شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرف عقوبة الإعدام بأنها ( قتل شخص بإجراء قضائي، من أجل العقاب عن جريمة أو الجرائم التي ارتكبها، أو لغرض الردع العام ) ، وقد طبقت هذه العقوبة في أغلب المجتمعات التي لها تشريعات مستمدة من الدين الرسمي للدولة، وقد تتغير مواقف الدول من هذه العقوبة تبعاً لتنامي الثقافات القانونية والسياسات الجنائية والعقابية الحديثة، وتعد هذه العقوبة من أقدم وأشد العقوبات جسامة في تاريخ البشرية لأنها تستهدف الإنسان في حياته، ولم تكن موضع نقاش أو جدل في التشريعات القديمة لشبه الإجماع عليها مع أنها كانت تنفذ بوحشية وبشاعة وبطرق مختلفة.

ومع بدايات القرن الثامن عشر كثر الجدل والنقاش حول هذه العقوبة، وكُتب عنها الكثير من البحوث والدراسات من قبل الفقهاء والمفكرين والمهتمين بدراسة الظواهر الإجرامية، فظهر اتجاهان :

الأول : الإبقاء على هذه العقوبة من أجل العقاب والردع العام.

والثاني : الغائها من التشريعات الوضعية، بحجة إضفاء طابع من الإنسانية والتحضر على النظام العقابي.

وحجج الإبقاء عليها أن هذه العقوبة تحقق الردع العام والعقاب، وهي ضرورية في تحقيق العدالة في جرائم القتل تحديداً، ومن الصعوبة إيجاد بديل عنها في السياسة الجنائية الحديثة، مضافاً إلى ذلك فهي غير مكلفة اقتصادياً للدولة من حيث تغطية نفقات المحكومين الخاصة والعامة ولسنوات طويلة، كما تعد حماية للنظام العام والأمن الاجتماعي.

أما الاتجاه الثاني فيرى إلغاء هذه العقوبة بحجج ومنها : إنه لا يحق للمجتمع سلب حياة الفرد لأنه ليس هو الذي منح له الحق في الحياة، ثم إن هذه العقوبة قاسية وتتسم بالوحشية والبشاعة، كما إنها لا تحقق الأهداف التي تسعى الدولة في إصلاح المحكومين وتأهيلهم.وصعوبة الرجوع عن هذه العقوبة بعد تنفيذها إذا ظهرت براءة المحكوم نتيجة خطأ قضائي، وتختلف مواقف التشريعات في النظرة لهذه العقوبة إلا إن الغالبية من الدول تتضمن تشريعاتها عقوبة الإعدام.

وقد لاحظ المهتمون في السياسة الجنائية أن هناك إسرافاً في تنفيذ هذه العقوبة وقيام الدول بإضافة جرائم جديدة يعاقب عليها بالإعدام كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وإن عدداً غير قليل من الدول استخدمت هذه العقوبة للتخلص من الخصوم والمعارضين لحكوماتهم وأنظمتهم وثبوت تجاوزات أثناء إجراءات التحقيق باستخدام وسائل الضغط والإكراه والتعذيب وتشكيل محاكم استثنائية مخالفة لدساتير هذه الدول.

لقد وقفت الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية والإقليمية وحتى الوطنية بالضد من هذه العقوبة، ودعت إلى إلغائها أو إيقافها، ويلاحظ أن منظمة العفو الدولية مؤيدة لإبطال هذه العقوبة، مما أتاح للأمم المتحدة اصدار قرار غير ملزم بإلغاء عقوبة الإعدام، وإن بعضاً من الدول وقعت على الكثير من المعاهدات والبرتوكولات بهذا الاتجاه الأمر الذي أدى إلى صدور قرارات أممية بإلغاء أو إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام مع إلزام الدول التي أبقت عليها توفير ضمانات وإجراءات سليمة عادلة تحقيقاً ومحاكمة أو عند تنفيذ العقوبة.

وتشير الاحصائيات الأخيرة أن ١٢٠ دولة ألغت عقوبة الإعدام وأن ٧٦ دولة أبقت على هذه العقوبة في قوانينها، وأن ٢٦ دولة أوقفت تنفيذها ثم عادت إليها بسب ارتفاع معدلات الجريمة وتبعاً لسياستها الأمنية، إلا أن الاتجاه العام لدى المجتمع الدولي بكل هيئاته ومنظماته ومجالسه هو في إلغاء هذه العقوبة للتوظيف السيء وغير القانوني لمعظم الدول التي أبقت على هذه العقوبة، وتوسعت في إدراج الكثير من الجرائم في قوانينها العقابية لأسباب عدائية وانتقامية.

وأخيراً نجد من المناسب الإبقاء على عقوبة الإعدام في جرائم القتل العمد تحديداً، وجرائم الإرهاب شرط توفر إجراءات تحقيقية سليمة ومحاكمة علنية عادلة على ألَّا تنفذ هذه العقوبة إلا بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية.




الاحد ٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المستشار سعيد النعمان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة