شبكة ذي قار
عـاجـل










عاشت الأحزاب التي تدير العملية السياسية الاحتلالية منذ غزو العراق وإلى يومنا هذا ما يربو على ثلاثة عقود على هامش أمل شبه مستحيل التحقق هو إسقاط أقوى نظام وطني قومي عرفته المنطقة في تاريخها الحديث.

نجح نظام البعث في اسقاط خيار التمرد كورقة إضعاف له، وانتصر في معركة التأميم على الشركات الاحتكارية التي تحرك العقل الامبريالي وقدراته الأسطورية، وسجل قفزة هائلة في تنمية الإنسان والاقتصاد العراقي، وهزم إيران في حرب الثمان سنوات، وقارع العدوان الكوني الذي أطلق عليه عاصفة الصحراء، ثم صمد مع شعب العراق في وجه حصار شامل لم تشهد له البشرية مثيلاً لمدة زادت عن ثلاثة عشر سنة وقتل أكثر من مليوني طفل وشيخ وامرأة مرضاً وجوعاً، ثم قاتل الغزو الكوني لجيوش أقوى وأعظم دول العالم حتى وصلت إلى بغداد واحتلتها فتحول الآلاف من رجاله إلى مقاومة مسلحة أوقعت الغزاة في كوارث لم يحسبوا حسابها قط حتى هرب آخر جيش، ألا وهو الجيش الأمريكي المجرم، وسلم البلاد إلى احتلال إيراني هو الأقذر والأكثر توحشاً وإجراماً في التاريخ.

هذه مقدمة مكررة، لكن لا مناص منها ليس لأغراض تذكر ومعاينة ما هو شاخص نتعايش معه، بل لنجعل منه فيصلاً في حوار الافتراضات التي تطرح الآن بصيغة احتمالات بعضها لجس النبض وبعضها الآخر لتأثيث فعلي لأرضيات خط سير نحن نعتبره انتحاراً سياسياً إذا ما أقدم عليه طرف ما، لأنه يمثل سوء تقدير واندفاع غير محسوب لا عقائدياً ولا سياسياً مع افتراض حسن النية في الاجتهاد.

لا يوجد ما يدل على رفع الاجتثاث ولم تطرح أي صيغة لتعديل الدستور لإلغاء فقرة حظر البعث.

ولنفترض أن قادم الزمن سينتج مثل هكذا توجه أمريكي، فهل سيتم دون تنازل البعث عن ثوابت عقائدية لا يمكن أن يكون بعدها هو البعث إن تنازل عنها لا سمح الله؟

وغير هذا .. هل البعث يستقتل الآن لرفع الحظر والاجتثاث ليعود للسلطة ضمن العملية السياسية القادمة أم بعد إزالتها؟ من سيزيلها ولماذا يزيلها؟ ومن يظن أن الأمريكان سيزيلونها أو يغيرونها فليقنع الناس بذلك، ويبين الأسباب التي تدفع الأمريكان لهكذا إجراء يقوض كل أهداف غزوهم للعراق ويثبت عبثيتهم وإجرامهم، ويؤكد أن ما قاموا به لم يكن له هدف لا لصالح أمريكا ولا لصالح حلفائها.

ومرة أخرى نستدعي القول الدارج : حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له.

غزو العراق واحتلاله وإقامة عملية سياسية لم يأت عن نزوة لبوش وأركان إدارته، بل هو تخطيط دُرِّس لعشرات السنين وقرر التخلص من البعث ومن الدولة التي يقودها البعث.

نحن نتحدث هنا على لسان عراقيين وعرب هذه هي قناعاتهم النهائية والمبنية على وقائع وأحداث ومنطق وعلم وانتماء لقضايا الأمة.

من يرى غير ذلك فهو ليس بعثياً، أو أنه يرى بعدم جدوى العمل السياسي القومي ويرى أن الأمريكان قادرون على أن يفعلوا بالشعوب ما يشاؤون ولا راد لهم، وعليه يجب الانصياع لهم وقبول الأمر الواقع : لا حرية ولا استقلال ولا وحدة ولا ثورية ولا ثوار ولا مقاومة ولا إرادة شعوب.
الجميع أمام خيارات واضحة ولكل ما يرى ويتبع.

ونحن لن نحيد عن البعث وثوابته التي عرفها العالم منذ تأسيسه عام ١٩٤٧، وأيدها من أيدها وعاداها من عاداها من العرب وغير العرب.

الأمريكان لم يظهروا إلى اللحظة لا سراً ولا علناً موقفاً مختلفاً من العملاء الذين اعتمدوهم، وحتى تصرفاتهم وتصريحاتهم تبدو غير مميزة، ولا ترى العلاقة بين الأحزاب المعتمدة أمريكياً وبين المليشيات المنبثقة أصلاً عن هذه الأحزاب، أو التي فرخت من ميليشيات أجازتها أمريكا عبر سلطة الائتلاف بعد الاحتلال.

صراع الخيارات في عقول الأحرار قراره هو أن يموتوا جسدياً أفضل من أن ينتحروا سياسياً، وهذا هو الدرب الذي اختطه الشهيد صدام حسين ورفيقه الشهيد عزة إبراهيم ورفاقهم الشهداء رحمهم الله جميعا.




الثلاثاء ٣ جمادي الاولى ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الحسنين علي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة