شبكة ذي قار
عـاجـل










أقباس النور التي سرجت في صفحات الزمن وسفر التاريخ عصية على الإنطفاء مهما كبرت حجم الأيادي والعقول الغاشمة التي تحاول خاسئة إطفاء نورها الساطع أو أن تقلص من مساحات ألقها، وثورة ٨ شباط ١٩٦٣ التي خطط لها وفجرها رجال بواسل أفذاذ شجعان مدنيون وعسكريون من مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي إن هي إلا واحدة من تلك الأقباس.

كانت تلك الثورة الجسورة المباركة مثابة بعثية في عراق الأحرار خطط لها لتكون المنقذ للعراق وشعبه من حالة الركود والجمود بل حالة التحنيط التي وضعته فيها سلطات عاجزة لا تمتلك إرادة البناء والإعمار والتنمية، وتفتقر إلى الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويكبلها خوار الإرادة وانعدام القدرة على اتخاذ القرارات.

كانت ثورة شباط المباركة كسراً لأطواق الرتابة في حياة الشعب والتجميد المتعمد لطاقاته وامكاناته وإلهائه بصراعات داخلية لا طائل من ورائها والعبث في مسار العلاقات بين قواه الوطنية لكي تبتعد عن دورها في قيادة إرادة الشعب في التغيير واستمرار نزف الدم العراقي في مجريات هذه الخلافات والصراعات، فكانت ثورة انتقلت بمعنويات الشعب وتوقه للتطور والازدهار والتقدم ولغلبة عوامل الفقر والأمية والجهل التي كانت تنخر بثلاثة أرباع شعبنا.

تمكنت ثورة شباط المباركة من تجميع طاقات رجال العراق بخطيه العسكري والمدني لتفجير ثورة طموحة طرحت برنامج تغيير ثوري جذري وشامل للانتقال بالعراق وشعبه خارج مستنقعات الفقر والفاقة والسلبية والجهل المسيطر على ثلاثة أرباع الشعب متمثلة بذلك سياسة البعث الاقتصادية المرتكزة على منهج اشتراكي علمي عربي كان من بين سمات الإيديولوجية العربية المعاصرة ومن بين خط فلسفتها القومية لتحقيق مبادئ ثروات الشعب للشعب وخيراته الطبيعية في الأرض والماء والهواء لازدهار الحياة وتقديم خدمات تليق بشعب العراق.

مسكت الثورة ورجالها عوامل الارتقاء بالتعليم والصحة والزراعة والوضع المعيشي للمواطن وفتحت أفق التعاون العربي والإقليمي والدولي وعانقت فلسفة عدم الانحياز والحياد الإيجابي، ولذلك لم تمهلها قوى الردة طويلاً بل واجهت الثورة عقبات واختلالات وتحديات داخلية وخارجية أربكت خطوط سيرها وبعثرت جهد روادها وفتحت ثغرات وفجوات خطيرة أفقدت الثوار بعض منصات السيطرة حتى فسح الطريق لغدر الغادرين فوأدت وهي لم تزل في شهر عرسها الوطني القومي البهيج.

ومع مرارة ما فقده العراق من فرصة خلقتها ثورة شباط ١٩٦٣ إلا أن تنظيمات البعث الباسلة لم تفقد العزم ولم تتزحزح قناعات الثوار بحق العراق بثورة بعثية تشهد تطبيقاً حياً واسعاً شاملاً لبرامج البعث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فتحركت طاقات عظيمة لتثأر لعروس الثورات التي اغتالها الرجعيون ولابسو ثياب الوطنية زوراً وتجار التبعية والذيلية للمناهج والاستراتيجيات الخارجية.

إن ثورة تموز ١٩٦٨ ما هي إلا وليد جبار معافى صنع في رحم البعث المناضل ورحم ثورة شباط ليعيد عجلات التنمية وطموحات الشعب إلى آفاق التحقق والكينونة وكان ما قد كان من نهضة عبقرية للعراق لم توقفها إلا جيوش الغزاة لأكثر من ثلاثين دولة سنة ٢٠٠٣.

إن من صنع ثورة وصفت بأجمل وصف ألا وهو عروس الثورات ومن صنع الحدث الأعظم في تاريخ العراق ( ١٩٦٨ - ٢٠٠٣ ) لهو قادر بعون الله أن يحرر العراق ويعيد أمجاده وطنياً وقومياً وعالمياً.




الجمعة ٣٠ جمادي الثانية ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / شبــاط / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة الاسبوعية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة