شبكة ذي قار
عـاجـل










(( هذه الكلمات البسيطة والشذرات الجهاديه والمختصره والتي سنتاولها في هذه الحلقه والحلقات الثلاثة القادمة تتناول شيء بسيط بحق القائد الوطني والمجاهد الرفيق عزة أبراهيم رحمه الله ووجدنا أن من الواجب الوطني والشرعي والاخلاقي أن ندونها بعد أيام من وفاته .. نسأل الله له الرحمه والمغفره وأن نكون قد ساهمنا في أستذكار قامة وهامه عراقيه مجاهده ومرابطه في ارض العراق لهدف سامي وغالي ، وقد تعبر هذه الكلمات عن بعض مواقف الرجل الوطنيه والجهاديه وقد تفيد الباحثين في مواقف حزب البعث الوطنيه والجهاديه ومن الله العون والتوفيق ))


بسم الله الرحمن الرحيم

يوما بعد أخر نفقد القادة واحدا تلو الاخر على طريق الجهاد والرباط في الوقت الذي ترنو ابصارنا الى عراق حر مستقر وامن ونحث الخطى لتحرير بلادنا من أثار الغزو والاحتلال الامريكي البغيض والذي دمر البلاد والعباد وترك اثارا خطيره يصعب محوها ، وفي هذه السطور التي نحاول من خلالها أستذكار قامة عراقيه ومثابة وطنيه كان لها دورا بارزا ومهما في مسيرة الاحداث على الساحة العراقيه طيلة مايقارب سبعة عشر عاما من عمر الاحتلال والغزو ، ووجدنا بأننا ملزمون بتدوين مقتطفات وشذرات من سفر الجهاد والبطوله بحق القائد الراحل عزة ابراهيم رحمة الله عليه ونحن في ذكرى الاربعينية الاولى بعد وفاته.

لقد كان الفقيد يشغل منصب رفيعا في الدولة العراقيه قبل العام ٢٠٠٣ حيث كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثوره ونائبا للامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وكان هو ورفيق دربه الشهيد صدام حسين يشكلان أهم القيادات في العراق ( الرئيس ونائبه ) وبالتالي كانا من يتحمل المسئوليه الاولى في القرارات الاستراتيجيه والمصيريه والمهمة في العراق ، وكان وعلى مايبدو بينهم من الوشائج والعلاقات الشخصيه والنضاليه والوظيفيه ما جعلهما يشكلان فريقا واحدا في المنهج والسلوك رغم الاختلافات والقدرات الواضحة والمعروفه لكل منهما.

وكانا يتربعون على عرش دوله مهمة من دول الشرق الاوسط والعالم تمتلك موارد ماديه هائله وشعب حي ومعطاء كما أنهما كانا ينتسبان الى مدرسة واحدة في الفكر والسلوك هي عقيدة البعث القوميه الاشتراكيه الانسانيه المعروفه ، وكانت أحلامهم المشتركة ترنو الى بلد قوي ومؤثر في محيطه العربي والدولي وأمة مجيده لها من الصفات الحميده والارث المجيد والمرتبط بعقيده سماويه عظيمه تمثلت برسالة الاسلام التي جاء بها النبي العربي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ، وبالتالي فأن اهدافهما المشتركة التي تربوا عليها وكانوا من روادها في العراق حتى شاء القدر ان يكون لهما قدر القيادة وفي مراكزها الاولى واستمروا في السعي لتحقيقها رغم كل المؤامرات والدسائس والمعوقات.

وخلال السنوات الاخيره وبعد تصدرهم للمشهد السياسي في العراق وحيث كان بيدهم سلطة القرار بالكامل تعرض بلدنا العراق الى محاولات متكرره للغزو والاحتلال والى ضغوط سياسيه هائله وحصار ظالم وجائر وخاصة بعد احداث الكويت في الاعوام ١٩٩٠ـ ١٩٩١ ومابعدها ، كانت معظم الضغوط السياسيه تنصب وتركز على ضرورة تبدل الموقف السياسي العراقي عن مساره التقليدي والسير باتجهات منحرفه قليلا وبعيدا عن ركائزه الاساسيه المتمثله بدعم امة العرب والسعي لاعادة بناءها ومجدها ودعم كل المسارات التي تقود بهذا الاتجاه ، ومن تلك الضغوط الهائله والمعروفه هو ماقامت به فرق التفتيش التابعة للامم المتحدة تحت ذريعة البحث عن اسلحة الدمار الشامل والتي كانت حججها واهنه وكاذبه كما تبين لاحقا ، لقد تدخلت وفتشت فرق التفتيش الدوليه هذه كل مكان في العراق وفتشت حتى قصور الشعب الرئاسيهبل حتى غرف نومهم ولم تقدم دليلا واحدا على ماتبحث عنه.

كان بامكان الرئيس صدام حسين ورفاقه التنازل عن مايقل عن ١٠ % مما تنازل عنه الكثير من القادة العرب وبعض قادة العالم حتى يبقوا في سدة الحكم كملوك متوجين الى عشرات السنين وبرعاية دوليه ، ولكن هؤلاء الرجال الاحرار الذين ربطوا مصيرهم بشعبهم ووطنهم وارضهم لم يخذلوا من أمن بهم بل قدموا ارواحهم فداء لمشروعهم الذي امنوا به ، وأظن أن هذا هو ديدن الرجال الاحرار المؤمنين بحق شعبهم وامتهم فلهم الرحمة والغفران.

وجاء الاحتلال والغزو الامريكي الى بلادنا في العام ٢٠٠٣ والعراق يعاني من حصار جائر وظالم لم يشهد له التاريخ مثيلا واستمر لما يقارب الثلاثة عشر عاما واصاب كل مناحي الحياة في الصميم واثر كثيرا في المجتمع العراقي المتماسك ، كان العراق في تلك اللحظة التاريخيه في أضعف حالاته من جميع النواحي ففي المجال السياسي شكلت التحديات الداخليه والخارجيه السمة الابرز ومن النواحي الاقتصاديه تدنى فيها مستوى الدخل الفردي والقومي وكذلك الانتاج المحلي لادنى مستوى وكذا الحال في الجانب العسكري وغيره.وشكل ذلك الغزو والاحتلال المتوقع التحدي الابرز في وجه القيادة العراقيه حيث استمرت المواجهه المباشره لاكثر من عشرين يوما رغم ان تلك المواجهه المستمره لم تنقطع يوما منذ العام ١٩٩٠.

وبعد هذا التمهيد الذي أشرنا اليه لابد لنا من التركيز على مانحن فيه من أستذكار لمناقب ومواقف فقيدنا الراحل عزة ابراهيم رحمه الله فنشير بان الرئيس صدام حسين تولى هو شخصيا وتحمل مسئوليه المواجهه السياسيه والعسكريه المباشره حتى بعد ٩ نيسان ٢٠٠٣ وكان من المنطقي والواقعي أن لاتظهر الشخصيتان الرئيسيتان في الدوله والحزب الى العلن وفي خطاب سياسي علني ، وعلى الرغم من اللقاءات المتعدده بين الرجلين للحوار والمداوله وفي مناطق مختلفه من البلاد خلال الفتره من ٩ نيسان ٢٠٠٣ وحتى أعتقال الرئيس الشهيد صدام حسين في ١٣ كانون الأول ٢٠٠٣ لم يظهر الرفيق عزة ابراهيم رحمه الله الى العلن ولم يبعث برسائل اعلاميه الى الأعلام واكتفى بالعمل على اعادة العمل الحزبي والجهادي والتواصل مع التنظيمات الحزبيه وفق الظروف المتاحه وترك الرسائل السياسيه والاعلاميه العامة الى الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله.

وبعد أعتقال الرئيس الشهيد صدام حسين من قبل قوات الغزو والاحتلال كان لابد الى نائبه ورفيق دربه ان يتولى مهمة القيادة وبذلك بادر الى التواصل مجددا مع التنظيمات الحزبيه والعناصر الجهاديه التي أنخرطت في مشروع المقاومه سواء من ضباط وعناصر القوات المسلحه أو من عامة الشعب ، وبدأ العمل الحزبي ينشط رويدا رويدا وراحت خلايا المقاومة تتكاثر وتتواصل وتتحد على شكل مجاميع صغيره او خلايا وفصائل جهاديه حيث أنتشرت على مساحة العراق الحبيب.

لقد أستفاد الرفيق عزة أبراهيم رحمة الله عليه من تجربة الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله ، وقد أتخذ مجموعه من القرارات الحاسمه والمصيريه المهمه ، كان أولها أن يبعد كل المرافقين وعناصر الحماية الشخصيه المعروفين والمقربين والذين كانوا يعملون معه قبل الاحتلال والغزو ، ولم يبقي على أحد منهم على الاطلاق حيث توقع أن العدو الغازي سوف يحاول ملاحقته ومطاردته من خلال تلك العناصر ، وأستبدلهم بعناصر جديده وغير معروفه ولاتجلب الشبهه أو الشك والريبه ولكنهم من العناصر الموثوقه والتي تتمتع بحس أمني جيد وتبتعد عن التباهي والفخر ، وهم من تحملوا مسئولية الجانب الأمني له وكان عددهم محدود جدا ، والاهم من ذلك أنه سمح لهم بممارسة حياتهم الطبيعيه بين الناس وان لايظهروا على الاطلاق بأنهم هم من يتولى مسئولية أمن وحماية القائد الاول في الحزب والدوله خلال تلك الفترة الحرجة من تاريخ بلادنا.

ومن القرارات المهمة الاخرى التي أتخذها أنه قرر أن لايعتمد على الاقارب والمقربين لتامين مناطق سكنه وايواءه ، بل أعتمد على بسطاء الناس من الوطنيين والذين كان لهم الفخر بايواءه وسكنه والعنايه به لسنوات طويله في تلك الظروف الصعبه والتي تكالب فيها الاعداء على بلادنا من امريكان غزاة أو فرس شامتون أو من العملاء والاعداء الاخرين من داخل الوطن سواء من حكومة العملاء واتباعهم او من ضعاف النفس والمأجورين .. ونقولها للتاريخ ، وعلى الرغم من كون الرفيق عزة أبراهيم رحمة الله عليه كان صاحب شكل واضح وملامح سهلة التمييز وجسد من الصعوبة أن تجد شبيها له ، الا ان بسطاء البعثيين ومنهم من الدرجات الدنيا في التسلسل الحزبي هم من كان لهم شرف حمايته وأسكانه وايواءه وتلبية حاجاته اليوميه والاساسيه ومتطلباته الحياتيه الاخرى ، وهم من كان يتولى مسئولية تنقلاته الكثيره والمتعدده سواء للقاءات والاجتماعات الحزبيه او لتبديل اماكن الايواء أو لاغراض جهاديه ونضاليه أخرى.وكان رحمه الله وحالما يستقر لديهم هو من يساعدهم ويكسب ودهم ويكون خبيرهم في التحسب والامن حيث كان كثير التحسب والانتباه خاصة بعد تجربته الطويله والكبيره خلال فترة النضال السلبي قبل ثورة ١٧ تموز ١٩٦٨ أو خلال تسنمه للكثير من المناصب في الدولة العراقيه ، ونظن أن هذا الجانب لوحده يستحق البحث والتفصيل لصفحات متعدده وعسى أن تسنح الفرصه لمن تولى تلك المهام أن يتمكن من تدوينها وتوضيحها لرجال البعث والمقاومة والمهتمين يوما ما.

ومن القرارات المهمة التي أتخذها الرفيق عزة أبراهيم رحمه الله هو طلبه وموافقته بأن تغادر عائلته ( زوجاته وأبناءه وبناته جميعا ) خارج العراق ، وذلك للتخلص من عبئ كبير كان سيؤذيه كثيرا ويزعجه في مهمته الجديده لمواصلة الجهاد والنضال والمرابطه ، وكان يقول بعد أن أشتدت ملاحقة الغزاة الامريكان لافراد عائلته بانه عليهم ترتيب وضعهم والسفر خارج البلاد لانهم أن بقوا داخل البلاد سوف يلاحقهم الغزاة وسوف يعتقل بعضهم أو يخطف أو يصيبه بعض مما حصل للعراقيين وبالتالي سينشغل بهم وبمتابعتهم ، وهذا سيعقد عليه مهمة القيادة ، وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي كانت تطاله في بعض الاحيان حول هذا القرار الا ان النتيجة أثبتت أن قراره كان سليما تماما له ولعائلته ..

والى اللقاء في الحلقة القادمة.

بغداد
٤ كانون الاول ٢٠٢٠






الخميس ١٧ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الفريق الركن محمد صالح علوان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة