شبكة ذي قار
عـاجـل










لو كان عملاء إيران في العراق، شجعاناً، لعلقوا صور شيخهم قاسم سليماني، وعميدهم أبو مهدي المهندس على جدران مبنى السفارة الأمريكية ببغداد، في تحد لواشنطن، واستخفاف بسفيرها وطاقمها الدبلوماسي، وعساكرها وهم كثر، ومن مختلف الصنوف، وليس داخل صالة مغلقة، في مجلس النواب، احياء للذكرى الأولى لمقتل الاثنين، اللذين حولتهما طائرة مُسيّرة أمريكية، إلى رماد فحمي، في مشهد تباهى به ترامب علناً، بلا نفي أو انكار.

ولأن قادة الحشد الولائي، أرانب أمام الأمريكان، فإنهم خافوا أيضاً، أن تحتضن مقارهم وما أكثرها، مهرجانات خطب، في تأبين سليماني والمهندس، خشية استفزاز أمريكا، التي ذكرت التقارير الصحفية والمخابراتية فيها أن أجهزتها أدرجت أسماء عدد منهم ضمن لوائح التصفية، بعد أن تمكنت من تحديد إقامة وعمل وسكن أكثر من ستين قيادياً في الحشد الولائي، وضبط بصمات أصواتهم تمهيداً لقنص بعضهم، إذا تجاوزوا الخطوط الحمر، واستغلوا مناسبة مرور عام واحد، على قتل الاثنين في الاقتراب من السفارة سواء بالتظاهرات الاحتجاجية أو اطلاق الصواريخ عليها، ويتردد بهذا الصدد أن جميع القادة الولائيين أجمعوا على أن يكون تأبين ( قائدي النصر ) المحروقين في مبنى البرلمان على اعتبار أنه يضم ( ممثلي ) الشعب، كما نُقل عن النائب المليشياوي أحمد الأسدي، الذي اقترح أيضاً تقديم موعد الاحتفال، وكان مقرراً له في الثالث من الشهر الحالي، ويصادف اليوم السنوي لاحتراقهما وبعض النواب الخبثاء قالوا أن الأسدي أراد بهذا الاقتراح إتاحة الفرصة لنفسه في التوجه إلى استراليا لمشاركة عائلته المقيمة هناك، منذ عشرين سنة، احتفالات رأس السنة الميلادية، التي يحرص على الاحتفاء بها وربما الرقص في أجوائها ما دام بعيداً عن العيون في الجزيرة القارة.

والجزع من الأمريكان هو الذي دفع أيضاً، قادة ( المقاومة ) إلى إلغاء فكرة إقامة مهرجان خطابي في الهواء الطلق بشارع مطار بغداد وتحديداً في المكان الذي احترق فيه سليماني والمهندس، واتفاقهم على مبنى مجلس النواب لأنه محمي ورسمي، ومَن شاهد لقطات الاحتفال لا بد ولاحظ الحزن المفتعل على وجوه المشاركين، وكأنهم جاءوا ( سخرة ) ، حتى بدت صور القتيلين الموزعة في القاعة أكثر من عدد الحضور.

وواضح أيضاً أن الكلمات التي ألقيت في الاحتفال كانت مقتضبة وتجنبت ذكر اسم الجنرال الإيراني سليماني، وأشارت إلى أبو مهدي المهندس، على اعتبار أنه ( عراقي ) ، برغم أن أغلب الحاضرين يعرفون أنه عجمي ابن عجمي، ولا يمت بصلة أصول أو انتماء إلى العراق، فهو من أسرة إيرانية كانت تقطن مدينة كرمان وفدت إلى العراق في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، واستوطنت في أول مجيئها قضاء أبو الخصيب وحظيت بعطف سكانه، وغالبيتهم، كما هو معروف تاريخياً واجتماعياً من السنة العرب، الذين أعانوها، كعادتهم في مساعدة الغرباء والمقطوعين، قبل أن ينتقل رب الأسرة، جعفري إبراهيمي، إلى البصرة، ويفتح دكانة في سوق الهنود بالعشار، لبيع المفروشات الإيرانية وتنتعش أحواله ويكتسب الجنسية العراقية مع أفراد عائلته ومن ضمنهم جمال الذي نهل من الخير العراقي أكلاً وشرباً ودراسة وتخرجاً ووظيفة ورواتباً، قبل أن ينقلب على البلد الذي آواه وأطعمه وعلمه ورقاه، ويهرب الى الكويت بعد اكتشاف ضلوعه في مخطط لتفجير مجمع الحديد والصلب بالبصرة، الذي كان يشتغل فيه بصفة ( معاون مهندس ) ، والوثائق محفوظة في جهاز أمن الدولة الكويتي الذي لاحق الشبكات التجسسية الإيرانية التي حاول أعضاؤها، وعلى رأسهم جمال إبراهيمي اغتيال أمير الكويت الأسبق الشيخ جابر الاحمد، وكم أنت مسكين يا عراق، مثل السمك، مأكول ومذموم، من قبل أصحاب العرق الدساس.

وتبقى ملاحظة لا بد من الإشارة لها، وتتعلق بكلمة محمد الحلبوسي، وفيها من ( اللواكة ) الشيء الفلاني وأغرب ما فيها أنه أشاد بوقفات جمال جعفري إبراهيمي، الملقب بـ ( أبو مهدي المهندس ) ، ومواقفه التي أسماها وطنية سواء ( حينما كان عضواً في مجلس النواب ) ، أو في مواجهة داعش، وبالنسبة لعضوية أبو مهدي ( الشفوية ) في البرلمان، فإننا نُحيله إلى محاضر مجلس النواب في دورته الأولى ( ٢٠٠٦ ـ ٢٠١٠ ) ، وكان العجمي ابن العجمي، نائباً فيها، عن الحلة الطارئ عليها، ونتحداه إن وجد له حضوراً أو مشاركة أو مداخلة خلال أربع سنوات، فقط كان يتسلم رواتب ومخصصات وسيارات نهاية كل شهر، واسألوا محمود المشهداني رئيس البرلمان في حينه، إن كان قد شاهده أو تقابل معه، وبعد كل هذا وذاك، ينبري السفهاء ويصفون جلاد السنة العرب، ومفكك مصفى بيجي، أكبر مصفى للنفط في الشرق الأوسط، ونقل معداته العملاقة إلى إيران ومختلس ٢٣٠ مليون دولار من رواتب حشد العتبات، واسألوا قائده ميثم الزيدي بأنه من رجال العراق وحماة سيادته، إنه زمن السقوط الأخلاقي قبل السياسي.




الجمعة ١ جمادي الثانية ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هارون محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة