شبكة ذي قار
عـاجـل










صرح مستشار وزارة الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده ، ان ايران تقوم بدور استشاري في سوريا ،وانها سترد بشكل ساحق اذا ما حاول احد عرقلة هذا الوجود.

تصريح المسؤول الايراني جاء عقب غارات نفذتها ليل ١١ / ٢٢ طائرات لم تكشف هويتها، واستهدفت مواقع عسكرية في شرق سوريا ،حيث يشرف مايسمى بالحرس الثوري ويدير معسكرات تضم ميليشيات من بلدان مختلفة.وهذا التموضع لقوات نظامية ايرانية اوشبه نظامية من بلدان اخرى ،عربية وغير عربية ،له اكثر من وظيفة ، لكن وظيفته الاسياسية ،هو تأمين ممر العبور من بلاد فارس الى عمق الشرق العربي.وتوفير الحماية الايرانية لهذا الممر يسقط المنطق الايراني الذي يقول بان الوجود الايراني في سوريا هو وجود استشاري.فمن تكون مهمته استشارية لايتولى حراسة الممرات البرية ،ولا تأمين الحماية لشحنات السلاح التي تضخ الى شرق المتوسط ،بل مهمته تكون عادة غير منظورة ،لان الاستشاري يعمل تحت كنف من تقدم له او من هو بحاجة للاستثارة.وان تلجأ الدول الى الاستعانة باستشاريين سواء كانوا خبراء عسكريين او اقتصاديين او اعلاميين ،فهذا امر طبيعي ،لكن الامر الغير طبيعي هو انه ما من دولة مدت دولة اخرى باستشاريين وفي مجالات عدة ،واقامت لهم معسكرات خاصة كالتي تنشرها ايران على المساحة الجغرافية اليى تقع تحت سيطرة قوات النظام، لان ثمة مناطق شاسعة في شرق وشمال وغرب سوريا خارجة عن سيطرته.ولو سلمنا جدلاً ان النظام السوري هو بحاجة الى الخدمة الاستشارية الايرانية ،باعتبار ايران هي دولة عميقة وبامكانها ان تقدم خبرة استشارية للنظام في مجالات عدة قديكون منها الصناعة البتروكيماوية ،او صناعة حياكة السجاد او نقل الخبرات الايرانية في زراعة التنباك وصناعة التوابل، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.لكن ماذا يمكن ان تقدمه التشيكلات المليشياوية التي استقدمت من افغانستان وباكستان والعراق ولبنان ،من خبرات فنية وتقنية وعسكرية ،يمكن ان تساهم في تطوير القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية وتقنية المعلومات ،ومن شأنها ان ترفع من مستوى الكفاءة السورية ،لو صح قول المسؤول في الخارجية الايرانية بإن الدور الايراني هو دور استشاري.؟

لو كان الدور الايراني في سوريا هو استشاري ،لكانت مهمة حماية المستشارين تقع على عاتق النظام.اما وان هذا الامر غير قائم من خلال معطى الوقائع على الارض ومواقف من هم اعلى في هرم المسؤولية السياسية والامنية من سعيد خطيب زاده ،فهذا الدور ليس استشارياً، وانما يرتبط بطبيعة المشروع الموضوع على اجندة النظام كما افصح عنه خميني يوم استلم الموقع الاولى في المؤسسة السياسية والدينية التي توجه دفة الحكم في ايران.

ان ماتقوم به ايران واستطاعت بعضه ،بدأ التحضير له منذ اربعين سنة ،ولما صد مشروعها من قبل العراق ،انتظرت حتى اُسقط العراق وانكشفت الامة لتبدأ تنفيذ الخطوات الاجرائية على الارض بدءً من العراق وصولاً الى شواطئ المتوسط والى باب المندب على البحر الاحمر.

لقد قال المسؤولون الايرانيون في اكثر من مناسبة انهم باتوا يسيطرون على اربعة عواصم عربية ،بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ، وان ايران باتت في جنوب لبنان وعلى شواطئ المتوسط ،ولم ُيكتفَ بذلك، بل اصبح التدخل الايراني ينفذ الى ادق التفاصيل في تكوين السلطة وتشكيل هيئاتها.ففي لبنان اعتبر سليماني ان ايران اصبحت تملك اكثرية نيابية في المجلس النيابي اللبناني في ضوء النتائج التي اسفرت عنها انتخابات ٢٠١٨ ،وفي العراق امسكت ايران بمفاصل كل المؤسسات العسكرية والامنية والاقتصادية وطوعت ثروة العراق لمصلحة تمويل مشروع تغولها في الوطن العربي من شرق البصرة الى باب المندب.امااذا كان من مآخذ على الدور الايراني الاستشاري في سو يا، فهذه المآخذ تكمن في "محدوديته"!اذ اقتصر بشكل اساسي على انقاذ النظام من السقوط ، والاشراف والمشاركة في تدمير المدن والحواضر السورية ،وتهجير نصف شعب سوريا ودفعه الى عالم الشتات في مشهدية مأساة لم يعش مثيلاً لها الا في ام الربيعين، التي تحولت الى ركام وانقاض على رؤوس اهلها كما حلب وحماة وحمص ودمشق بكل ريفها الذي كان يشكل مدى عمرانياً لاقدم مدينة في التاريخ الانساني وتحول في ظل الدور الايراني "الاستشاريء" الى اشباه احياء سكنية ،ممنوع عودة سكانها اليها عودة آمنة واعادة اعمارها ، لان ذلك من شأنه ان يحبط "الوظيفة الاستشارية" لطبيعة الدور الايراني في سوريا ، ومن شأنه ايضاً ان يبطل مفاعيل القانون ١٠ الذي اصدره النظام والذي حدد مهلة لعودة النازحين تحت طائلة سقوط حقهم بالملكية ،وطبعاً تمليكها بقوة القانون لمن قال عنهم رئيس النظام بان ارض سوريا هي لمن حمل السلاح وقاتل لاجلها ،وحتى ولو لم يكن حاملاً للجنسية السورية.وقطعاً فإن رئيس النظام ،كان يقصد من حمل السلاح دفاعاً عن النظام وليس عن سوريا الارض والشعب والهوية الوطنية والقومية.

بعيداً عن تخرصات وعنتريات موظف الخارجية الايرانية ،فان الحقيقة التي ينطوي عليها الدور الايراني ،هي حقيقة الانتداب الذي يفرض هيمنته على النظام من خلال تقوية مو اقع ومفاصل سلطوية في مواجهة مواقع اخرى منفتحة على قنوات اتصال مع قوى نافذة في سوريا ،ومن خلال انتشار ميداني على الارض بالاتكاء على تشكيلات ميليشياوية ترتبط وتدار من مركز التحكم والتوجيه الايراني.

كان بودنا ان نصدق ان الدور الايراني في سوريا هو ذو طبيعة "استشارية" ،لكن كيف لنا ان نصدق موظف بسيط في الخارجية الايرانية ونكذب اعلى المراجع السلطوية ؟ طبعاً نصدق اقوال الفريق

الثاني لان الافعال تطابق الاقوال ، الا ماتعلق بالرد الساحق الذي ينتظر الزمان والمكان المناسبين.








الاثنين ٧ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تشرين الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة