شبكة ذي قار
عـاجـل










بقيت أراقب كتربوية كل ما يحــدث بشأن عملية تغيير المناهج المدرسية والمقررات الدراسية بنظامنا التعليمي، والتي تتم في التعليم العام بمراحله ( الابتدائية - المتوسطة - الثانوية ) ـ هذه العملية التي تتم تحت رعاية وإشراف إدارة المناهج بوزارة التربية، تحت شعار تطوير المقررات الدراسية ومواكبتها للمرحلة الحالية.

تابعت بقلق كبير كل التصريحات حول المناهج وحول خطة التغيير، لا سيما وإن المسؤولين في إدارة المناهج من الأحزاب الدينية التي شوهت تاريخ العراق وزيفت الحقائق وعمقت النهج الطائفي وقضت على جهود التربويين المهنيين الذين سعوا سعياً دؤوباً ومتابعة لصيقة واضطلاع عميق لكل الكتب المدرسية التي كانت بعيدة كل البعد عن الجانب الديني والطائفي والعرقي والاثني، وشكلت اللجان المتخصصة لكل مقرر ولكل المراحل ضمت كل المتخصصين بما فيهم الخبراء النفسيين والتربويين لأهمية الموضوع، لأنه يتعلق ببناء جيل يجب أن يزود بالجوانب العلمية والتربوية والوطنية وضمت اللجان الآتي :

ــ خبراء المناهج.
ــ خبراء علم الاجتماع وعلم النفس.
ــ قدامى التربويين والمعلمين.

انتظمت هذه اللجان لـ :
ــ دراسة موضوع المقررات الدراسية ومتغيراتها، وإجراء عمليات المقارنة مع ما سبق والقياس على معايير منهجية وعلمية، حيث قُسمت مجموعة الخبراء إلى ثلاث مجموعات، وكل منها ضمت الخبراء حسب التقسيم التالي :

أ ــ اللجنة الأولى اهتمت بدراسة المكونات الداخلية للمنهج المدرسي وهي : ( الأهداف العامة للدولة، والأهداف بشقيها التربوي والتعليمي، القدرات والمهارات، القيم التربوية، المثل والعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية، الهوية العراقية والعربية، ومن حيث خصائص المنهج، فلسفة المجتمع، احتياجات المتعلمين المعرفية، ومن حيث متطلبات المجتمع والأسرة وأولياء الأمور ).

ــ اللجنة الثانية اهتمت بتقييم المعارف الداخلية وتأصيلها الثقافي الذي يمثل هوية العراقي ومعتقداته الاجتماعية والدينية والأخلاقية.

ــ اللجنة الثالثة اهتمت بدراسة المناهج من حيث الإجراءات التربوية مقارنة وتقييم لكفاءة محتوى المنهج ومدخلاته ومخرجاته وتأثيرات ثقافات وأيدولوجيات أخرى، ومن حيث المواكبة لمتطلبات العصر وتجدد المعارف كما اهتمت بتنبؤات حول قياس مستويات الرضى والقبول والرفض والمخاطر والمعيقات التي يمكن أن تحدث وتعتري المنهج المدرسي.

ـ استمر عمل هذه اللجان لمدة طويلةً وهي تدرس وتحلل وتناقش وتفسر وتقيم وتقيس وتعلل وتشرح لكل الكليات والجزيئيات، حيث توزع جهد اللجان ما بين الاجتماعات الدؤوبة والتكاليف الفردية، هذا وقد جمعت اللجان كثيراً من الآراء والبيانات عبر المقابلات والاستبيانات مع المعلمين والإداريين ومختصين في الميدان ومع أولياء الأمور، واستمعت لآراء الطلاب والتلاميذ مستكشفة رغباتهم حول المقرر الدراسي واحتياجاتهم المعرفية والنفسية والسيكولوجية ومستوضحةً منهم متطلبات نموهم المتكامل وما ينقصهم وما يطلبونه.

وبعد هذه الخطوات الجبارة بني المنهج في العهد الوطني بناء علمياً رصيناً، فمن المؤسف حقاً تغير المناهج الرصينة بجرة قلم تافه من قبل شخص لا يفقه شيء.

والنتائج للتغيرات في المناهج هي :

١ / المقررات الدراسية الجديدة ( الكتب المدرسية ) تتبع أهدافاً عامة لا تمثل أهداف الدولة العراقية بسمات إنسانها العراقي المعروفة.
٢ / المقررات المدرسية الجديدة ( الكتب المدرسية ) تتبع في كلياتها أهداف تربوية مغايرة تماماً عن الأهداف التربوية للقيم والأخلاق العراقية، ويوجد كثير من التعارض والغموض غير المبرر.
٣ / المقررات المدرسية الجديدة ( الكتب المدرسية ) اتبعت أهدافاً تعليمية ضعيفة ولا تشجع على استمرار التعلم الذاتي، كما تظهر جلياً ضعف الأهداف التعليمية وضعف غير مخفي في اكتساب القدرات والمهارات خلف هذه الأهداف وتشتت واضح في القيم ومردود التعلم المتقن.
٤ / الموضوعات والدروس تعاني تباعداً وضعف التسلسل والترابط، كما في عمليات الحذف والإلغاء التي حدثت للمنهج السابق، وتوجد فراغات معرفية وفجوات تعليمية وارتباك واضح في ترتيب أولوياتها وتبدو كالمتفرقة وكل درس قائم بذاته.
٥ / المقررات المدرسية الجديدة لا تستوعب وجدان الشعب العراقي ومتطلبات المجتمع وبالتالي تبعد المتعلم عن إرثه الاجتماعي وقيم المجتمع ولا تربطه بها في محاولة واضحة لإحداث عمليات إبدال وإحلال وتغيير في القيم الفاضلة للمجتمع.
٦ / المقررات المدرسية الجديدة ضعيفة المحتوى والمردود التعليمي وفقيرة في المعلومات والمعارف ولا تواكب الإثراء المعرفي الذي يناسب احتياجات هذا العصر الزاخر بالمعرفة والتي يعيشها المتعلم في الحياة من حوله وتكنلوجيا المعرفة والمعلومات المتفجرة باستمرار.
٧ / المقررات المدرسية الجديدة أدخلت الدين الإسلامي الحنيف بشكل طائفي مرفوض يمزق الوحدة الوطنية ويثقف لمنهج الجماعات الدينية المبتدعة كالشيعة والسنة ويقترب من ثقافات قيمية غير عربية كمنهج بعيداً عن التعاليم السماوية.

٨ / يظهر جلياً في المقرر الدراسي ضعف التأصيل للمعارف والثقافات الواردة وجعلها بعيدة كل البعد عن معارف القرآن والسنة، والتأصيل يعد إثراء وزيادة معرفة وارتباطاً بالقيم الدينية الفاضلة، ويشجع على البحث والاكتشاف ومزيداً من التنقيب وممارسة مهارات بناء التصور العقلي كمهارة الربط والاستنباط والاستنتاج وتوسع المعرفة.

٩ / المقررات المدرسية الجديدة تعاني بشدة من ضعف المردود المعرفي والتطبيقي وعمليات التطبيق والتدريب العملي وضعف واضح في كفاءة ستة مهارات ضرورية وحيوية وهي : القراءة، الكتابة، الاستماع، المخاطبة، والتذوق المعرفي، والاتصال، والتواصل المعرفي الوجداني.
١٠ / المقررات الدراسية الجديدة لا تدعم جوانب التخطيط لتلبي احتياجات سوق العمل مستقبلاً، ضعف واضح في الجوانب المعرفية المهارية والتطبيقية، ويظهر ضعفها الملحوظ في تجاهل دور المهن المجتمعية ووسائل كسب العيش والجوانب المهنية التقانية.
١١ / المقررات المدرسية الجديدة مختصرة بشكل مربك وغير مبرر، يوضح أن هذا في حد ذاته هدفاً لمن صمم المنهج دون الاكتراث لعمق المعرفة وجودتها واتقانها وتنظيمها ومردودها المعرفي الضروري.
١٢ / الأهداف التعليمية في مقررات التربية الإسلامية والقرآن غير متصلة وغير مترابطة ولا تحمل وحدة الهدف ولا وحدة الموضوعات وتضعف في جوانب ما يستفاد منه من معرفة ككل متصل، مما يشير لإحداث شرخ متعمد في قوة المدلولات المعرفية والمقاصد التربوية.

١٣ / يوجد غبن واضح في تناول آثار ومناقب القدوات والشخصيات التاريخية والدينية والقومية والوطنية وبيان أدوارها وأهميتها القيمية والتربوية، ويحدث ازدواجية وخلطاً في الأهداف والمقاصد وغمطاً لشخصيات دينية وتاريخية ووطنية وقومية أحق بدراستها والوقوف عندها كثيراً وهي ذات ارتباط عميق بقيم وتراث وبتاريخ الأمة العربية.

١٤ / يوجد إهمال واضح وصريح للموروثات والمعتقدات التاريخية للشعب العراقي مما يوحي برغبة مصمميه للتخلص تدريجياً من هذه الموروثات التاريخية في محاولة لتغيير الهوية التاريخية والثقافية للأجيال القادمة.
لذا يتطلب من نقابة المعلمين وكل منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالتربية والتعليم أن تأخذ دورها في مواجهة التغيرات التي حصلت في المناهج لكونها جريمة بحق أبنائنا الطلبة.




الثلاثاء ٣٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زهراء الموسوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة