شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما عزمت آلة الحرب الأمريكية على غزو العراق بدعوى " تحريره" من قيادته الوطنية كانت حجتها في ذلك نزع أسلحة الدمار الشامل ولعلاقة نظامه الوطني بتنظيم القاعدة وارساء نظاما ديمقراطيا يسمح بالحريات ويحترم مكونات الشعب العراقي المتنوعة طبعا دائما حسب ادعاءات آلة الدعاية للحرب الأمريكية على العراق.واستطاعت الإدارة المتغطرسة للَمحافظين الجدد وقتها أن تجند تحالفا ضمّ من أقتنعوا بهرطقات السكير بوش الصغير ومن اشترت ذمتهم بالدولار وحتى من عارض ذلك فقد التزم الصمت خوفا على مصالحه أو خشية تهديد بوش الذي أعلن أن "من ليس معنا فهو ضدنا" ولكن سأثبت بالحجة والبرهان أن كل ما ادعته الإدارة الأمريكية لتبرير غزو العراق هو محض أكاذيب وافتراءات واهية لتبرير أكبر جريمة ترتكب من دولة عظمى في حق دولة مؤسسة للأمم المتحدة وشعب ذاق ويذوق الأمرين بعد عقدين من الزمن وليتحول العراق بفعل تلك الجريمة إلى دولة فاشلة يعاني شعبه من الفقر والخصاصة والتنكيل وترتكب في حق جزء كبير منه أبشع الجرائم من تنكيل وتقتيل واضطهاد وغياب للحريات والديمقراطية المزعومة.وأن غاية ما في الأمر هو خدمة المصالح الأمريكية ومصالح الكيان الصهيوني بعدما قدّم العراق وكل المنطقة على طبق من ذهب لإيران بعدما قدمت لها الولايات المتحدة خدمة لم تنجح في تحقيقها بالحرب لمدة ثماني سنوات.لقد كذبت الإدارة الأمريكية عندما ادعت أنها إنما جاءت للعراق لنزع أسلحة الدمار الشامل وهو المبرر الذي أثار رعب دول العالم حيث أثبت مفتشوها من كافة وكالات الاستخبارات بعدما جابوا كافة أرجاء العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه وبعد ما اعتقلوا قيادته وحققوا مع علمائه خلوه من أي صنف من أسلحة الدمار الشامل.ثانيا كانت الإدارة الأمريكية قد ادعت وقتها أن القيادة العراقية ترتبط بعلاقات مع تنظيم القاعدة في الوقت الذي كانت تعلم أن نظام الحكم في العراق علماني ولا يلتقي لا من قريب ولا من بعيد مع الفكر السلفي التكفيري الذي تتبناه القاعدة وأن بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي أنشأته المخابرات الأمريكية ومولته دول الخليج لمحاربة السوفيات في أفغانستان قد عرض على النظام السعودي بعد غزو العراق للكويت عام ١٩٩٠ أن يتصدى للعراق بدل مجيء القوات الغربية إلى أرض الحرمين غير أن النظام السعودي رضخ للضغوط الأمريكية التي وجدت الفرصة مواتية لوضع قدمها في المنطقة تمهيدا لمحاصرة العراق واضعافه في مرحلة أولى والاجهاز عليه في وقت لاحق.ثالثا كانت الإدارة الأمريكية قد سوقت أنها جاءت " لتحرير العراق" وارساء نظام ديمقراطيا ينعم فيه الشعب العراقي بالحرية وحقوق الإنسان وها نحن نتابع على مدى قرابة العقدين مآلات الديمقراطية الأمريكية في العراق حيث أنتجت العملية السياسية تحت الحرب الأمريكية نظاما فاشلا يكرس الطائفية السياسية والتفكك بين المناطق والاقاليم ويعمه الفساد بين نخبه الحاكمة وغياب للدولة حيث تحكمه المليشيات المسلحة التي ترتكب الجرائم في حق الوطنيين من أبناء العراق والتطهير والترحيل القسري على اساس طائفي وقومي بتهجير أبناء طائفة السنة من مناطق ديالى وجنوب بغداد وشمالها وهو مشروع إيراني يرمي إلى تجسيم الهلال الشيعي من إيران عبر العراق وصولا إلى سوريا ولبنان.أما المشروع الحقيقي الذي عملت عليه الإدارة الأمريكية هو تدمير العراق والاطاحة بنظامه الوطني الذي بقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تهدد الكيان الصهيوني ويقف سدا منيعا أمام مشاريع التسوية و الاستسلام فمجرد إزاحة العراق من معادلة الصراع العربي الصهيوني تهاوت العديد من الأنظمة وسارعت لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني خاصة بعد تهاوي الجبهة الشرقية ودخول إيران بمشروعها الطائفي الذي أدخل المنطقة في صراعات لها أول وليس لها آخر قابله المشروع التكفيري الذي تجسد في تنظيم داعش الذي هيأت له أمريكا وسهلت له لمزيد تمزيق النسيج الاجتماعي للمنطقة وصولا إلى انهيار منظومة الدفاع العربي المشترك والتجاء أنظمة الخليج الضعيفة بالضرورة إلى الحماية الأمريكية في مواجهة التهديد الايراني الذي يهدد هذه الأنظمة الاستبدادية الواقعة تحت الرعاية الأمريكية.لكن أثبتت أحداث أفغانستان الأخيرة فشل السياسة الأمريكية فبعد عشرين سنة تكبدت فيها أمريكا افدح الخسائر البشرية و المادية ولى جيشها الادبار فرارا من حركة طالبان التي وان كنت أختلف مع فكرها القروسطي المتخلف فلا نملك غير أن نعجب بصمود مقاتليها طيلة عقدين في مقارعة الصلف والجبروت الأمريكي وأجبروها على الفرار بجلدها مخلفة أسلحتها ومضحية بسمعتها وتخليها عن التزاماتها تجاه شعب وبلد دمرت كل مقدراته المادية و البشرية ولم تحقق الهدف الذي غزت من أجله أفغانستان والمتمثل في القضاء على الإرهاب حيث غطى تنظيم الدولة في خراسان فرارها بعمليات إرهابية اودت بحياة أكثر من ١٣ جنديا ولم تجد ردا عليه غير غارة بطائرات بدون تيار زعمت أنها اغتالت قياديا داعشيا بينما استهدفت عائلة أفغانية بريئة من ضمنها ما يزيد عن ستة أطفال.حقا أنني وإن كنت أنكر الإرهاب الذي يتهدد حياة الأبرياء وخاصة من المدنيين فإنني شامت ومبتهج للنهاية التي وصلت إليها الولايات المتحدة لما عانته الدول والشعب الضعيفة خلال العشريتين الاخيرتين من غطرسة وعنجهية لا مثيل لها.ولكن ما يثبت في البال أن إرادة الشعوب لا تقهر.






الجمعة ٢٦ محرم ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أيلول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة