شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى القائد المُؤسِّس .. من يرتقي سلم المجد .. ي ُ خَلَّد في التأريخ

أحمد ميشيل عفلق نموذجاً


باستثناء الرسل والأنبياء الذين يبعثهم الله تعالى لهداية الناس الى طريق الايمان والعمل الصالح، هنالك القليل من الناس الذين يمتلكون القدرة على البقاء خالدين في نفوس وفكر وضمير الآخرين، ليس من أهله وأحبائه والمحيطين به، فحسب، بل يتعدى ذلك الى جميع البشر الذين عاصروه، ومن يليهم في عصور أخرى.بعضهم يُخلَّد في ابداع ثقافي حضاري أو انجاز علمي او اصلاح مجتمعي او تغيير سياسي .

وإذا كنا نتحدث عن الشخصيات العالمية المبدعة في الـتأريخ، فحري بنا أن نستحضر ونستذكر رموز العرب الذين خُلِّدوا لإبداعهم وانجازاتهم الثرة التي تعدت في عطائها خدمة الامة الى الانسانية جمعاء.ففي العلوم والتكنولوجيا نستذكر الخوارزمي وعباس بن فرناس، وفي علوم الرياضيات والبصريات ابن الهيثم، وفي الاجتماع والفلسفة والطب والصيدلة يتقدم ابن خلدون و الرازي والكندي والفارابي وابن رشد وابن حيان، وذلك ابن بطوطة يستكشف جغرافية العالم، وغيرهم الكثير ممن خدموا الأمة و الانسانية في شتى ميادين ومعالم

الحياة. وجميع هؤلاء فارقوا الحياة الدنيا، ولم تمت عناصر ابداعهم، فبقيت خالدة عصوراً بعد عصور .

وهم يضافون الى سجل العظماء والمبدعين ممن قدم خدمة للبشرية سواء باختراعاته العلمية كأديسون وغراهام بيل او بالكتابة والأدب كوليم شكسبير وفيكتور هوجو وتولستوي وارنست همنغواي، او بالفلسفة كأفلاطون وسقراط. وبالطبع وبغض النظر عن موقفنا من رواد الفكر السياسي العالمي لا يمكن أن نغفل بأمثلتنا اولئك الذين صنعوا لأنفسهم تأريخاً اثّرَ في حياة الشعوب والامم كمارتن لوثر وماركس وانجلز وغيرهم مما لا مجال لحصره .

وإذا ما وجدنا في شخصية رجل يحمل خصال متنوعة وسمات عديدة وأصيلة وعقل جوال وفكر نير، ويخوض نضالاً متواصلاً ويعيش المعاناة والضغوط الهائلة، ويوظف كل ذلك من أجل إحياء الامة العربية التي حملت راية الحضارة الى عموم هذه المعمورة، وإعادة بعثها من جديد، كونها امة خالدة، خلدها الله تعالى ورعاها بأن جعل رسالته سبحانه في صفيّه العربي الأمي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وجعل مصدر التشريع الأول في القرآن الكريم بلغة العرب.عند ذاك يكون خلود هذه الشخصية مرتبطاً بخلود هذه الأمة .

وهكذا كان صاحب العقيدة الراسخة، المفكر العروبي، والمناضل المبدع، والفيلسوف المقتدر، والقائد الحزبي، والمعلم التربوي، والمكافح العنيد، أحمد ميشيل عفلق، الذي وهب حياته كلها من أجل إحياء الأمة العربية من جديد في ظروف القهر والظلم والتخلف والظلام .

ولعل أهم ما يمكن قوله في تحليل هذه الشخصية التأريخية، ويجعل المرء مذهولاً بها كونه قد اعطى بعداً جديداً للايمان بالدين من خلال ربطه بقضية النضال القومي التحرري الانساني المعاصر للأمة.وذلك لعمري وحده من أصعب الأمور التي يقدم عليها الانسان ، ولا يتبناها الا ذو شان عظيم.وهكذا

أراد القائد المؤسس أن يعيد للأمة كيانها الأصيل بتوحّدها كما كانت، فأكد وجسَّد الربط التفاعلي الحيّ والدائم بين العروبة والإسلام . وبذلك فقد ارتقى سلم المجد ورسم للأمة طريقها الجديد في زمننا المعاصر الذ ي استلهمه من تراث الامة، فبدونه لا معنى لوجودها ولا قدرة تأثيرية لها بين الأمم .

فكان يؤمن ايماناً عميقاً بضرورة فهم الدين والايمان على حقيقته لتحقيق نصر الأمة، وكان يرى ان تجربة الإسلام وحياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليست حادثاً تاريخياً يذكَر للعبرة والفخر، بل هي استعداد دائم لكي تنهض الأمة العربية لتقوية أخلاقها كلما لانت، وتستنهض قدراتها كلما ضَعُفت، وكلما سيطرت فيها المادة على الروح، والمظهر على الجوهر.ويجد ضرورة تكرار ملحمة الإسلام البطولية بكل فصولها من تبشير واضطهاد، وهجرة وحرب، ونصر وفشل، حتى تحقيق الظفر النهائي للحق والإيمان.وطالما استشهد بعصر الرسالة الإسلامية وهو ما تؤكده مقولته الشهيرة ( كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب اليوم محمدا ) .

وقد استلهم القائد المؤسس روح الإسلام من ذلك التراث الثرّ فيقول ( ولد البعث وهو يبشر بالبطولة ويستلهم تراث الأمة الخالدة ويعمل بمقاييس الخلود وبهدي المثول الدائم أمام تاريخ الأمة ) ، كما يستلهمه من اولئك القادة العظام الذين صنعوا العطاء الحضاري للامة ونشروه للبشرية والاخرين الذين قادوا حركات التحرر العربية الإسلامية والفتوحات الكبيرة دون كلل أو كسل أو ملل، بعد أن غرس الله في قلوبهم الايمان ، كأبي عبيدة وسعد وخالد بن الوليد والقعقاع وشرحبيل والمثنى والمقداد والمهلب وغيرهم.ذلكم القادة الأبطال الذين خَلَّدوا الامة بأفعالهم البطولية فخُلِّدوا معها .

فكيف لأمة ارتضاها الله لرفع رسالته الخالدة، وخلدها ابناءها بالتفاني من أجل عزها ومجدها ورفعتها وبقائها أن تنهار أو تنحدر أو تندحر أو تختفي؟

ذلك ما هو محال بالرغم من حجم الصعاب والنوائب والتحديات الجسيمة المستمرة والمتصاعدة التي يحيكها وينفذها أعداء الأمة .

وفي هذه الظروف العصيبة التي تمر بأمتنا الخالدة واجتياح امنها القومي في كل مكان بعد احتلال العراق جمجمة العرب ، نستذكر ونستلهم من ذلك الدعاء الذي توجه به القائد المؤسس الى رب العزة بالقول ( اللهم انت الذي اردت ان يكون العرب امة موحَّدة قوية هادية تحمل الى العالم رسالتك، تريد اليوم ان تعود اليهم وحدتهم وقوتهم ليؤدوا هذه الرسالة من جديد.اللهم هب لي قوة الايمان وصفاء الفكر وصلابة الارادة لأكون جندياً نافعاً فعالاً في الجهاد الذي يقوم به العراق من اجل وحدة العرب ).







الاربعاء ١٣ ذو القعــدة ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / حـزيران / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة