شبكة ذي قار
عـاجـل










انتهت عملية فرز الأصوات في انتخابات المهزلة المزوَّرة، وكما هو متفق عليه فقد فاز تيَّار الصدر الخرافي، وسيكون هو المتصدر للمشهد السياسي الضبابي في العراق.بعد أن يقوم هذا التيَّار الهُلامي بتشكيل حكومة ولائية للأسياد في طهران، وعندها يبقى العراق تحت وطأة الاحتلال الفارسي الصفوي، ووصاية الأمريكان والصهاينة.وليسمح لي القاريء الكريم أن أعرض أمامه لوحتَين صغيرتَين، تختصران تاريخ ( السيِّد القائد ) !وتُنبِئان عن شخصه كلّ البيان، منذ اليوم الأول لاحتلال العراق المشؤوم، فترسم لنا اللوحة الأولى الآتي :

تزعَّم الصدر المقاومة!، اعتكفَ الصدر، تكلَّمَ الصدر، ثارَ الصدر، صمتَ الصدر، غادرَ الصدر، عادَ الصدر، جيَّش الصدر جيشاً ( جيش المهدي ) المقدَّس!، ألغَى الصدر جيشه المقدَّس، أسَّس الصدر ( سرايا السلام ) الهلامية، اعتزلَ الصدر السياسة، عاد الى التَحزّب السياسي، انسحبَ الصدر من المشاركة في الانتخابات، عادَ الصدر بعد أخذ ورَّد الى المشاركة وبقوة في الانتخابات، تحالفَ الصدر مع الشيوعيين وغيرهم، ألغَى تحالفه ليدخل الانتخابات منفرداً، سَخطَ الصدر كلّ السَّخط على ايران في أول الضُحى، ليعود فيرضى عنها كلّ الرِّضا والقبول عند الغروب!.

واللوحة الثانية تُطلعنا على تَعدُّد ألقابه وصفاته، فكما أوجزَت اللوحة الأولى ملامح شخصية الصدر في ماورد من الفعَّاليات والمواقف الغريبة والعجيبة.أمَّا ألقابه وصفاته وتوصيفاته فهي كثيرة ولا حصر لها، تناسب أفعاله وتصرفاته، فتقول اللوحة :

هو : السيِّد القائد، زعيم المقاومة، سائس الجيوش المقدّسة، المُخلِّص، زعيم الأمة، المنقذ من الضَّلال، سليل الدَّوحة المحمدية، الولد ( ابن ) الشرعي للامام المُنتظر ( المهدي ) ، حُجَّة الإسلام والمسلمين، امام الزمان .. هذه هي أوصاف وكُنى وألقاب هذه الرجل الزاحف على أربعٍ، ينزل ويختفي في المياه الموحلة كالتماسيح في لحظات، ثم يطفوا في لحظات أخرى فوقه، وبين الغوص في المياه الوحلة، والصعود الى سطحها تَتعدَّد فرائسه!.وهو كذلك الزاحف على بطنه كالأفاعي السامَّة، ليعضّ هنا ويلدغ هناك فتتعدَّد فرائسه!.والصدر أيضاً هو مَن يسوس أتباعه بغير عقل أو تعقّل، ومن غير حكمة أو دراية، فينفذ أمره، ويُقال عنه فطحَل السياسة وشَجِّيعها!.

وأكون واضحاً مع القاريء، فأقول : لستُ أرغب في التحدث عن هذا الأفَّاق المحتال، ولا أتمنى أن أذكر اسمه، اذْ بمجرَّد مروره ووصفه ينتابني الغثيان والدوار، فرائحة أفعاله البشعة التي تختلط فيها الدماء المُراقة من الأبرياء، مع قباحة صفاته وأفعاله الخبيثة والاجرامية تُزكم الأنوف.فهو يُذكِّرني بالأحداث الطائفية المقيتة المشؤومة التي عاشها العراقيون في العام ٢٠٠٦ وما بعده، التي طالت كل العراقيين الوطنيين والشرفاء، وقُتِّل الناسُ على الهوية، وكان الصدر المجرم هو مَن يتصدر عمليات القتل والبطش بالعراقيين، وحرق بيوت الناس وتهديمها، وتخريب المزارع والبساتين، بل وتدمير كل ما هو فوق الأرض من بشر وشجر وحجر، فاغتال وجيشه المجرم الحرث والنسل، ألا لعنة الله عليه وأخزاه سبحانه في الدنيا والآخرة.

من حكايات هذا الخَبِل الشرِّير، أنَّه في أحيانٍ كثيرة ينهض بأعباء العراقيين!، فيذود عنهم ليهرب من أجواء العراق الخانقة، في المناخ الطبيعي والسياسي الى بلاد فارس، فيُقيم أياماً في أجوائها السحرية!، ويرتمي في أحضان أحفاد كسرى، ويعيش خلواته الأسطورية، ويحرم نفسه من الزاد كالأولياء والزاهدين، مكتفياً بأطباقٍ من الكباب الإيراني الفاخر على الأرز البسمتي بالزعفران!.ومُتعفِّفاً عن النساء، إلَّا ما ملكت أيمانه من نساء الفرس في زواج ( المتعة ) ، وهو زواج عهرٍ وزنا ابتدعه الفرس في عهود الصفويين والقرامطة والحشَّاشين، وهي من الحركات الفارسية الهدَّامة التي تَتَّبع المجوسية في الباطن، والمُتَشيِّعة في الظاهر.

يُخيَّل الى هذا الخَبِل بعد أن تُقبِل عليه شياطين الجنّ، فتلقي في قلبه ما تلقيه، أنَّه أنفَذ الناس ذكاءً، وأعمقهم نظراً، وأصدقهم قولاً، وأكثرهم فهماً وتَعقّلاً، وأفصحهم لساناً!، وهو اذن أجدرهم أن تُرفَع به المكانة، وتعلو وترتقي به المنزلة، وتالياً فهو يستحق صفة ( السيِّد القائد ) !وهكذا يستقر في ضميره المدخول وعقله المخبول، فيصدّق نفسه بامتيازه غير المسبوق على رجال عصره والسابقين واللاحقين!.ثم يتبعه ويلاحقه الأتباع من المرضى والعصابيِّين والموتورين المُهَيَّمِين بعشق محبوبهم القائد!، فيزيدون فيه الغرور والكبر والخبالة.وهكذا تتناوب شياطين الجنّ وأتباعه من شياطين الإنس، فيلقون في روعه ما يلقون!.من هنا نجده قد أُغرِيَ بهذا العبث الذي يصدر منه ومنهم، فيطمئنّ قلبه حتى يصبح به كلِفاً، واليه ساعياً، وعليه حريصاً، فلا يأوي الى فراشه حتى تُداعبه أحلام وهواجس الغرور في قيادة العراقيين، وهو لا يَستحِّب أن يكون متيَّقظاً حتى لا تفارقه آمال وأحلام التَيه واغواء النفس التي تمازحه ليل نهار.

يرى الصدر بقلبه المُتَصدّع أنَّه أبصَر الناس بالسياسة، وأقدرهم على تحمل أعبائها، وأبرعهم في حل مشكلاتها، وفكّ معضلاتها، بل يتصور في نفسه البلهاء الخاوية أنَّه أحَب خلق الله الى العراقيين، وأنَّه أبَرَّ الناس بهم!.وتالياً فهو أعرَف وأقرب الى مشاكل أهل العراق ومعاناتهم، من أجل ذلك فهو يستحق قيادتهم وحكمهم!، وهو قبل كل ذلك قد يَسَّره الله لهذا الشعب كيما يقوده، فيكون هو المُنقذ والمُخلِّص!.وعلى الأتباع اللاهثين كالكلاب المسعورة، من المجرمين والسُرَّاق والمنبوذين أن يتمسكوا بقائدهم المقدام، ووليِّهم الهُمام.وكل هؤلاء الأتباع من شياطين الإنس والجنّ وما يلقون في نفسه، انَّما تلائم تَعلّقه بها، وحبّه لها، وغروره بتفوقه وتميّزه، فالله لم يخلق سواه ليقوم بمهمة الانقاذ، حتى أنَّ بعض المهووسين من الموالين الأبالسة، ينظرون اليه على أنَّه هو الامام المنتظر ( المهدي ) الغائب، يَسَّره الله ليتدبر أمور الدنيا كلها!.لا أدري بمَ أصِف هذا المعتوه، من كل الألقاب والصفات التي ينعق بها غربان الشر من التابعين، فهو في حقيقة أمره قد أُصيب بمسٍّ من الجنون أو لوثة عقلية، لكنَّنا وجدنا أنَّ ( الصدر ) هي التسمية المناسبة لهذا المُرابي، فهو متصدر لكل الافساد والفساد، والله تبارك وتعالى يحذِّر من الفساد ( ولا تُفسِدوا في الأرضِ بعدَ اصْلاحِها ) الأعراف٥٦.يتصدَّر الحماقات والسخافات، وكل الجرائم الوحشية بحق شعبنا العراقي ( ومَن يَقتلُ مُؤمناً مُتَعمِّداً فَجزاؤهُ جَهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولَعَنهُ وأعدَّ لهُ عذاباً عَظيماً ) النساء٩٣، وهو المتصدر للكذب والخداع والمراوغة والرياء والدجل ( واللهُ يَشهدُ إنَّ المنافقينَ لكاذبونَ ) المنافقون١، فهذا اللقب يليق به وعلى مقاسه.ويلحق بما سبق فهناك الكثير من العُقَد التي يعاني منها هذا الأخرق، وللأسف ينخدع البعض بخطاباته السمجة العقيمة، والله تعالى يقول ( يُخادعونَ اللهَ والذينَ آمنوا وما يَخدعونَ إلَّا أنفسهم وما يَشعرون ) البقرة٩، ويتوهَّمون أنَّ هذا المُتلوّن يمكن أن يخرج من نفق الطائفية المقيتة والضيِّقة الى رحاب الوطنية الجامعة للعراقيين، بينما هو غارق في طائفيته حتى ذقنه الكالح.

وأرى من جانبي أنَّه عندما يمتليء الأفق الفكري والنفسي لأيّ انسان بالطائفية، فمِن الطبيعي أن يتحوّل هذا الامتلاء والزحام الطائفي الى حالٍ وسلوكٍ واضح لهذا الانسان.فيظل الفرد حبيس هذه الزحمة الطائفية التي تتلبَّس به ويَتَلبَّس بها، ويعيش في كنفها وفي رحمتها، فلا هي تغادره ولا هو مغادرها.والطائفية كما أعرفها واطلعت على تاريخها الظلامي، تنزل بالانسان الى أسفل، وتهبط به الى البداءة والتوحش، وتُلغي آدميته، لأنَّ قناع المذهب المَقيت والمُخيف سَيحلّ محل الجوهر الانساني الصادق والنقيّ، وسيُبدِّد انسانيته التي تجتمع فيها وتتوازن كل القيَم والمعاني الآدميَّة التي وهبها الله جلّ شأنه لبني البشر.أقول هذا لأنَّنا أمام حالة خاصة غريبة وشاذة عن المألوف، ونقصد بها حالة الصدر سائس حشد السلام، فالثابت من قوانين السماء والأرض والمنطق تؤكد أنَّ هذا الصدر لن يتغيّر باتّجاه الوطنية والوطن، فالله سبحانه يُمهل الظالمين في الدنيا ولا يعاجلهم بالعذاب ( ولا تَحسَبنَّ اللهَ غافلاً عمَّا يَعمل الظالمونَ انَّما يؤخِّرهم ليومٍ تَشخصُ فيه الأبصار ) ابراهيم٤٢.

لقد خرجت جيوش الصدر الهمجيَّة المتوحشة عن المألوف والمعروف في تاريخ العراقيين، فارتكبت جرائمها الشنعاء بعِلم ودراية الصدر، بل بأوامره، لما لم يجرِ على أيدي أيَّة عصابات في الدنيا.فقد ردَّهم هذا الصدر اللعين وحوَّلهم الى وحوش لم يُنقِّ وجدانهم دينٌ أو مذهب على أصوله، ولا عقيدة، ولم تُهذّبهم حضارة أو تمدن، هم في غرائز مندفعة، وطبائع جامحة، في ايقاعٍ سلوكي مُتَهوّر ومدَمِّر، فزهقوا آلافاً من الأرواح البريئة، يندفعون كعصف الرياح الصفراء العاتية تقتلع وتُدمّر وتخرّب كل شيء في طريقها.

الصدر هذا يعيش التدهور المريع في السلوك، والغرور والتكبر والاستكبار، فقد اغترّ بالحَول والطول، وانخدع بابتسامة الأيام الواهمة، والأيام بطبيعتها تُقبِل لتدبِر، وتزهو لتَصحُر، ولم يشفق على نفسه قبل غيره، والله تعالى يصف الانسان ونفسه على لسان سيدنا يوسف الصدِّيق عليه السلام ( وما أُبرِّيء نفسي إنَّ النَفسَ لأمَّارة بالسُّوء إلَّا ما رَحِم رَبِّي ) يوسف٥٣، والمعنى أنَّه وهو النبيّ لا يستطيع أن يُزَكِّي نفسه.فهذا الخبل يُطمِع ويُخيف، يُرغب الناس ويُرهبهم، وأتباعه ومجاميعه الخبيثة من جيوشه وسراياه الأسطورية، تغتال الأبرياء وتقتل وتدمر وتنهب وتسرق، فالشعب لاقى ويُلاقي منه وعصاباته ما لم يره شعب في الدنيا، فبين قتل، وتهجير، وتشريد تحترف عصاباته المجرمة كل هذا، دون أن يراعي هو وأتباعه إلَّاً ولا ذمَّة في العراقيين، فساموهم سوء العذاب بين مكر وغدر وقتل، هذه هي أفعالهم في أبناء العراق المنقوعين بالقهر والعذاب والضَّيم منذ الغزو الغاشم لأرض الرافدين.لم يُراعِ هذا الصدر ويَرعوِ، فيدرك أنَّ الكون آية لمَن كان له قلب ( إنَّ في ذلكَ لذِكرى لمَن كانَ له قلبٌ أوألقى السَّمعَ وهو شَهيد ) ق٣٧، والشهيد هنا بمعنى الشاهد.

لقد اختلس هذا المرائي المتقلب وأتباعه مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي، ومع ذلك يدَّعي أنَّه يترفع عن متاع الدنيا!، بينما الحقيقة التي يعرفها كل العراقيين، أنَّه يتَّبع الثراء ما استطاع اليه سبيلاً، وهدفه المال والسلطة والجاه، كلَّما وجد اليه طريقا ومسلكاً.

وأخيراً وليس آخراً فكثيرةٌ هي جرائم الصدر، فقد قام جلاوزته بأمرٍ منه بقتل الثوَّار التشرينيِّين في ساحات وميادين العِزّ والكرامة، وكان أخيرهم الشهيد حيدر الزاملي هو أحد ضحايا الصدر المجرم وجماعته الأوباش.

وبعد كل هذا نتساءل : هل يمكن لانسان خَبِل معتوه، ومصاب بكل أمراض الدنيا، والعياذ بالله، كازدواج الشخصية، والشعور بالنقص والدونيَّة اللتان لا تفارقانه منذ صباه، أن يتحكم في مصير العراقيين، شعب الذرى والبطولات والمفاخر؟!.وهل يمكن لجيش من الوحوش والثعالب والقنافذ، من سرايا القتل والخراب الاجرامية المتوحشة والمنفلتة أن تتحكَّم في الشارع العراقي، وفي حياة هذا الشعب الأبيّ العظيم؟!، بعدما نكَّلت به أيَّما تنكيل، منذ اليوم الأول للغزو والاحتلال الأمريكي الغاشم؟!

وهل يمكن أن يَتحوَّل هذا المُتَحوِّل بين ليلة وضحاها من سائسٍ لكل الوحوش الهائمة المنفلتة، الى حاكم يتولى التسلط على رقاب العراقيين وحياتهم العامة؟!، لقد هَزُلَت والله.

وبعد كل هذا، فإنني لا أشكُّ لحظة واحدة بأنَّه سيأتي اليوم الذي سيقتصّ فيه ثوَّار تشرين الأبطال من الصدر ومَن تبعه ووالاه في جرائمه بحق الشعب العراقي وشبابه الثائر.

وختاماً أقول، أنَّه على مدى التاريخ الانساني، لا توجد ميليشيات مسلحة نجحت في حكم دولة واخضاعها لسيطرتها فترة طويلة، ولكنَّ الاجرام المصحوب بالخيانة والعمالة، قد ينجح لبعض الوقت في تدمير دولة بكاملها، وتفكيك شعبها، وهو حال العراق اليوم، لكنَّه حال استثنائي وطاريء لن يدوم طويلاً، وهكذا سيعود العراق بإذنه تعالى وبهمَّة وعزم شعبنا العظيم، والشباب التشريني الثائر، قوياً، مستقراً، ومُعافى ان شاء الله تعالى ( ويومئذٍ يَفرحُ المُؤمنونَ بنَصرِ اللهِ ) الروم٤ ..







الجمعة ٩ ربيع الاول ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حيدر سلمان العبادي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة