شبكة ذي قار
عـاجـل










الذي يدعو الى الإستغراب فعلاً هو بروز عدد من التساؤلات في سياق التصعيد الكائن بين امريكا وايران وعدم قدرة دولة عظمى على الحسم، على الرغم من تعرض المصالح والهيبة الأمريكية الى الإهانة والضرر البليغ في المنطقة والعالم.لماذا يستمر التصعيد في ظل التغول الايراني؟ ولماذا تندلع المواجهات الصاروخية بين قيادة ( حماس ) في قطاع غزة وليس قبل بضعة شهور او سنين؟ هل هي فعلاً استفزازات المستوطنين الصهاينة التي دفعت الى التصعيد ؟ ثم ما هو هدف التصعيد بين قيادة غزة وقيادة تل ابيب؟ هل تريد قيادة غزة ( تحرير ) فلسطين بالصواريخ الإيرانية؟ أم ان هذه القيادة المرتبطة بفيلق القدس الايراني تريد ( تحريك ) المياه الراكدة منذ عام ٢٠٠٦ حيث صواريخ ايران التي استخدمها حسن نصر الله ولم يحصد منها شيئاً إلا دمار لبنان ولحساب طهران، وهذا ما قاله زعيم حزب الله اللبناني القابع في سراديب الجنوب؟

أسباب التصعيد الحربي بين غزة والكيان الصهيوني الآن؟!

بعد أن شعرت ايران بأن وضعها الاقتصادي والاجتماعي والدبلوماسي في تدهور من الصعب أن تستمر في نهجها ولا بد من التغيير في سياساتها ( تكتيكيا ) ، فضلاً عن ضرورة تغيير الوجوه القيادية والميدانية بالتصفيات من اجل الدخول الى مرحلة سياسية جديدة تقتضيها مستلزمات فك العزلة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، والتعامل بدبلوماسية متحجرة عسى ان تصل الى هدف رفع العقوبات لكي تنتعش اذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن , ويستمر زخم توسعها الخارجي وبالتالي، إلقاء حجر فارسي في بركة الشرق الأوسط الراكدة ، وهو الأمر الذي قد يأخذ مساره في التصعيد ليشمل منحيين ، منحى ( حماس ) في غزة ، ومنحى ( حزب الله ) في لبنان، وكليهما مجهزان بصواريخ بالستية إيرانية، ويمكن لإيران ان تسثمر في لعبة ( الإختباء ) خلف حماس وخلف حزب الله، في ضوء ما ترسمه الإستراتيجية الإيرانية.ومن هنا يبدو التساؤل مهماً وضرورياً ، لماذا توقيت التصعيد الآن وفي هذه الظروف بالذات؟ ثم ، من هو المستفيد من هذا التصعيد، إيران أم امريكا ، أم كليهما ؟

خلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط مسئلة مهمة تتبعها ايران كما تتبعها امريكا في لعبة سمجة اسمها الصراع الأمريكي - الإيراني الفاضح.اساس هذا المدخل المهم يمكن تلمس الأحداث على النحو الآتي :

أولاً - حركت إيران ( حماس ) لتطلق صواريخها على الكيان الصهيوني في هذا التوقيت الغريب ، بعد ان إفتعلت ( إسرائيل ) فتنة المستوطنين وإستيلائهم على منازل المواطنين الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في القدس الشريف واللعبة إنتخابية داخلية إسرائيلية، استثمرت إيرانياً بالتصعيد الذي عزز مكانة السفاح " نتنياهو " من جهة، وتسبب في دمار غزة وسفك دماء الفلسطينيين، ( ولم تسقط قطرة دم واحدة إيرانية لحد الآن ).!!

ثانياً - ( حماس ) ، واجهة ايرانية وليست فلسطينية .. كيف ؟

ايران فككت وحدة نضال القضية الفلسطينية المسلح بإتفاق ايراني - اسرائيلي مشترك أملته الاستراتيجية الاسرائيلية القائمة على تفتيت ( كتلة ) المقاومة الفلسطينية المسلحة ديمغرافيا وجيوبوليتيكاً .. بمعنى تفتيت الشعب الفلسطيني وتقسيمه جغرافياً يتوزع بين قطاع غزة والضفة الغربية ولا رابط جغرافياً بين القطاعين، والسيطرة على المقاومة ممكنة عن طريق العزل والاجتياح .. من هذا التخطيط المشترك، استفاد الكيان الصهيوني بتخفيف ضغط المقاومة الفلسطينية المسلحة، فيما استفاد الايرانيون من هذا التخطيط المشترك ، إيجاد موقع قدم على حافات البحر المتوسط عن طريق التحالف ( الآيديولوجي ) و ( الإستراتيجية ) مع اطراف الصراع .. فلو كان النظام الايراني كما يدعي انه يناصر المقاومة الفلسطينية فكيف له ان يشق وحدتها ( ايديولوجياً واستراتيجياً ) ؟ وجعل الشعب الفلسطيني متشرذماً في قطاع غزة والضفة الغربية وفي باقي ارض فلسطين.وربما يتسائل البعض، كيف تكون حماس ( السنية ) المذهب ( شيعية ) الهوى مع نظام يرعى الإرهاب في العالم، والجواب انها الآيديولوجيا ، آيديولوجيا ( الأخوان المسلمين ) ترتبط بمنهج النظام الايراني، كما هو حال الاخوان في كل مكان ومنهم النظام الأخواني في تركياً ، والاحزاب الإسلاموية في العراق ( الدعوة ) وغيرها، وفي الجزائز والغنوشي في تونس الذي يبدل جلده كلما تطلب الأمر ذلك كالحرباء ، وكذلك في ليبيا ومصر والاردن والمغرب وحتى في دول الخليج العربي.!!

خلاصة تبادل الصواريخ والقصف بين غزة والكيان الصهيوني :

هنالك صراع إعلامي بين طهران وتل أبيب يتسم بالمتاجرة بإسم قضية فلسطين ، اما التفاهم القوي بين العاصمتين فتكشفه تجارة الاسلحة الى طهران وتكشفه التجارة عن طريق ماركات طرف ثالث وتكشفه القنوات الفضائية الايرانية الموجهة طائفيا ضد العرب والمسلمين والتي تذاع عن طريق القمر الإصطناعي الاسرائيلي ( آموس ) ويديره متفاعد برتبة مخابراتية عالية في الموساد الإسرائيلي، وتكشفها الصلات الحميمة بين المعابد اليهودية في طهران مع قيادات قم في ايران ، ويأتي " محمود احمدي نجاد" في مقدمة الشخصيات اليهودية الايرانية التي قادت ايران في السابق وتعلن عن ترشحها للإنتخابات الرئاسية الايرانية القادمة .. وهناك المزيد من غاطس جبل الجليد بين طهران وتل ابيب .. فكيف لحماس ان تفسر إرتباطاتها بالنظام الايراني الذي يحتل العراق ويحتل سوريا ويحتل اليمن ويحتل لبنان ويجعل من كل هذه الدول العريقة دولاً فاشله؟ وهي دول عربية وشعبها مسلم؟ كيف تفسر حماس الابادات الجماعية التي يتعرض لها الشعب العربي في العراق على يد مليشيات الحشد الشعبي الايرانية؟ وكيف لها ان تفسر الابادات التي ترتكبها عناصر حزب الله اللبناني في سوريا واليمن والعراق وفي قلب لبنان؟

يراد من هذا الصراع المفتعل بين ( اسرائيل وايران ) في غزة ان يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني دماءً تسفح وخراباً يتسع، ولم تسقط قطرة دم ايرانية واحدة، فهو صراع ( تحريك ) وليس صراع ( تحرير ) ، نراه الآن يصب في مصلحة ايران ومصلحة الكيان الصهيوني، لكي تستمر ١ - لعبة التطبيع مع الكيان الصهيوني ٢ - بيع اسلحة امريكية الى دول المنطقة العربية ٣ - إنهاك المنطقة العربية وامتصاص مخزونها النقدي من البترودولار وخاصة من دول الخليج العربي ٤ - إفقار الشعب العربي في كل الساحات ودفعه الى اليأس والقبول بالمخطط الامريكي المتمثل بمشروع الشرق الاوسط الكبير في ظل نظام للأمن الاقليمي الذي يرتكز على الثلاثي المعروف ( اسرائيل وايران وتركيا ) بقيادة أمريكية.

يستمر صراع ( التحريك ) بين طهران وتل ابيب على حساب القضية الفلسطينية وتستمر دماء الفلسطينيين بالنزيف تحت الأنقاض ، ما دام المشروع لم يكتمل بعد بالتطبيع وبناء نظام الأمن الإقليمي المزعوم.!!

يرتبط رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "اسماعيل هنيه" مع قائد فيلق القدس الايراني "اسماعيل قاأني" بعلاقات ايديولوجية واضحة افرزت تسهيل وصول صواريخ ايرانية ، ليس حباً بالشعب الفلسطيني وتحرير فلسطين ودعم نضال الشعب الفلسطيني، وإنما لدواعي تصب في الاستراتيجية الايرانية هلى حساب الشعب الفلسطيني.

والمعروف : ان ايران و ( اسرائيل ) كانتا قد إتفقتا على سياسة تفتيت نضال الشعب الفلسطيني المسلح، وذلك بسلخ قطاع ( غزة ) وعزلها وجماهيرها عن الضفة الغربية .. إن شق وحدة النضال الفلسطيني المسلح هو أحد أركان الاتفاق السري بين الكيان الصهيوني وايران تحت دعم حماس بالصواريخ دون ان ترسل ايران جندياً واحداً او ترسل مليشياتها الطائفية أو تطلق رصاصة واحدة، وفيلقها ( القدس ) يجاهر بذبح العراقيين والسوريين واليمنيين واللبنانيين.

إن واقع الترابط الكائن بين حماس ومكتبها السياسي مع النظام الايراني يعكس طبيعة الاهداف الايرانية ومسوغاتها الاعلامية .. والتساؤل هنا : من هو المستفيد من التصعيد ( التحريك ) ؟ هل المستفيد الشعب الفلسطيني؟ وهل المستفيد من هذا التصعيد ( التحريك ) الكيان الصهيوني؟

والجواب المؤكد : ان المستفيد هي ايران وامريكا ولحساب الكيان الصهيوني .. كيف ؟

لماذا التراشق الصاروخي والقصف المتبادل الآن وليس قبل شهور او بضع سنين؟ وآخر تصادم مفتعل كان عام ٢٠١٦ فلماذ الآن ؟ ما هي الظروف والمستجدات التي دفعت الى التصعيد، هل هي ظروف تخص ايران ام انها تخص : اسرائيل ) ام تخص امريكا؟

والمعروف في سياق الاستراتيجية الايرانية .. ان ايران لن تجازف في المواجهة مع ( اسرائيل ) من اجل فلسطين، إنما من اجل مصلحتها الاستراتيجية في المنطقة.

ثم لماذا لم تتحرك صواريخ حسن نصر الله الخادم الذليل لعلي خامنئي في الجنوب اللبناني؟ ألم تكن المعركة واحدة لنصرة الشعب الفلسطيني كما يروج الاعلام الفارسي؟ ، وهذا يعني ان تصعيد الصراع بين امريكا وايران على الساحة الفلسطينية هو في حقيقته ( تحريك ) لأغراض سياسية وإستراتيجية تتطلبها المرحلة الراهنة ، ومن اجل تلميع وجه ايران ورفع معنويات اذرعه واتباعه وذيوله المنهارة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي كل مكان حيث توجد خلاياه الطائفية الصفوية نائمة وخاصة في دول الخليج العربي.

فما دامت امريكا قد وضعت منذ عقود من السنين في قمة استراتيجيتها هدفان مركزيان هما : أولاً - حماية أمن اسرائيل .ثانياً - السيطرة على منابع النفط.فإن الموقف الامريكي الاسرائيلي موقف واحد ينضوي تحته خط تفتيت الدول الكبيرة الى دويلات مدن، ودفعها الى التطبيع، ثم الى تقديم مواردها النفطية وثرواتها الاقتصادية كاملة لإدارة النظام الاقليمي المراد تأسيسه من الاطراف الثلاثة ( اسرائيل وايران وتركيا ) تحت قيادة امريكية، ولا دور للعرب في هذا النظام ابداً.

هل ترون الآن كيف كان مدخل ايران الى المنطقة العربية ( المتاجرة بقضية فلسطين ) ، وكيف كان مدخل تركيا الى المنطقة العربية ( المتاجرة بقضية فلسطين ) ، وكذلك اتباع ايران وذيولها .. كم انت عظيمة يا فلسطين، وكم انت عظيم وجبار ايها الشعب الفلسطيني الذي لا تقهره السنين.







الجمعة ٩ شــوال ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيــار / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة