شبكة ذي قار
عـاجـل










الى مَن وهبوا أرواحهم دفاعاً عن العراق والأمة العربية المجيدة
الى كل مَن أحب الشهداء وجعل مكانهم شُغاف القلب
الى مَن أبكاه وأوجعه اغتيال الشهيد صَدَّام حسين
الى مَن أحبَّ العراق والعروبة ووضعهما في حدَقَتي عَينَيه
الى كل هؤلاء أكتب كلمتي ..

وأنت تَهمُّ بالكتابة عن الشهداء وفي مقدمتهم شهيد الأمة صدام حسين رحمه الله تعالى، تَتبعثر الكلمات بين قلمك الذي يشتاطُ غيضاً لرحيلهم، وتتسارع حركته لشغفه بالكتابة عنهم، وبين فكرك الذي يتجول بتباطوء بين الصور التي تتحرّك وتدور في ذهنك عنهم، ليعطيها حقّها في التعبير والوصف والتوصيف.وتلازمك الحيرة، عن ماذا تكتب في ظاهرة الشهادة، وماذا تترك، وكيف لك أنْ تختصرالكلام عنهم وهم الذين وهبوا أغلى ما يملكون وهي الحياة في سبيل الوطن والمبادئ ؟!.

ابتداءً فالعلاقة بين الأرض والسماء كانت مُتَّصلة مباشرة من خلال الوحي الذي ينزل الى الأرض ليُديم العلاقة بينهما، من خلال الأوامر الرَبانيَّة والرسالة

الإلهية.وبعد انقطاع الوحي بختام الرسالات السماوية لم يبقَ هناك اتصال مباشر بين الأرض والسماء.وتحولت العلاقة بينهما الى ايحاءات رَبَّانية مقرونة بالكرامات التي منحها الله سبحانه لعدد من خلقه، من عباده الصالحين التي اختصَّ بها أشخاص بعينهم دون غيرهم، كما جاء في قوله جلَّ شأنه : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجاتٍ ليبلُوَكم في ما آتاكم إنَّ ربَّك سريع العقاب وإنَّه لغفورٌ رحيم ) الأنعام : آية١٦٥.وهنا تتحقق حكمة الباريء عزّ وجلّ لمَن يختارهم من عبيده.فالله خلق الناس غير متساوين في العناية الإلهية، بل خلقهم كُلٌ بما يتناسب مع تحقيق الهدف والغاية من وجوده في الحياة، والمعنى المُراد من هذا الوجود.و شاء تعالى أنْ يجعل الناسَ أنواعاً يتفاوتون في العلم وفي الجهل، في المكانة العالية والمنزلة الضئيلة، ليتحقق معنى العدالة الإلهية في خلقه.

من هنا تأتي قيمة الشهادة والشهداء وما حَباهم الله تعالى من شجاعة و سخاء بالنفس.فالله تعالى يجتبي مَن يستحق أنْ يحظى بالفضل الإلهي ويختصَّه به.فما اتّصف به الشهداء من منزلة ودرجة عليا من الشموخ انَّما هي مُنحةٌ ربانية وهِبةٌ وفضل اختصَّ به عباده الشهداء.

قَد يظُنّ بعض الناس أنَّ الله جلَّ جلاله لا يمكن أنْ يختصّ أحداً من خلقه دون آخر، باستثناء اختيار واختصاص الرُّسُل والأنبياء.بل يذهبون الى أبعد من ذلك كثيراً بقولهم أنَّ الله جلَّ ثناؤه حين يَهِب أحداً من خلقه ما يهبه من مُنَح ربَّانية دون غيره، وكأنَّه مُحاباة هذا دون غيره.وهذا في رأينا ليس بالرأي الصائب.فالذي نراه أنَّ الاختلاف في عطاء الله لعباده يكون بين الهِداية والضلالة، والطاعة والمعصية، وانَّما الاختلاف بين الناس يرجع الى أنَّ بعضهم فَضَّل الهِداية وسار في طريقها، والبعض الآخر فَضَّل الغِواية والضَّلالة فسار في طريقهما.وبالعودة الى الشهادة في سبيل الله والوطن وما منحه الله تعالى للشهداء من أسباب ومقتضيات ترفع من شأنهم بين الناس، وتطير بهم الى الرفعة والسُموّ، لا يخرج عن هذا المبدأ الإلهي الذي تناولناه.وعلى ذلك نقول،

أنّهاَ ارادة الله تعالى بأن يتبوَّأ الشهداء هذه المكانة المرموقة، وهذا الدور الريادي المتقدم في الأمة.وهنا تكمن ارادة الله سبحانه وحكمته في اختيار خلقه
في الحالتين؛ السرَّاء والضرَّاء، لمهمة ما يقتضيها الخالق سبحانه ويرتئيها ولا علم لنا نحن البشر بخفاياها وحقيقتها.

وعندما نتحدث عن القيمة العليا للشهادة و الشهداء فإنَّنا لا نستطيع أن نفيهم حقَّهم في الوفاء لنُبلهم، بل هم تجاوزوا وتخطَّوا النُبْل الى ما هو أسمى مكانة بين خلق الله.واليوم وفي ذكرى اغتيال القائد صدام حسين التي أوجعتنا وشَدَّت أنفاسنا، حيث غادرنا ملتحقاً بموكب شهداء العراق والأمة ورحلتهم في القافلة الطويلة التي يزخر بها تاريخنا المعاصر، فإنَّنا نستلهم من هذه المناسبة كل المعاني السامية لما تمثله الشهادة في حياة الأمم الحَيَة والفاعلة.فَبِها، ومن خلالها فقط تعلوا الأمم وتكبر هيبتها وتنال المجد الذي يليق بها.فالشهداء هم مَن يحملون قضية الأمة ورسالتها الخالدة في وجدانهم وبين الضلوع.إذْ لم يكن للأمة أن تزدان بما هي عليه من وعي طلائعي يجسده نضال أبنائها وجهادهم وتصديهم لأعتى أمواج العدوان البربرية والهمجية التي تتعرض لها كل يوم، لولا قوافل الشهداء الذين رَووا بدمائهم الزكيَّة ترابها في العراق وعلى امتداد كل الأرض العربية.لذا فمهما نكتب عنهم من كلمات، فإنَّ مِداد أقلامنا تنفد وإنْ كُتِبَت بكل مياه دجلة والفرات، فهي لن تفيهم حقهم، فكل كلماتنا ستبقى خجولة متواضعة أمام قدرهم ومنزلتهم وتضحياتهم.فهم أكبر من كل الكلمات.هم جبال شامخة تلامس الغيم، وأقمارٌ منيرةٌ تضيء سماء الأمة في لياليها الظَّلماء لتنير الطريق الى الأجيال الصاعدة، فتُلهمها الوعي والقوة والمطاولة للمضي في طريقها نحو تحقيق أهدافها في التحرر من التبعية والهيمنة الأجنبية والتخلف وكل أشكال التردي والفساد.

سلامٌ لروح الشهيد الخالد صَدَّام حُسَّين، طيَّب الله ثراه وأسكنه فسيح جنَّاته في مَقعدِ صدقٍ عند مَليكٍ مُقتدر ..

ونقول لكل شهيد قضى دفاعاً عن العراق والأمة في مناجاة أرواحهم الطاهرة الزكيَّة؛ نقرؤكم السلام مشفوعاً بالحب والامتنان، ونطمئنكم أنَّ العراق الذي أسكنتموه شغاف قلوبكم وبذلتم أرواحكم الطاهرة له وضحيَّتم من أجله، عراق الفراتين ستبقى سماؤه تتلألأ بكم من شماله الى جنوبه، وأنَّ كل ذرَّة تراب من أرضه الطهور تحفظُ لكم تضحياتكم في الذود عن ترابه وأهله، والدفاع عن كرامة شعبه الأبيّ.وها هي الأجيال تنتفض مستنيرة بهديكم لتزيد نضالها تحدياً واصراراً على بلوغ الأهداف النبيلة، راسمة أبهى صورة لوحدة العراق وتجذر حضارته مهما تكالبت عليه الخطوب.وسترتفع صوركم على صدور أبناء العراق النشامى، ويصدحون باسمائكم فأنتم رموزهم العظيمة التي يفاخرون بها.فأُمة أنجبتكم لن تَخيب أو تُخْذَل أبدا،

فبمثلكم تحيا الأمم.






الجمعة ١٧ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة