شبكة ذي قار
عـاجـل










العروبة والعلمانية في فكر البعث الخالد وجهان متكاملان ففي موضوع البعث والعروبة جاء في دستور الحزب {{ بأن الشعور القومي الذي يربط الفرد بأمته ربطاً وثيقاً هو شعور مقدَّس .. والفكرة القومية .. هي إرادة الشعب العربي أن يتحرر ويتوحد وأن تعطى له فرصة تحقيق الشخصية العربية في التاريخ ، وأن يتعاون مع سائر الأمم على كل ما يضمن للإنسانية سيرها القويم إلى الخير والرفاهية }} ولهذا فإن (( الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة ، وتكافح العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية )) فالمبدأ الأول في دستور البعث ينص على أن (( الأمة العربية ، وحدة ثقافية )) ، وجميع الفوارق القائمة بين أبنائها عرضية زائلة تزول جميعها بيقظة الوجدان العربي ، وفي المبادئ العامة نصت المادة الثالثة من دستور الحزب (( حزب البعث العربي الاشتراكي قومي يؤمن بأن القومية حقيقة حيَّة خالدة وبأن الشعور الذي يربط الفرد بأمته ربطاً وثيقاً هو شعور مقدس )) المادة الخامسة من الدستور حين نصَّت (( حزب البعث العربي الاشتراكي شعبي يؤمن بأن السيادة هي ملك الشعب وأنه وحده مصدر كل سلطة وقيادة وأن قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها من إرادة الجماهير ، كما أن قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها )) وفي المادة العاشرة (( العربي هو من كانت لغته العربية وعاش في الأرض العربية أو تطلع إلى الحياة فيها وآمن بانتسابه إلى الأمة العربية )) وفي المادة ١٣ يجعل الحزب الرابطة القومية الرابطة الوحيدة القائمة بين المواطنين (( الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية )) ، وفي المادة ١٧ (( يعمل الحزب على تعميم الروح الشعبية ( حكم الشعب ) وجعلها حقيقة حية في الحياة الفردية ويسعى إلى وضع دستور للدولة يكفل للمواطنين العرب المساواة المطلقة أمام القانون والتعبير بملء الحرية عن إرادتهم )) وعلى المستوى الاجتماعي يناضل البعث ، كما ينصّ المنهاج ، لتعميم العمل والعلم واحترام الأسرة والمرأة وخلق ثقافة عامة للوطن العربي (( قومية ، عربية ، حرة ، تقدمية ، شاملة ، عميقة ، وإنسانية في مراميها وتعميمها في جميع أوساط الشعب )) ، أما موضوع البعث والعلمانية يقول الباحث الدكتور محمد شيا {{ إن جعل الرابطة القومية ، والتعبير لقوميي الثلاثينات ، الرابطة الوحيدة القائمة ، هو نفي واضح لكل ما يتعارض أو لا ينسجم مع الرابطة القومية وهو نفي الرابطة الدينية كأساس أو إطار جامع في الدولة العربية ، وهو التعارض الأول والمبدئي بين المنظور القومي والمنظور الديني }} وضاف أيضا" {{ اجتمعت في دستور حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أقره المؤتمر الأول التأسيسي في ٤ - ٦ عام ١٩٤٧ ، كل الأركان العامة ( النظرية ) التي سمحت ، بل ألزمت ، بلوغ فكر علماني محدَّد فالعقيدة التي تكوِّن قومية خالصة ، وتتبنى تطلعات الطبقة الوسطى في التحديث ، واشتراكية في المضمون ، ثم لا تذكر في دستورها ونظامها الداخلي كلمة واحدة في الإسلام أو الدين عموماً ، هذه العقيدة ( النظرية ) ستسمح حتما بقيام فكر علماني واضح ومحدَّد ، وفي حدود تفوق أو تتجاوز ما بلغته الناصرية في هذا المضمار }} فالقومية الخالصة الجماهيرية والاشتراكية ، هي بالضرورة علمانية ، فالقومية الخالصة لا تكون إلاَّ بتجاوز الديني تحديداً ، وهذا جانب مهم في العلمنة ، التي تسعى من خلال الاشتراكية إلى التحديث والعقلنة والعصرنة والتنمية والتطوُّر ، وهي كلها القاعدة التي تتخلَّلها العلمنة وتستند إليها ويضيف أيضا {{ وليس من باب المصادفة في شيء أن يخلو دستور البعث ومنهاجه في مواده الثماني والأربعين من أية كلمة تتناول الدين ( أو الإسلام ) ما خلا إشارة واحدة لحظت المذهبية والطائفية كعاملين معيقين للرابطة القومية وللتوحُّد الوطني }} فالرفيق القائد المؤسس رجمه الله قد أجاب عن هكذا تساؤل عندما كتب رؤيته للإسلام المحمدي النقي من كل البدع والدجل والخرافات {{ فإذا كانت هناك خصوصية للعلاقة بين العروبة والإسلام ، لاقتران التكوين القومي بالدعوة الإسلامية فإنها لا تتعارض مع الاتجاه نحو العلمنة فالعروبة كمفهوم تقدمي تعارض التنظيم الاجتماعي والسياسي القائم على أساس الطوائف والانقسامات الطائفية - وهي تشدد على ضرورة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الانتماءات الدينية والعرقية والإقليمية للمواطن - ، وقد دعا إلى طريق ثالث منبثق من روح العروبة ورسالتها الخالدة ، فقال : " قرأنا الإسلام بعد قراءة الشيوعية .. بعد مواجهة التحدي الاستعماري الغربي وحضارته ، وبعد الاطلاع على الحل الثوري الشيوعي الآتي من الغرب أيضاً " لذلك دعا المسيحيين العرب إلى أن " يحرصوا على الإسلام حرصهم على أثمن شيء في عروبتهم ، وأن يروا في الإسلام ثقافة قومية لهم يجب أن يتشبّعوها ويحبوها " ولأهمية دور الإسلام في مواجهة التحدي الغربي ، قال " ولئن كان عجبي شديداً للمسلم الذي لا يحب العربي ، فعجبي أشد للعربي الذي لا يحب الإسلام ، الإسلام برؤية قومية يؤكد أنَّ هناك رؤى أخرى له خارج إطار الحركات الإسلامية رؤى ترى فيه حضارةً ورسالةً وثورة وروحاً ، ولا ترى وجوداً للعرب والعروبة من دونه ، ولا تؤمن بإمكانية مواجهة التحدي الاستعماري الغربي من دونه كهوية وثقافة ودين }} ، ولم تتراجع مؤتمرات الحزب المتلاحقة عن أي من هذه الاتجاهات الراديكالية، وإنما على العكس تماماً، فقد كانت الدعوة منصبةً دائماً على تعميق أطراف المثلث الذي ذكرناه، مما يشير بمقدار ما يعنينا إلى تجذير متزايد لعلمنة النظرية البعثية وتوفير مقدماتها وشروطها وأسبابها.فقد أشار بيان المؤتمر الثاني ، في ٦ - ٩ نيسان عام ١٩٥٠ ، إلى أن على الحزب أن يزداد شدة في محاربة الرأسمالية والإقطاعية والرجعية وأن يدعو الجماهير العربية إلى التمسك بالاشتراكية العربية وبالاتجاه التقدمي وتوالت بياناته ، قبل الوصول إلى السلطة، تحذر من خطر استغلال الدين من قبل الرجعيين وحلفائهم (( فالحزب حرب على الطائفية والقطرية والعشائرية )) على حد تعبير بيانه الصادر في ٢٣ أيلول ١٩٥٩كذلك دعا المؤتمر الرابع ، في آب عام ١٩٦٠ ، وفي توصيته الرابعة إلى ما يلي (( يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة ، ولذلك يوصي القيادة القومية - علمانية الحزب ، خاصة في الأقطار العربية التي تشوِّه فيها الطائفية العمل السياسي و إبراز التناقضات بين مصالح الفئات الرجعية المتاجرة بالدين ومصالح الجماهير الشعبية - ، وتشير التوصية التاسعة إلى علمانية الحزب بالاسم والتحديد كما يلي - وجدت القيادة بعد دراسة الوضع في لبنان أن الفكرة العربية تقترن في أذهان جزء من أبناء الشعب بالطائفية الإسلامية والتبعية للجمهورية العربية المتحدة، لذلك تقرر أن أفضل سبيل لتوضيح فكرتنا القومية هو شرح وإبراز مفهومها التقدمي العلماني وعلى ذلك سيكون نضالنا في هذه المرحلة مركزا" حول تأكيد علمانية حركتنا ومضمونها الاشتراكي لاستقطاب قاعدة شعبية لا طائفية من كل فئات الشعب وطبقاته - ))

يتبع بالحلقة الأخيرة





السبت ٢١ ذو الحجــة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة