شبكة ذي قار
عـاجـل










أما بعد ظهور الإسلام والتبشير به وانتشاره هناك اختلافاً حول بدء نشأة الفرق والأحزاب الدينية في صدر الإسلام ولكن هناك اتفاقا على أن (( الشيعة )) كانت أول فرقة أو حزب إسلامي برز إلى سطح الأحداث السياسية إذ يرى الدكتور مراد هوفمان سفير ألماني سابق في المغرب أن (( الشيعة نشأت أول ما نشأت كحزب ثم تطور الحزب فيما بعد لتصبح فرقة من الفرق الإسلامية )) ومثل هذا الرأي ورد في الموسوعة البريطانية عند تعريفها - للشيعة فحسبها أن الشيعة تطورت بالتدريج من حزب سياسي إلى حركة دينية - ، و يشير الدكتور محمد ضياء الدين الريس في كتابه ( النظريات السياسية الإسلامية ) إلى أن - فكرة الأحزاب السياسية كما تفهم اليوم كانت موجودة من القرن الأول من تاريخ الإسلام وأن ما أطلق عليه اسم الفرق الإسلامية ( هي عين ما يسمى الآن بالحزب ذلك إن من الصفات العامة التي تتميز بها الفرق الإسلامية انها لم تكن مجرد مدارس فكرية تصل إلى تكوين آراء لم تكتف بإبدائها او تدوينها ولكنها كانت – أحزابا - بالمعنى السياسي الذي نقيمه اليوم في ميدان السـياسة العملي فلها مبادىء معينة أشبه بالبرنامج المرسـوم ولها نشـاط وفيها نظام ثم هي تسـعى وتكافح حتى تحقق لهذه المبادىء النصر وتجعل منها ان اسـتطاعت منهاج الحكم في ذلك كما يضيف إن هذه المبادىء لم تكن مجرد أفكارا نظرية او خيالية ولكنها كانت في عقيدة الفرق أو الأحزاب دينا وقانونا يجب أن يتبع وينفذ ومثلاً أخلاقياً ينبغي أن يحتذى ومن هنا كان أثرها في التاريخ وصلتها القريبة به وتوجيهها لوقائعه ) - ويتفق الدكتورمحمد عمارة مع هذا الرأي يقوله كانت الفرق الكلامية تنظيمات سياسية تميزت في ( المقالات أي النظريات ) وهي الوسائل التي اعتمدتها وضع هذه المقالات في الممارسة والتطبيق فالخوارج مقالات ومنهج في الوصول لتحقيق مقالاتهم وكذلك الحال عند المعتزلة وعند الشيعة بفصائلها المتعددة المعتدلة منها والمغالية العلنية منها والسرية ، ويرى بعض الباحثين ان الجليل الأعلى نبه العرب والمسلمين من التحزب بقوله * وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * ( آل عمران ١٤٤ ) فإنها آية محكمة وللوقوف على معناها - أن هذه الآيات أنزلها الله تعالى بعد غزوة " أُحد " وهي مقدمة وتهيئة لموت النبي صلى الله عليه واله وسلم ففيها التذكير بأن الإسلام لا ينقطع بموت أو قتل نبيكم ، كما فيها بيان ما حصل مع أنبياء سابقين حيث لم يؤثر قتلهم على أتباعهم ، ولم يستفد من هذا التنبيه والتذكير من ارتدَّ على عقبه من القبائل فخسروا الدنيا والآخرة ، وقد ذهب البعض الى الاعتقاد واقعة السقيفة والخلاف على تولي إمامة المسلمين ما حدث الفتق الديني والمذهبي والفرقي ولهذا يذهب البعض إلى أن الإمامة هي مفترق الطرق ومعترك الآراء ومن هنا حصل انشقاق والاختلاف بين المسلمين وجالت الأقلام واضطربت الأقوال وتكونت المذاهب ووصل أمر المسلمين إلى ما هو عليه اليوم ، ويعتقد البعض ان السقيفة أنبتت الشوك في وحدة المسلمين وأسالت الدماء فمن الناحية الدينية تصدعت وحدة المسلمين بعد وفاة النبي العربي المكي الهاشمي الامي المضري محمد بن عبد الله صل الله عليه واله خير البرية وتوزعوا إلى فرق ومذاهب مختلفة منذ بدأت مسألة الخلافة تتفاعل فيما بينهم بالعنف وتتحول إلى صراع دام ، وهناك من يعتبر السقيفة بداية المصائب ونشوء الفرق والأحزاب الدينية والمذهبية إذ يكمن سبب المصائب التي حلت بهذه الأمة ومزقت وحدتها وبعثرت صفوفها وجعلتها شيعاً وأحزاباً وطرائق قدداً يكمن في الفصل بين المنظومة الإلهية ( القرآن والسنة ) وبين المرجعية والقيادة السياسية ، وهنا كان للاعاجم دور فاعل في تعميق الخلاف والانشقاق لتحقيق أهدافهم الا وهي اضعاف الإسلام ، وعلى ضوء ما تقدم يطرح تساؤل فماذا يقول الواقع ؟ ، وقبل الإجابة على هذا فإننا نطرح لرؤية بعض فقهاء المسلمين حول الأحزاب {{ هناك أمران أساسيان بالنسبة لأي حزب ينشأ في المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية الأول أن يحترم الحزب ثوابت الامة وقطعيات الشريعة وهى الإيمان بالله ـ جل جلاله وبالآخرة بالقيم الأخلاقية لا يستخف بدين من الأديان حتى لا بالإسلام ولا بغير الإسلام ، يعني يحترم الأديان كل الأديان يحترم مقدسات الأمة وثوابتها والأمور القطعية وهناك أشياء يختلف فيها الناس ، والثاني أن يعمل الحزب لصالح الأمة ولا يكون عميلاً لأي جهة خارجية وليس امتداداً لها أي لا يصح أن يكون امتداداً لأحزاب قائمة في روسيا وأمريكا والغرب ودول الجوار للوطن العربي يكفي هذان الأساسان ليقوم الحزب في ظل ثوابت الأمة وفي ظل دستورها القرأن الكريم }} ويرى الدكتور مصطفى الشكعه إلى أنه عندما قتل الخليفة الراشد الثالث عثمان ( رض ) انقسم المسلمون إلى حزبين الحزب الأكبر وقد سمى (( شيعة )) والقسم الاقل سمى (( شيعة معاوية )) ثم ما لبث اللفظ بمرور الأيام أن اتخذ معنى محددا وهو أنصار على بن ابي طالب وأبنائه وأحفاده من بعده عليهم السلام ويؤكد ابو بكر بن العربى فى كتابه (( العواصم من القواصم )) على أن مقتل عثــمان فـرق الناس شيعاً يقاتل بعضها بعضا لكننا هناك من يرجع نشوء الفرق الإسلامية إلى مقتل الإمام علي فالحكم بعد فترة حكم الخلفاء مباشرة وانعطف وانحرف وتحول إلى قيصرية أو كسروية أو شبيه بهما لقد كان من نتائج هذا التحول والانحراف ظهور فرق وجماعات إسلامية معارضة له اتخذت لها في التاريخ الإسلامي مواقف الرفض للمنحرفين في محاولة منها للتقويم كان منهم في التاريخ الإسلامي كل من الخوارج والشيعة ، كما أن هناك من يرى ان انتشار الإسلام كان عاملاً مساعداً في نشوء الفرق لقد ظهر في القرون الأولى الإسلامية فرق وأحزاب كان من أبرز أسبابها اختلاط العرب بغيرهم من الشعوب التي غزاها الإسلام واضطرها للاسلام والخضوع لسلطانه ، ولعل ما طرح حول نشأة الأحزاب خاصة في الإسلام يؤكد أن الأحزاب تمثل نتاجاً طبيعياً لواقع أي مجتمع وثمرة لحركته التاريخية وهذا يدعونا إلى إثارة العديد من التساؤلات وطرح القضايا التي تتعلق بالأداء الحزبي في العالم العربي فلا شك أن المتاح السائد يشكك في جدوى وأهمية التحزب بل أن القاعدة العريضة من الشـعب العربي على امتداده ينفر تماما من الأحزاب ويرى فيها تحقيق لمصالح ذاتية وسـبيلا للارتزاق والتسـلق والشـهرة والحصول على الامتيازات كما يرى نضير الخزرجى بكتابه – الفرق الدينية والاحزا ب السياسية

يتبع بالحلقة الخامسة





الاثنين ١٩ شــوال ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / أيــار / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة