شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ دخل السودان المرحلة الانتقالية ،لاعادة انتاج نظام سياسي جديد ،يحاكي شعارات الثورة الشعبية التي اسقطت نظام البشير ، والضغوطات تمارس عليه من اكثر من موقع دولي ونظام عربي ،لدفعه لتطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني ، عبر استغلال الاوضاع الاقتصادية الضاغطة وانعكاساتها على الواقع الاجتماعي والمعيشي.وقد بدا واضحاً ان الفريق المشارك في السلطة والذي جاء من رحم البنية السلطوية السابقة وعنواناه رئيس المجلس السيادي ونائبه ،وهما مسؤولان عسكريان دخلا في بازار سياسي مع الادارة الاميركية وبتشجيع من الامارات العربية ،لربط رفع السودان من لائحة الدول الداعمة للارهاب بحسب التصنيف الاميركي ،وتقديم مساعدات اقتصادية ومالية واعادة جدولة ديونيه الخارجية مع وعد بشطب بعضها ،بموضوع تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني بحيث يكون السودان في لائحة اصطفاف النظم العربية التي تحضر نفسها لاقامة علاقات سياسية مع "اسرائيل"، وان الاجتماع الذي عقد بين البرهان ونتنياهو ،جاء في السياق الذي كانت تجري فيه التحضيرات لتوقيع اتفاقيات علاقات دبلوماسية كاملة بين الكيان الصهيوني وبعض النظم الخليجية.

ان موقف رئيس المجلس السيادي ، لم يمرر في المجلس ولا في مجلس الوزراء بحكم المعارضة القوية لهذا الموقف من قبل القوى الاساسية في تحالف "قوى الحرية والتغيير"،وهي التي تعاملت بمسؤولية وطنية مع الحدث ، واعتبرت ان السودان لم يستكمل حتى الان تشكيل مؤسساته الدستورية المناط بها قيادة المرحلة الانتقالية ،للانتقال الى المرحلة التي يعاد فيها تكوين السلطة استناداً الى مانصت عليه الوثيقة الدستورية.وطالما ان السودان لم يستكمل بعد تشكيل مؤسساته، فإن الحكم الحالي لايستطيع ان يقدم على اتخاذ خيارات سياسية ذات ابعاد وطنية استراتيجية ،يكون من نتائجها تغيير تموضع السودان في خارطة الجغرافيا السياسية الذي يمليه عليه انتماءه القومي.

على هذا الاساس ، عاش السودان خلال الاشهر الاخير مخاضاً عسيراً وتجاذباً بين اتجاهين ، واحد يعتبر التطبيع الممر الالزامي لتخليص السودان من ازماته ، واخر يعتبر التطبيع عاملاً مدمراً لبنية السودان الوطنية ، وان ماهو مطروح عليه لايشكل حلاً لازماته بل اضافة ازمات جديدة عليه ، وارهاقه بمزيد من التثقيل الاقتصادي ،فضلاً عن اخراجه من جلدته القومية وربطه بعجلة حلف اقليمي تقوده "اسرائيل".

في الايام الاخيرة ، وجه مايشبه الانذار للحكم في السودان ،كي يصدر موقفاً منفتحاً على التطبيع.لكن الذي حصل ان قوى الاعتراض الوطني للنهج الذي يدفع باتجاه التطبيع استطاع ،ان يكبح جماح الذين يروجون للتطبيع ،بحيث اسفر صراع الارادات عن صمود ارادة القوى الرافضة للتطبيع وظهر ذلك جلياً ،بفصل قضية رفع السودان عن لائحة "الدول الراعية للارهاب"،عن موضوع التطبيع.

ان اقدام السودان على اتخاذ قرار بدفع تعويضات لاميركا عن القتلى الذين سقطوا بتفجيرات كينيا وتنزانيا وهوالذي يعاني ظروفاً اقتصادية صعبة جداً ،مقابل اتخاذ رئيس اميركا لقرار برفع اسم السودان عن لائحة الدول المصنفة ارهابية بحسب التوصيف الاميركي ،هو ثمن مادي دفع كي لايدفع الثمن السياسي الذي يشكل خياراً قاتلاً.واذا كان الرئيس الاميركي يريد توظيف دفع السودان لتعويضات بمئات الملايين من الدولارات في حملته الانتخابية ،فان المهم بالنسبة للسودان انه افتدى موقفه الوطني بالمال حتى لايقع في المحظور الوطني ورغم ضائقته الماليةوبذلك طبق مبدأ "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها".

ان السودان تجاوز قطوعاً مهماً ، لكن هذا لايعني ان الضغوطات ستخف عنه ، بل سيبقى ضمن دائرة الضغط المتعدد الاشكال وخاصة وان اتفاق جوبا منح الحركات المسلحة ٢٥٪؜ من السلطة وهذه الحركات كان بعضها يقيم علاقات ويستمد دعماً من العدو الصهيوني.ولهذا مطلوب تقديم الدعم والاسناد المادي والسياسي للقوى السودانية التي سجلت نقطة لصالح قوى المشروع الوطني الذي تشكل قوى اعلان الحرية والتغيير رافعته الاساسية،وحتى تستمر في تسجيل النقاط السياسية في عملية صراع الارادات بما يخدم قضية السودان الوطنية ،بما هي قضية سلم داخلي وتنمية اقتصادية مستدامة وحماية هوية السودان القومية وخياراته الوطنية.






الاربعاء ٤ ربيع الاول ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لطليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة