شبكة ذي قار
عـاجـل










هي ليست حادثة وفاة عادية، فالرفيق عزة ينتقل كشعلة متوهجة من خندق إلى خندق، يعيش في حالة طوارئ وأستنفار نحو ١٨ عاماً، لا يتذرع بدواعي الشيخوخة، ولا من المرض، وغالبا السلاح في يده، يواجه شتى الاحتمالات، يحمل نفسه وجسده ما فوق طاقته، وفوق سنن الطبيعة.نعم هكذا كان الرفيق أبو أحمد الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، أمين سر القيادة القطرية للقطر العراقي، مناضلا يتنقل في ربوع العراق المحتل، محتملا المخاطر وهو يعلم أن وراءه قوى عظمى، وقوى أخرى عاملة في ركاب المحتلين، الأمين العام بنفسه يتجول في العراق، ويمر من بين أيادي وتحت أعين قوى الاحتلال، وحدث أكثر من مرة أن قاتل ببسالة بسلاحه مع عناصر حمايته الدوريات المعادية، ولكن أجل الله وقضاؤه لا مرد له، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

تعرفت على الرفيق عزة عام ١٩٦٣، المناضل من جيل الحرس القديم في الحزب، وكنا نقوم بواجب نضالي في وسط بغداد حتى يوم الردة ١٨ تشرين الثاني ١٩٦٣، ثم اعتقلنا معاً، وقدمنا للمحاكمة في المجلس العسكري العرفي، فيما يسمى بدعوة ( السراي ).

والرفيق عزة عرف عنه انضباطه الصارم، وشجاعة وإقدام لا يعرف التردد، وعرف عنه أنه لم ينقطع يوماً عن التنظيم، كان قد وهب نفسه وحياته للحزب وللنضال الوطني والقومي، ناضل في جميع القيادات الصغرى والكبرى وفي أكثر من مكتب، وكون بذلك خبرة كبيرة امتدت لأكثر من ٦٠ عاماً في العمل الحزبي القيادي النضالي بين الجماهير، ناضل حتى النفس الأخير ولا شيئ يشغل باله وضميره سوى العراق والحزب.

الرفيق عزة مع كل أوضاعه الصحية والنضالية كان وفيا بدرجة مدهشة لرفاقه، ويتمتع بذاكرة، ولا ينسى تفاصيل ومفردات، وقد ذكرني شخصياً بأحداث مر عليها نحو ٥٠ عاماً بتفاصيل دقيقة، وبحس نضالي مرهف، وخبرته التنظيمية الطويلة منحته القدرة على معرفة وسبر غور الرفاق ومعرفة قابلياتهم، لذلك كان الحصول على ثقته التامة شرف نضالي كبير.

كتبت عن الراحلين، المترجلين من الرفاق.حين نتذكر السنديانات العملاقة التي تشكل علامات للطريق.وهذه تحية وداع للمناضل القائد.للرفيق عزة إبراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي.

إن رحيل الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ليست حدثاً حزبياً داخلياً، بل هو مصاب كبير لحق بركب النضال العربي الذي يواجه مواقف صعبة، وتتأمل جماهير البعث وعموم فصائل حركة الثورة العربية الاشتراكية أن يتمكن البعثيون من رأب الصدع وتجاوز المصاب الجلل ونتائجه، فالموقف العراقي، والعربي، سياسيا ونضاليا، وفكرياً بحاجة إلى قيادة تستطيع مواجهة الأمواج العاتية.فتنضج الأفكار والخطط لأستعادة السيطرة، والإمساك بزمام الموقف.

لقد تمكنت حركة الثورة العربية الاشتراكية والبعثيون في المواقع القيادية منها، على مدى نحو ٨٠ عاماً من تأسيس حركة البعث العربي الاشتراكي، من التصدي لزلازل وأعاصير ومصائب ونكبات، منها نكبة ١٩٤٨، وهزيمة حزيران ١٩٦٧، وردة تشرين ١٩٦٣، و٢٣ شباط، وغيرها، من استعادة ثقة الجماهير، والمقدرة على قيادتها، واستعادة التوازن ومقارعة أعداء الأمة، وأنتم تعلمون أن تحقيق ذلك في هذه الظروف الصعبة ليس بالأمر الهين، ولكن ليس بالمستحيل على من يؤمن بقدرات الشعب، وبالأمة وبحقها في الحياة الحرة الكريمة.

نعلم بصعوبة الظروف الذاتية والموضوعية التي تكتنف المرحلة، ولكن المرحلة الصعبة لها رجاله الأفذاذ وقادتها، وقيادة تؤشر العلامات الأساسية للطريق.
الجماهير العربية تنتظر منك موقفا كبيرا، بقدر المرحلة.

القواعد الحزبية والبعثيين في كل أرجاء الوطن والمهاجر يتطلعون إليكم بأمل.





الخميس ١٢ ربيع الاول ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق ضرغام الدباغ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة