شبكة ذي قار
عـاجـل










إنهار التعليم بكل مراحله وأنواعه بعد الغزو والاحتلال عام ٢٠٠٣ ولا زال يتدهور وينحدر إلى مهاوي الردى، ربنا وحده يعلم مستقرها، فقد خسر قطاع التعليم الأساسي والثانوي والعالي آلافاً من كوادره الإدارية والأكاديمية بسبب قوانين الاجتثاث والاقصاء والنزوح والتهجير والهجرة، وتوقفت عمليات تنمية القطاع في كل بناه التحتية والفوقية بسبب ما أقدمت عليه سلطات الاحتلال المتتالية من إجراءات ضد المناهج، وما أدخلته عليها من تغييرات طائفية وعرقية، والتلاعب المزاجي غير المدروس في مسارات الدراسة والمناهج والعشوائية والفوضى والفساد في إعداد المقررات وطباعتها، والتراخي المريع في انتظام الدوام وفي توفير المستلزمات بدءاً من المباني وانتهاءً بالكتب والمراجع وقاعات الدراسة ومقاعدها وغير ذلك من معالم الخراب الذي عم التعليم وما رافقه من فساد أخلاقي يندى له الجبين بسبب عبث الأحزاب والمليشيات بالمجتمع الطلابي مما أدى إلى انتشار الدعارة بصور مختلفة متعددة وانتشار المخدرات وأنواع الشذوذ.
وتدهورت الدراسات العليا وساد التزوير للأطروحات والشهادات، وعمت الفوضى التخصصات المختلفة، واختفى تماماً التخطيط والجدية، وسادت الشكوك وعدم الثقة واليقين بأطروحات ورسائل الماجستير والدكتوراه، ومن علامات تدهور التعليم في العراق انتشار المدارس والكليات والجامعات الأهلية أيضاً بطريقة عشوائية وضمن إطار استثمارات نفعية وخارج إطار التخطيط الأكاديمي واحتياجات سوق العمل.
علينا أن نؤكد هنا أننا لا نغفل قط وجود كوادر تربوية وأكاديمية عراقية مخلصة مؤتمنة وأمينة وحريصة، لكن واقع الحال يؤكد أنها لم تعد مؤثرة تأثيراً مهماً في سير التيارات الجارفة من الانحدار والتدهور والتردي بعوامل الفساد والإفساد وهبوط المعايير والمستويات.

إن صور مدارس الطين والصفيح الغارقة في الأوحال وحقيقة الانقطاع المتواصل في الكهرباء وتردي الأحوال المعيشية لغالبية الشعب والنتائج المثيرة للسخرية لنتائج اختبارات هذا العام التي جرت إلكترونياً كلها عوامل تجعل من اعتماد التعليم الإلكتروني مجرد هروب إلى الأمام يعمق جراحَ ويوسع نزفَ هذا القطاع الذي يمد البلاد بباقي سبل الحياة.

إن خدعة التباعد الاجتماعي قد أسقطها العراقيون قبل غيرهم، فإذا كانت زيارات المراقد المقدسة والأعياد التي تصل إلى عشرات في السنة والتي لم تتمكن سلطة الاحتلال من تطبيق التباعد فيها مازالت مستمرة ولن تتوقف فإن الاقتراب الاجتماعي في التعليم أقل من الذي يحصل في الزيارات بكثير.

فاللجوء إلى التعليم الإلكتروني يختبئ خلف كذبة التباعد الاجتماعي لتقليل فتك كورونا، والكل يعرف أن كورونا قد فتكت ولا زالت تفتك بالعراق ويكاد غولها قد دخل كل بيت، وله مسببات ودوافع حقيقية غير التباعد الذي رفضته شعوب ودول متقدمة ولم تفرق معها الإصابات بجائحة كورونا، ولعل أهم مسبباته هو تقويض القطاع وانهاكه بمزيد من الممارسات اللاَّ تربوية واللاَّ علمية وتسطيحه والتخلص من المعلمين والمدرسين والأساتذة الذين يشكلون ثقلاً معروفاً في أعداد موظفي الدولة.

التعليم الإلكتروني في العراق كمثل عارٍ يرتدي حذاءً أنيقاً ويعتمر قبعة أمراء.




الاحد ٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب افتتاحية صدى العروبة العدد 238 نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة