شبكة ذي قار
عـاجـل










أما في الشرق الإسلامي فقد أغلق النقل على العقل العربي أبواب الحرية ، إذ أنه قبل ثمانية قرون تقريباً ، انتصر النقل على العقل في المجتمع الإسلامي ، وان كل القائمين على مفهوم النقل هم من غير العرب ان كانوا فرس او أفغان او هنود او باكستانيين او من هم من أصول إيرانية تركية ، وكانت غايتهم الأساسية وقد نجحوا هي تغيب العقل وجعل المتلقي مستسلما لكل البدع والتحريف والدجل .. الخ ، ومنذ ذلك التاريخ تعرَّض العقل العربي وما يزال يتعرض لكل أنواع الرفض على يد فقهاء التيارات الدينية ، والدينية السياسية وهنا لابد من الإشارة الى تقرير مدير المخابرات الخارجية الروسي ميخائيل فرادكوف عن جماعة الاخوان المسلمين والذي جاء فيه {{ المعركة الان في دورتها الأخيرة وكان المسؤول الروسي يتحدث في ندوة مغلقة مع سفراء الروس في العالم العربي والإسلامي وقال ان بريطانيا دعمت جماعة الاخوان منذ البدء لمواجهة تنامي التيار القومي العربي وأوضح ان الاخوان لم يقروا او يستسلموا بهزيمة مشروعهم السياسي بل انهم مازالوا يراهنون على ان مشروعهم هو المشروع البديل لكل المشاريع التي تطرح في المنطقة وانه هو المشروع الأقوى والمدعوم دوليا والذي شق طريقه خلال ثمان عقود من العمل المتواصل وان ما يلاقيه المشروع ألان من تراجعات سيتم التغلب عليها لأنها عقبات مختلفة اوجدتها قوى تهدف الى تدمير المشروع الإسلامي في المنطقة ويستند هذا الاطمئنان بحسب تحليل مدير المخابرات الروسية لدى الجماعة بالدرجة الأولى على دعم القوى العالمية الأكثر تأثيرا في العالم وهي أمريكا }} ولذلك شكلت بنية العقل الشعبي العربي سجناً حرم العقل الفلسفي من حرية الانتشار وعن ذلك نرى أن حركة العقل الفلسفي لم تستطع حتى الآن الدخول إلى حرم العقل الشعبي التبسيطي والسطحي ، الأمر الذي حال دون نقل الثقافة الشعبية من ضفة النقل إلى ضفة العقل لأن ثقافة القرار الديني هي الثقافة السائدة ، وتتلخص بأركان ثلاث تسـهم في رسـم صورة المشـهد الفكري الإسـلامي الراهن وهي {{ قرار السلطة - فتوى رجل الدين - الشعب المقلد للفتوى }} وما يحصل اليوم في العراق من دعوات لمحاكمة أبو جعفر المنصور وإزالة تمثاله من حي المنصور ببغداد الى هدم مرقد أبو حنيفة وتحويله الى منتزه لخير دليل على تغييب العقل والانجرار وراء دجل وبدع يراد منها الفتنة وصولا الى الاقتتال الطائفي لغياب السلطة وتراجعها المستمر امام سلطة المليشيات الولائية التي لاهم لها سوى تنفيذ إرادة ولي الفقيه الذي يعبر بدون أي التباس عن الصفوية الجديدة ، ولكل ذلك كانت ثقافة التجديد القومي غريماً لثقافة التجميد الديني فالنظرية القومية وليد جديد وناشئ ، بدأت حركتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولأنه نمط فكري جديد كان في نظر الفقهاء المسـلمين خصماً جديداً يجب وأده ، ولذلك قيل فيه (( ما دخلت القومية إلاَّ لمحاربة الإسلام )) أصدر الفقهاء الحكم بتكفيره وتكفير من ينظرون له ، أو يدعون إلى إقامة دولة مدنية ، وقد أيدوا دعوتهم بمبدأ فقهي سائد ، بـ (( لا حكم إلاَّ لله )) و (( لا يصلح الخلف إلاَّ بما صلح فيه السلف )) ولذلك تساعد الحركة النقدية للفكر الديني السياسي بالكشف عن واقع الحركات الإسلامية السياسية وعن حقيقة عقائدها ، وهذا منهج علمي يساعد على تحديد العلاقة بين القومية والدين وبالتالي (( العلاقة بين العروبة والإسلام )) أكد البعث منذ المرحلة التأسيسية ان العمق الفكري في فهم العروبة يأتي من خلال الاكتشاف الحقيقي للإسلام ، فكانت فلسفة الفكر القومي للبعث تنطلق من أن الإسلام احد أهم مقومات الأمة ، وتطور هذا الفهم العميق للإسلام وعلاقته بالعروبة الى ان الامة العربية هي امة الإسلام ، فالمرحوم القائد المؤسس يقول {{ بدافع من الحب للامة العربية احببنا الإسلام }} ويقول رحمه الله {{ وبعد أن اقتربنا أكثر من فهم الإسلام ، أضحى حبنا لأمتنا يتلخص في حبنا للإسلام وفي كون الأمة العربية هي أمة الإسلام }} بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية الإسلامية في أعقاب الحرب العالمية الأولى تأسست حركة الإخوان المسلمين في العام ١٩٢٩ داعية لاستعادة عصر الخلافة الإسلامية ، منذ نشأتها الأولى كانت حركة الإخوان المسلمين تحمل أحكام التصادم مع الأفكار والمشاريع السياسية الأخرى ووصلت درجة التصادم إلى حدود تكفيرها ، وكان الفكر القومي عدوها الرئيسي من جانب ، والدول ذات الإيديولوجيات العلمانية كانت عدواً من جانب آخر ولذلك تصادمت مع البعث والناصرية ، فلوحقت في كل من سورية ومصر ، ولم يرتفع الحظر عنها إلاَّ على أيدي نظام أنور السادات ، لأن نظامه يعرف أنه لن يقف في مواجهة القوميين الذين عارضوا توقيع اتفاقات كامب ديفيد سوى الإسلاميين وكذلك ، وبالتنسيق بين أميركا والسعودية ، تم وضع الإسلاميين في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية وقد دشّنوا تلك المرحلة ابتداءً من بوابة أفغانستان – ما يعرف بالعرب الأفغان الذين كانوا أساس تنظيم القاعدة وما خرج منها بقيادة اسامه بن لادن والظواهري وغيرهم - ، وورد في تقرير مدير المخابرات الروسية الخارجية الذي اشرت اليه أعلاه الاتي {{ اما العلاقة بين الاخوان المسلمين والمخابرات الامريكية فكانت وجهتها في تلك المرحلة التعاون في التصدي للنفوذ السوفيتي في أفغانستان والمنطقة وضرورة التصدي له إسلاميا دون الحاجة الى التدخل امريكي مباشر بل ستوفر أمريكا كل أنواع الدعم للمقاتلين الإسلاميين في مواجهة الاحتلال السوفيتي وتولى عبد الله عزام الذي كان ابرز قادة الاخوان المسلمين في تلك الفترة هذا الملف بالتنسيق مع الامريكان وشخصيا مع مستشار الامن القومي بريجنسكي الذي التقى بعزام اكثر من مرة في باكستان ونسق واياه ولادة تنظيم القاعدة في أفغانستان الذي كان عنوانا لذهاب كل المقاتلين الإسلاميين من الدول العربية والإسلامية لمواجهة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان وحرف النظر عن المعركة مع (( إسرائيل )) وعبد الله عزام هو من اوجد القاعدة وقيادتها اسامه بن لادن .. }} في تلك الأجواء التي اوجدها جماعة الاخوان ومن يتفقون معهم في النيل من العروبة وفصلها عن الإسلام بجوهره المحمدي النقي من كل الشوائب والعلل كان للقائد المؤسس رحمه الله الوقفات والتصدي المباشر وتعرية المدعين بالدين والإسلام وهم لا يقتربون من جوهره حيث قال ومن على مدرجات جامعة دمشق وفي ذكرى ميلاد الرسول العربي الامي محمد بن عبد الله صل الله عليه واله في نيسان عام ١٩٤٣م ان الايمان طريق البعثيين لمواجهة العبء الثقيل والتحديات الكبيرة التي يوجهونها ، فيقول رحمه الله {{ لا يفهمنا الا المؤمنون ، المؤمنون بالله .. اننا نؤمن بالله ، لأننا في حاجة ملحة وفقر اليه عصيب فعبئنا ثقيل ، وطريقنا وعر ، وغايتنا بعيدة }} في سبيل البعث صفحة ١٣٤ / دار الطليعة / بيروت ١٩٧٤ في ذكرى الرسول العربي

يتبع بالحلقة الثالثة





الخميس ٢١ ذو القعــدة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة