شبكة ذي قار
عـاجـل










ما الذي ستحققه اثيوبيا من إنشاء سد النهضة؟ ، هذا السؤال يبدو بديهياً وبسيطاً يكشف عن تنمية الطاقة وتنمية الزراعة والأقتصاد فضلاً عن التنمية الأجتماعية الأثيوبية، إلخ .. وكل هذه التنميات مشروعة لأية دولة، ولكن يتوجب أن تأخذ أثيوبيا بنظر الأعتبار ( تأثير ) سد المياه ذاته على واقع جيو - استراتيجي يتعلق بدول الجوار ومنها على وجه التحديد مصر والسودان .. هل ستتضرر بضعف منسوب المياه؟ وهل ستتضرر من مخاطر تصدع الكتلة السمنتية الهائلة التي تحتضن مياهاً هائلة في الزمن المنظور أو الزمن البعيد نتيجة لعوامل ضغط الماء وتآكل التربة واحتمالات إنزلاق الصخور التي تؤدي الى التصدع؟ ثم ماذا سيحصل إذا انسفحت كميات هائلة من مياه السد ، بسبب الشروخ، على المحيط القروي والسكاني لكل من دول الجوار ، مصر والسودان ، وماذا سيحدث من دمار شامل يتضرر منه الاقتصاد والمجتمع المصري والسوداني والأثيوبي أيضا.

وهذا الأمر يدعونا الى التساؤل : ما هو مجال الأمن القومي المصري ١ - السودان مجالا حيوياً لمصر ٢ - البحر الأحمر حتى باب المندب ٣ - الخليج العربي هو الآخر يدخل المجال الحيوي للأمن القومي المصري ٤ - جنوب حوض البحر المتوسط والدول المشرفة، تونس وليبيا وفلسطين وسوريا ولبنان والأردن، فيما يشكل العراق عمقاً إستراتيجياً للأردن وسوريا والسعودية ودول الخليج العربي.

ثانياً - إن تدمير هيكل الأمن القومي المصري، والذي يعتبر العمود الفقري للأمن القومي العربي ، يبدأ من المركز ثم تتوالى تداعيات الموقف على بقية الوحدات السياسية العربية الأخرى. فقد بدأ ( تقييد ) مركز الأمن القومي المصري بمعاهدة كمب ديفيد، بعد سلسلة من الحروب المخطط لها صهيونياً وغربياً كمرحلة أولى تليها اخرى وهي ( تحييد ) مصر عن حماية أمنها القومي، وذلك بدفع أثيوبيا نحو تهديد مصر والسودان بمخاطر سد النهضة، و ( إلهاء ) المركز المصري عن الدفاع عن أمن مصر الحيوي وخاصة إتجاه مخاطر التوسع الإيراني الفارسي وإيقاف خرقه الخطيرا للأمن القومي العربي ، وبالتالي جعل مصر العربية الكبرى غير قادرة على الدفاع عن مجالاتها الحيوية ١ - جبهة سد النهضة ٢ - جبهة ليبيا ٣ - جبهة تونس ( الأخوان المسلمين ) ٤ - جبهة الإنسياح التركي في الشمال الافريقي عبر البحر المتوسط، وتهديد تركيا للمنطقة العربية بمشروع العثمنة الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الداعم – حسب مصالح الدولة التركية – للأخوان المسلمين أينما وجدوا والغطاء ( الشرعي ) الذي يخدم المنهج الصفوي على الأمد المتوسط.

ثالثاً - إن ( مركز ) الأمن القومي المصري قد ادرك المخاطر الناجمة عن سد النهضة والمخاطر الملموسة من التوسع الفارسي الصفوي، وهذا يتطلب في ظل القدرات العسكرية الدفاعية والقدرات الاقتصادية المتاحة ان تبادر ( أطراف ) الأمن القومي العربي – وهي تشكل العمق الحيوي وخاصة دول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والامارات العربية الى دعم المركز الحيوي للأمن المصري بكل امكانات وقدرات صد الاحتمالات المتوقعة وتفويت فرص التمدد والتوسع الفارسي وتحييد قوى الوكلاء المحليين من تنفيذ المخطط الأمريكي - الايراني المشترك الذي يقضي بتهشيم الكتل العربية الكبيرة وتفتيتها وإعادة هيكلتها، بدون إستثناء، من اجل ١ - حماية الأمن الإسرائيلي ٢ - ترجيح المذهبية الصفوية على الدين الاسلامي الحنيف٣ - رفع منسوب التطرف بقيادة أدوات ايران وامريكا ( داعش ، والقاعدة ، والحشد الولائي ) ٤ - تشجيع تطرف السلفيون كخط مقابل.

رابعاً - استمرار الوصول تدريجياً الى تفكيك مقومات الأمن القومي العربي وتأسيس ما يسمى بـ ( نظام الأمن الأقليمي ) ، تتولى ايران وتركيا والكيان الصهيوني إدارة هذا النظام تحت رعاية امريكية غربية .. والقاعدة الأساسية لهذا النظام هي الأقتصاد العربي وإستثمار كل ثروات الأمة – النفطية والغازية والمعدنية والمائية فضلاً عن الفضاءات الإستراتيجية المتمثلة بالخلجان والبحار والمعابر المائية ذات المواقع الحيوية.

سد النهضة الأثيوبي يعد احدا المخاطر التي ما وجدت إلا لتقييد الأمن القومي المصري عن اداء واجبات او متطلبات الأمن القومي العربي في الدفاع عن اقطار الأمة العربية جميعها وخاصة مركز الصراع على نهب الموارد، وإن قلب هذا المركز هو العراق والسعودية ودول الخليج العربي فيما يشكل الأطراف العمق الإستراتيجي الذي تشغله وتشله الفوضى .. فهل نعي توقيت تصعيد مخاطر سد النهضة مع مخاطر التمدد الفارسي الصفوي على امننا الوطني وأمننا القومي العربي ؟!






السبت ٢١ ذو الحجــة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة