أوباما ، بعد أن أدرك الإسرائيليون بوادر خطر من فرص الحوار الممكنة بين إدارة أوباما وإيران ، خصوصا بعد أن نجحت هذه الضغوط في دفع أوباما إلى التراجع عن تعهده السابق نحو إيران وتعمده توجيه انتقادات لاذعة ضد إيران ، عندما طالبها بالكف عن دعم المنظمات الإرهابية وشدد على أنه لا يمكن قبول محاولاتها لصنع السلاح النووي ، داعيا إلى بذل جهود دولية لمنعها من ذلك ، وقد تنبهت إيران إلى أن إسرائيل لن تستسلم لتراجع إدارة بوش عن فكرة الحل العسكري لأزمة البرنامج النووي الإيراني ، ونتيجة لهذه الادراكات قبلت ايران بتمرير الاتفاقية الأمنية )) وبالتأكيد فإن ايران طرفاً فاعلاً في الازمة السياسية في العراق ، استناداً إلى أن ايران لا تجد مصلحة استراتيجية لها على الأقل على المدى المنظور في تغيير رئيس الوزراء الا إذا جاءت تحركاته في صورة متعارضة مع المصالح الإيرانية في العراق او خارجه {{ وهو ما لم يحدث حتى الان ، من خلال الإعلان عن بعض المشروعات العراقية الإيرانية منها انشاء خط انابيب الغاز من ايران عبر العراق إلى سوريا ، بالإضافة الى خط انابيب النفط من البصرة الى سوريا بالإضافة الى التغير الجذري بموقف المالكي من النظام السوري وتهديده بالشكوى في مجلس الامن بعد تفجير وزارة الخارجية العراقية المتوافق مع ايران في دعم نظام بشار الأسد في سوريا }} كما تخشى ايران من تداعيات تغيير حكومة الاحتلال الحالية ما بعد نتائج الانتخابات التشريعية وهزيمة الولائيين فيها على نفوذها داخل العراق ، وارتباط ذلك باحتمالية فقدان بعض أوراق الضغط التي تستخدمها طهران في التعامل مع الغرب والولايات المتحدة فيما يتعلق ببرنامجها النووي ، ويزداد هذا الامر بعد تزايد احتمالات فقدان ايران للحليف السوري بفعل الدور الروسي او الضغط {{ الإسرائيلي }} بعلم وموافقه الروس


يبقى العراق برجاله الصناديد والشرفاء الغيارى عصيا على كل اعدائه والطامعين بثرواته وارضه
الحلقات القادمة تحت عنوان - من مظاهر ولاية الفقيه تزوير المرجعية لكسب السلطة السياسية -





الخميس ٣ جمادي الثانية ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة