شبكة ذي قار
عـاجـل










لم اكن قد سمعت بإسم الرفيق الراحل عبدالصمد الغريري قبل منتصف العام ٢٠١٦، وتحديداً في شهر تموز ( يوليو ) من ذاك العام تاريخ انعقاد المؤتمر القطري الثالث لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي ،

حيث انتُدِب الراحل الكبير من القيادة القومية للحزب مشرفاً على اعمال المؤتمر القطري في لبنان كما تقتضي تقاليد الحزب المنبثقة عن النظام الداخلي ،
واعتبار القيادة القومية المرجعية العليا للاقطار وتجسيداً لوحدة الحزب وامتداده القومي.

جلّ ما كنت اسمع عن الراحل هي عبارةُ الرفيق ( ابو زيد ) ، بحكم قربي من الرفيق نائب الامين العام الدكتور عبدالمجيد الرافعي ،
بصفتي مشرفاً على المكتب الاعلامي للحزب في الشمال ،

ولكم كانت شخصية ( ابي زيد ) تعيدني في رمزيتها الى السيرة الهلالية التي غنّاها لحناً وشعراً و ( حواديتاً ) شاعر مصر الكبير عبدالرحمن الابنودي ،
لاكتشف ان ابا زيد العراق يستحق ان تكون له سيرته ( الغريرية ) ايضاً وان يتولى احد شعراء العراق يوماً الانكباب على ذلك ،
فيضئ للعراقيين على حياة ابطالهم ورموزهم ،لا سيّما الصفحات الاخيرة من ملحمة وجودهم ،
وخاصةً تلك التي بقيت في ذاكرة العدد المحدود من الرفاق ،

الذين تجشّموا المسؤوليات القومية داخل وخارج العراق بكل امانة ودقة وسرّية ،
اقتضتها ضرورات الحفاظ على الجهاز الحزبي وبيئته الشعبية والقومية ،

وهو يتعرّض لاقسى ما تتعرض له الحركات الثورية من تنكيل واضطهاد والغاء للوجود ،بعد غزو واحتلال العراق في العام ٢٠٠٣.

في المؤتمر القطري الثالث للحزب ، ولخمس سنوات وبضعة اشهر خلت ، والذي استمر ثلاثة ايام وليالي متواصلة ،برئاسة قائدنا الراحل الدكتور عبدالمجيد الرافعي الذي بقي حتى الدقائق الاخيرة مشرفا وموجهاً،
يُسجّل للرفيق ابي زيد المتابعة الحثيثة لمجريات المؤتمر والاجابة على كل تساؤلات المشاركين حول الوضع في العراق ،ومقاومته ومعنويات الرفاق ،
بثقة عالية ونبرةٍ هادئة ،
لا تخلو من حزم من عقدوا العزم على التحرير واعادة العراق الى حضن امته حراً موحداً،
مهما تكالبت قوى الشر والعدوان ،
وامعنت في تمزيق العراق وتدميره.
الى جانب ذلك ، لم يكن الا القليل من الحضور ، يعرف ان الرفيق ابا زيد ، هو احد ابطال قادسية صدام وانه عسكري متقاعد برتبة لواء ،
وانه فقد احدى قدميه في معارك الشرف والفداء ،
ومع ذلك بقيت "مشيته " ثابتة متوازنة ،حتى تكاد تشك ان قدمه السليمة ما زالت معه ،
وتلك واحدة من اهم مظاهر المعنويات العالية التي يتحلى بها فرسان الامة الذين حدثتنا عنهم كتب التراث العربي ،
وعاد العراق يبعث مجدهم اليوم من جديد ،
مكتشفاً ابطالاً ميدانيين على غرار ( ابي زيد ) وربما من هم اكثر صلابة وشجاعة ،
فأمثال الراحل الكبير عبدالصمد الغريري سيبقون في ذاكرة الاجيال القادمة الامثولة الحية ،
وهم يقرأون عن تحرير العراق ،
وعن الرجال الرجال ،
الذين وضعوا لُبنات الصمود مع الساعات الاولى للاحتلال وانطلاق المقاومة،
وان الرفيق عبدالصمد الذي قاتل وانتصر في قادسية صدام ،
لم يشأ الركون الى الراحة الجسدية ،
وانما بقي ممتشقاً لمسؤولياته القومية والقطرية ،
بكل جدارة وايمان ،
لم تزحزحها خطورة التنقلات سواء داخل العراق ، او من قطر الى آخر ، والاشراف على كل ما يساند ويدعم قضية العراق الحقوقية والانسانية ،
الى اللحظة التي داهمه المرض في مثل هذه الايام من العام المنصرم ،
وابى ان يموت الا واقفاً، على غرار من ائتمنه على المسؤولية بعد رحيله ،
مستهزئاً بالمرض ، كما استهزأ صدام حسين بالحبل الغليظ وهو ينطق الشهادتين ،
وكلاهما يدركان ان لا حياة للعظماء سوى بعد الشهادة والموت ،
وكما تصدح الاناشيد اليوم ب"صدام" البطل لدى كل احرار العالم ،
سيغني العراقيون غداً ملحمة
جديدة ًمن ملاحم ابطالهم
، وسيكون لهم "ابا زيد الغريري " ايضاً ، كما للسيرة الهلالية ( ابا زيدها ).






السبت ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة