شبكة ذي قار
عـاجـل










إيران منذ عهد الأسرة الساسانية ٢٢٤م وما قبلها لغاية حكم العائلة البهلوية حتى عام ١٩٧٩م زمن الشاه محمد رضا بهلوي ثم الخميني وبعده خامنئي أو أي من يحكمها ستبقى إيران بالنسبة لنا مصدراً للشر والفتن والطائفية والخرافات الدينية والفساد الاجتماعي والدعارة والمخدرات، وكل من يجلس على عرش الشاه تبقى عينه على العراق والوطن العربي، فهناك المياه والزراعة والنفط والغاز، بعد عام ٢٠٠٣م من يلاحظ مؤشر التعامل الإيراني مع العراق يدرك أن جميع من يأتي إلينا من إيران يعاملنا بنظرة دونية بغض النظر إن كان مواطن بسيط أو وزير أو رئيس جمهورية وهذه الصيغة المتعالية لم تأت من مسؤول إيراني رفيع المستوى فقط بل نلمسها حتى من الزائر العادي.

فهناك في إيران يربّون أولادهم على كراهية العرب وأنهم قوم أنجاس جاؤوا من الصحراء حفاة عراة وهدموا دولتنا وسلبوا أراضينا، في تشرين ثاني ١٩٨٠م يقول أحد المسؤولين كُلِفْت بمهمة داخل الأراضي الإيرانية فخرجنا من بغداد إلى بعقوبة فالمنذرية، وهي آخر مدينة حدودية مع إيران، ثم مدينة خسروي وهي أول مدينة حدودية مع العراق، وبعد مسافة تُقارب الستين كيلو متر وصلت إلى قصر شيرين وهي مدينة كبيرة وسكانها أكثر من سبعين ألف نسمة وكان الجيش العراقي حينها قد اندفع عن المدينة بحوالي ثلاثين كيلو متر في العمق الإيراني، وكانت قصر شيرين خالية من الناس تماماً إلا عائلة واحدة مكونة من أب تجاوز الثمانين من عمره وابنته فقط وكان يتقن اللغة العربية، سألته عن قصر شيرين وقلت له في هذه المنطقة علامات حدودية هل تعرفها قال نعم وأعرف مكانها، قلت خذني إليها فركبنا السيارة وبعد حوالي عشرين دقيقة ترجّلنا ومشينا إلى ربوة مرتفعة فقال هذه هي العلامة!

ذهلت عندما رأيتها فهي دعامة حدودية رسمية قاعدتها من الاسمنت مساحتها أربعة أمتار مربعة مثبتة في الأرض فموقعها مربع آخر يخرج من المربع الأول مساحته متر مربع واحد وبسمك ٥٠ سم مكتوب عليه أرقام وحروف بالإنكليزية كرموز وتاريخها ١٨٠٦م، التفت إليه وسألته : لماذا لم تخف الحكومة هذه الدعامات؟ قال لي هذه موجودة من سنين طويلة ولم يرفعها أحد لا في زمن الشاه ولا بعده ولن يرفعها أحد حسب علمي لأن بين فترة وأخرى تأتي رحلات مدرسية من المدينة ومن باقي المدن لترى هذه العلامات، قلت له أتعرف السبب؟ سكت ولم يجبني، قلت له أنا أقول لك السبب، إنكم ومنذ عهد كسرى تعلّمون أولادكم بأنكم كنتم دولة عظمى وحكمتم العالم من هناك، من إيوان كسرى في المدائن جنوب بغداد، وجاء العرب وقتلوا ملوكنا وسرقوا أرضنا هذا هو السبب، هذه الدعامات أنشئت بموجب ترسيم الحدود الذي أقرته معاهدة قصر شيرين عام ١٦٣٩م بين آل فارس وآل عثمان وتم تثبيتها بعد فترة طويلة على الأرض وفق ذاك المرتسم، ورغم سرقتهم لأراضينا بقيت على حالها محفزاً لأجيالهم على الحقد والانتقام من العرب.




الخميس ٢٨ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو الليث حازم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة