شبكة ذي قار
عـاجـل










ما الذي يجري في سوريا بعد الاتفاق الأمريكي الروسي؟ وما هي مؤشرات تداعياته على ما يجري في العراق والذي يجري في اليمن ولبنان واخيراً في ايران؟
هذه اسئلة ينبغي، ليس فقط متابعتها، إنما ربط سياقات احداثها لكي تؤشر الحالة التي بلغتها السياسة التوسعية الارهابية الايرانية من جهة، والأوضاع الواقعية على الساحات آنفة الذكر وبالأخص منها الساحة السورية ؟ :

أولاً - نتيجة لإدراك موسكو وواشنطن بأن الحالة في سوريا من الصعب قبولها مستمره الى ما لانهاية ، فقد تحدث الطرفان الدوليان على تصفية الأوضاع الراهنة في سوريا على وفق المعطيات وفي ضوء اتفاق واقعي يوقف الأستنزاف في الموارد المالية والبشرية.وتوصلا الى ضرورة إنهاء الوجود المليشياوي العسكري الايراني على الآراضي السورية على وفق آلية متفق عليها بين الطرفين وتحت سياسة ( القوة ) و ( التفكيك ) .. والتي تفيد بأن يستمر قصف مواقع ومقرات ومخازن المليشيات الايرانية المختلفة، والانفتاح الروسي العسكري على عناصر المليشيات للإنضمام الى القوات المسلحة الروسية لكي تحمي نفسها من القصف أولاً، وتتقاضى راتباً شهرياً قدره ( ٢٥٠ ) دولاراً ومبلغاً اضافياً قدره ( ١٠٠ ) دولار عن كل عنصر يمكن إقناعه بالعمل في صفوف تلك القوات .. وقد كانت المحصلة انخراط المئات من هذه المليشيات المرتزقة ( فاطميون ) و ( زينبيون ) وعناصر من مليشيات عراقية عاملة على الاراضي السورية، ارسلتها ايران بمثابة ( وقود ) لسياستها تحت اغطية طائفية.

ثانياً - الإبقاء على نظام الاسد في دمشق، والايعاز للإمارات العربية المتحدة التحرك صوب دمشق حيث وصلها وزير خارجيتها من أجل إعادة العلاقات الثنائية وإبرام اتفاقيات تجارية بين البلدين .. والايعاز للأردن قبل ذلك لفتح الحدود الأردنية السورية والمباشرة بتأمين تأسيس السوق الحرة على الحدود السورية الاردنية ، فيما كانت مصر تعد العدة لتهيئة مقعد دمشق لدى جامعة الدول العربية .. هذا الانفتاح جاء مقابل :

١ - الابقاء على النفوذ الروسي في الساحل الشرقي للبحر المتوسط بإعتبار ذلك يمثل إقراراً لمصالح روسية معترف بها.

٢ - الابقاء على نظام الأسد وتأمين عودته الى محيطه العربي، شريطة فك ارتباطه بالنظام الايراني ، لأن النظام الايراني يهدد السلم والأمن الاقليمي والدولي ويرعى الأرهاب.

٣ - تسوية الملف النووي الايراني بقبول ايران بالشروط السلمية المحددة مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والنفطية والاقرار بعضويتها في نظام الأمن الاقليمي شريطة الالتزام ببنود الاتفاق النووي والتوقف الفوري عن زيادة معدلات التخصيب، والأمتناع عن انتاج الصواريخ البالستية ذات المديات المعينة ووسائل اطلاقها.

٤ - نزع اسلحة المليشيات الموالية الى ايران في العراق وتسوية افراد الحشد بتسريحهم وتوزيعهم كأفراد على مؤسسات عسكرية او مدنية وبناء جيش نظامي وتحريم حمل السلاح خارج المؤسسة العسكرية النظامية وإعدة النظر بالدستور العراقي وبالتشكيل الحكومي للرئاسات الثلاث في ضوء الواقع الراهن للإنتخابات.

٥ - تخفيف العقوبات على روسيا جزئياً في ضوء واقع التهديد الروسي في أوكرانيا وجزيرة القرم.إدراكا من الغرب بأن روسيا لا تسمح بوجود تسلح نووي قريب من حدودها ومجالها الحيوي وإدراك الصين ذلك استراتيجياً .. وإن طبيعة العلاقات الكائنة بين الصين وايران، وبين روسيا وإيران هي طبيعة براغماتية صرفة وليست علاقات ذات طبيعة استراتيجية.

سيناريوهات الصراع في واقع الردع .. الرأس أم الأطراف :
ايران تعيش في عزلة اقليمية ودولية، وإن مسألة التعامل معها تأخذ ابعاداً مهمة سياسياً وامنياً وعسكرياً .. فطهران لا تهدد بإشعال نيران الحرب في المنطقة بل تأمر وكلائها ( حزب الله اللبناني وحماس والجهاد الاسلامي والمليشيات العراقية الولآئية والحوثيون في اليمن ) القيام بإشعال الحرب .. حيث يمثل هؤلاء عناصر ( الردع ) الأيرانية في فرض حالة ( اللآحرب و اللآسلم ) ، فيما يستمر منهج تصدير الثورة الطائفية من جهة، وتخصيب اليورانيوم الى مستويات عالية من جهة ثانية.

ايران ضعيفة وهشه في الداخل، ولكنها قوية ومسعورة في الخارج، وذلك بفضل اذرعها الصاروخية الرادعة .. فكيف يمكن التعامل معها؟ هل بضربها مباشرة وتدمير مراكز قوتها في الداخل؟ فماذا سيكون عليه حال وكلائها ومسألة الردع؟ هل سيلتزم الوكلاء الصمت ام سينفذون اوامرها بضرب عدد من الساحات العربية والاجنبية بما فيها الكيان الصهيوني؟!
من له الأولوية في اجهاض مسألة الردع؟ الرأس في ايران أم الأطراف في الخارج، التي تمثل الخطر الرئيس للردع؟

ثم ، من يتولى موضوع تنفيذ الردع الخارجي .. هل تتولاها مراكز قوة حزب الله اللبناني ومراكز قوة حماس والجهاد الاسلامي، ومراكز قوة المليشيات العراقية الموالية لإيران، ومراكز قوة الحوثيين في اليمن؟

دول الخليج العربي تريد ان تنأى بنفسها عن هذا الصراع وتبعد نيران الصراع عنها من اجل المحافظة على مصالحها المتشابكة اقتصادياً مع طهران.وامريكا لا تريد الحرب ولها خياراتها المذلة والمتهالكه .. والكيان الصهيوني عملياً لن يتمكن من الوصول الى عمق مراكز القوة الايرانية التي توزعت ( جيوبوليتيكياً ) على مساحات واسعة ومتباعدة في الأراضي الايرانية ولأسباب فنية، ولكن مثل هذه القدرة متوفرة لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي لا ترغب في الحرب.إذن ، التوكيل والإسناد هما اللذان سيعملان معاً للوصول الى نهاية الدولة المارقة في الضربة الاولى لقوى الردع في الخارج، والضربة الثانية لتدفن المفاعلات النووية في الداخل تحت انقاض القصف الأمريكي وينتهي كل شيء.

خيار الكيان الصهيوني ضرب الاطراف ( الوكلاء ) وإنهاء حالة الردع، وربما تتولى امريكا عمق الداخل الايراني استناداً الى معاهدة الدفاع الاستراتيجي المشترك التي وقعها الطرفان عام ١٩٨٥ .. فأي من السيناريوهات القابلة للتحقق في ظل الأزمة النووية المتصاعدة التي يكتنفها الكثير من الغموض في واقع الصراع الدولي والاقليمي على النفوذ والقوة ؟ هذا ما ستكشفه لعبة التصعيد الخاصة بتخصيب اليورانيوم ولعبة عض الأصابع على أرض الواقع الأقليمي.!!





الجمعة ١٣ جمادي الاولى ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / كانون الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة