شبكة ذي قار
عـاجـل










في إعلان جديد عن إفلاس حكومة الجواسيس في العراق المحتل، وفي اعتراف صريح وإقرار فاضح بمدى معاناة العملية السياسية فيه، وفي تعبير عن حجم التخبط الفظيع الذي يعصف بجوقة الحكم الميليشاوي الطائفي الإرهابي في عراق ما بعد الغزو، طلع أحد أقطاب الجوسسة والعمالة والخيانة وأحد عناوين الإجرام السياسي والأمني في بلاد ما بين النهرين سيء الصيت والسمعة المجرم باقر جبر صولاغ بتصريح مهزوز جاء فيه أن لديه معلومات مؤكدة ومفادها أن انقلابا عسكريا جرى التخطيط له وسيتم تنفيذه قريبا في العراق بقيادة ما أسماه بالجناح العسكري لحزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة الرجل الأول فيه وقائده وأمينه العام عزة إبراهيم.

ورغم أن تصريح المجرم صولاغ جاء موتورا، ورغم أنه عبر عن هول الإخفاق والفشل الذريع لمنظومة الحكم الطائفية في العراق الجريح، فإن أهم ما انطوى عليه هذيانه ذاك يبقى حتما الإصرار على الزج باسم البعث وقيادته المقاومة ورجالاته ومقاتليه الأبطال في كل شاردة وواردة تتعلق بالبلاد والتطورات فيها، وخاصة الفزع المطبق الذي يستبد بعملاء أمريكا وإيران هناك بسبب البعث، وهو ما ارتقى إلى ما أبعد من فوبيا البعث، ذلك أنه - أي البعث - كان حاضرا ومسيطرا على عقول أولئك العملاء المتكلسة فكدر صفوهم دوما ونغص عيشهم طيلة سنوات الاحتلال السبعة عشر.

لقد تعود العراقيون وتعودنا معهم وتعود المتابعون والمحللون دوما على استحالة انقضاء أيام قليلة أو بضعة أسابيع على أقصى تقدير دون أن يسجل البعث حضوره بقوة في المشهد الإعلامي والسياسي دون أن يكلف نفسه جهدا كبيرا أو عناء يذكر في سبيل ذلك، حيث تكفل حكام الصدف والذين امتطوا دبابات الغزاة بالترويج له مجانيا والإسهاب في ترديد اسمه والتحذير منه والتنبيه إلى خطورته على البلد وأمنه وسير الأمور فيه وفق روايتهم الرسمية البائسة.

وفي الواقع، لم يكن تركيز شرذمة الحكم الطائفي في العراق على البعث وليد غباء أو جهل بأبجديات السياسة فقط، ولكنه نبع أساسا من مركبات النقص المروع الذي يستشعرونه مقارنة بالبعث ولم يستطيعوا التخفيف من وطأته ولا تطويق مساحته الشاسعة.

فإنه ورغم الالتقاء الدولي الشيطاني الآثم على البعث، ورغم شيطنته وتشويهه وتبشيعه، ورغم الحروب الوحشية التي استهدفته سواء بطبيعتها المسلحة أو الاقتصادية أو القانونية أو الإعلامية أو النفسية، ورغم العمل الحثيث على إفناء البعث واجتثاثه واقتلاع شجرته اليانعة الباسقة المثمرة، ظل البعث صامدا شامخا راسخا ثابتا على المبادئ وفيا للأرض والشعب والعراق والأمة العربية، وظل مقاوما ثائرا متحفزا للقتال على كل الجبهات وفي كل السوح وبكل الأسلحة فكرا وتخطيطا ومبارزة عسكرية وغير ذلك.

وفي المقابل، استفحل العجز بمناوئي البعث في العراق ومبغضيه وخابت كل مخططاتهم التي كشفها البعث دوما استباقا ومعالجة تكتيكية واستراتيجية حسب المقتضيات والظروف الميدانية، ولا يجولن بخاطر أحد ههنا أن المقصودين بالفشل والخيبة هم عملاء ما يسمى بالمنطقة الخضراء الصغار، بل إن الحكم ينطبق بدءا بأسيادهم وموجههيهم ومنصبيهم ورعاتهم وآمريهم أمريكانا وفرسا إيرانيين وصهاينة وأوروبيين بدرجة أقل، لأن حفنة البيادق التي قاءتها شوارع كبريات العواصم في العالم لم يكن لها يوما حل ولا عقد ولا ربط، بل اقتصرت مهمتهم على التخريب والتدمير والتكفل بأداء الأدوار القذرة المناطة بعهدتهم وتنفيذ المخططات الوسخة التي لطخت وتلطخ وستلطخ جبين الإنسانية بالعار السرمدي ما دامت الحياة البشرية قائمة.

وفي ظل هتين الوضعيتين، حيث ألق البعث وانكشاف صوابية منهجه واتضاح صدقيته ونزاهته ناهيك عن عبقرية مشاريعه النضالية والجهادية وانسجام أطروحاته مع بيئته ومواءمة حلوله الجذرية للمشاكل والمآزق العربية الشائكة فضلا عن أصالة قيادته التاريخية وشجاعة مناضليه ووطنيته الخالصة التي شهدت لها أصقاع المعمورة كافة وحيث إنجازاته العملاقة الريادية وغير ذلك من المناقب والخصال السياسية التي لم يحزها حزب غيره في العالم برمته، وفي الجهة الأخرى حيث حثالات ومجاميع قطاع طرق وشذاذ آفاق وزمرة عفنة من الطائفيين الإرهابيين الشعوبيين القتلة وحفنة من الفاسدين الذين جمعوا كل مقومات الانحطاط والسفالة والوضاعة والرداءة والعفن والابتذال والتفسخ والميوعة والقذارة زيادة على تأصل الارتزاق فيهم واستعدادهم الخرافي لبيع ضمائرهم ووطنهم والتفويت في منجزاته وإهدار مقدراته وتبديد ثرواته وغير ذلك مما يزخر به سجلهم الأسود الذي غدا مضرب الأمثال في الإجرام والإفساد وكل ما له صلة بالهبوط والعمالة والخيانة .. وفي ظل هتين الوضعيتين، لم تجد طغمة الفساد والإفساد في بغداد المحتلة من حيلة إلا التذرع والتحجج بالبعث وصب جام حقدها عليه لتبرير الانسداد الشامل والانحدار المفزع الذي يعصف ببلاد ما بين النهرين طيلة سنوات الغزو الغاشم وإفرازاته القذارة.

لقد اتخذت زمرة بريمر وبيادق الولي السفيه الإيراني الصفوي من البعث هدفا وشماعة حاولت تعليق فشلها عليه في تسيير المرفق العام، حيث لم يصدر عنها طيلة هذه السنين سوى التخريب الممنهج والتسقيط المتعمد للعراق، كما اتضح بالكاشف إفلاسها إفلاسا شاملا ومطبقا حيث بدا جليا للعيان منذ اليوم الأول لانطلاق عهد العملية السياسية الجاسوسية المتهالكة انعدام الأفكار والبرامج والمشاريع والرؤى والافتقار لأبسط مقومات الخلق وملكات الابتكار فيها ولدى أقطابها، بل وصل الأمر بولاة أمورهم وأسيادهم خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حد التصريح علنا بمدى الخيبة والإحباط والندم جراء اختيارهم لأولئك الأراذل الذين عجزوا وفشلوا في كل شيء وصاروا عبئا ثقيلا عليهم قبل غيرهم.ولم يكن لتلك الفئة الضالة المضلة من بد إلا النفخ في رماد شيطنة البعث وتجريمه والادعاء عليه واتهامه بأنه المعرقل الرئيس لعهد ما بعد الغزو.

استغلت زمرة بريمر وقطيع الولي السفيه مخلفات الحملات الإعلامية المفتوحة طيلة عقود ضد البعث، واستغلت أيضا الظرفية والحالة النفسية المرافقة لبدايات الغزو، فصوبت كل سهامها صوب البعث بموجب ودون موجب، وأغرقت العراق وأمطرت العراقيين بوابل من المصطلحات و الأساليب والمناهج الطائفية القذرة، وبذلت قصارى جهدها للافتراء على البعث ممنية النفس بأن يكفل لها فعلها الوضيع ذاك قابلية لدى العراقيين الذين سرعان ما تفطنوا لبطلان رواية اللصوص والقتلة والمجرمين المتحكمين بالعراق في غفلة من الزمن.

ورغم ارتداد الحملات الإعلامية والسياسية والطائفية ضد البعث، على مطلقيها ومروجيها والعاكفين عليها، فإن مجرمي المنطقة الخضراء وأقطاب الإرهاب والعمالة لا يزالون مصرين على غيهم ومتشبثين بالهروب إلى الأمام وذلك فقط باستنباط كل الحيل والخدع لتجريم البعث وترهيب الناس وتنفيرهم منه.

وإن ما صدر عن الفاشل الخائب المجرم صولاغ مؤخرا من ادعاء مضحك سخيف حول اقتراب تنفيذ انقلاب عسكري ينفذه الذراع العسكري لحزب البعث بقيادة الرفيق القائد عزة إبراهيم، إنما يبرهن مجددا على أن البعث لا يزال يشكل الكابوس الأكبر لمن ارتموا في حضن الغزاة والمحتلين، وأنه لا يزال يمثل الرقم الأصعب في العراق وفي المنطقة ككل، بل إنه الرقم الأصعب الذي لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال، وأن أسهم البعث في البورصة السياسية لا تعرف هبوطا أبدا ولا تعرف تراجعا مطلقا.
ففي الوقت الذي تضيق فيه ساحات العراق على حثالات العملية السياسية المتآكلة والمفلسة، وفي الوقت الذي تلتهم فيه نار ثورة تشرين المباركة أوكار العمالة والجوسسة والطائفية والإرهاب، ولما استقر الرأي لدى حكام العراق الأراذل على أنه لا خلاص ولا مهرب من التسليم والانصياع للإرادة الشعبية العراقية، ولما أفلت زمام الأمور كلها من بين أيدي أعداء العراق مجتمعين، حاول أحد أقطاب الإجرام والإرهاب الطائفي صولاغ أن يوجه الأنظار بعيدا عن كل هذه الأحداث فاختلق فرية جديدة هي فرية الانقلاب المزعوم بتنفيذ البعث.

إن ما صدر على باقر جبر صولاغ، لا يزيد في جوهره عن تأكيد مسلمة بديهية وهي أن رهاب البعث ( رهاب : الخوف المزمن والمتواصل ) في وجدان العميلة السياسية الإجرامية المتفرعة عن غزو العراق قد بلغ ذروته وبات حائلا حقيقيا يحول دون العملاء ودون أن يهنؤوا حتى بقطافهم المخزي.

إن الجدير بالذكر ههنا، أن هذه المحاولة الجديدة البائسة و البائسة تأتي للتخفيف من عزلة طغمة الجواسيس والعملاء فيما يعرف بالمنطقة الخضراء في العراق المحتل، ويتوسل من خلالها حكام الخضراء الصغار تقليص حجم الرفض الشعبي المتنامي لاستمرارهم ولتواصل جرائمهم المخزية، كما يروم مطلقها ومروجها توجيه الرأي العام في العراق عن مكمن الداء وأصل البركان المفجر في بغداد الأسيرة.

اعتقد صولاغ المبتذل أن مخاطبة الجماهير بتخويفها من البعث كدأبه ودأب نظرائه من القتلة واللصوص دوما، كفيلة باستجلاب رضى العراقيين واستدرار عطفهم عساهم يصرفون النظر عن المشاكل المتفاقمة في العراق ومعاناتهم المتواصلة.

لكن .. فات صولاغ ومن لف لفه أن الحقيقة على الأرض هي على النقيض تماما مما تسوله له نفسه الوضيعة، وهي حقيقة تعمق فعليا وبجدارة واستحقاق متفرد، من فوبيا البعث لدى جوقة الجواسيس والمأجورين وأسيادهم، حيث بات البعث مبعث طمأنينة في نفوس العراقيين على امتداد جغرافيا العراق وفي المهجر، بل وأمسى البعث وعودة البعث حلم السواد الأعظم من أحفاد حمورابي وصلاح الدين الأيوبي.

ألم ير ويسمع صولاغ القابع في سراديب الخزي والعار والشنار أحرار العراق شيبا وشبابها، رجالا ونساء، يتحسرون على حكم البعث حينا، ويتمنون عودته للفعل السياسي العلني أحيانا كثيرة، ويشيدون بنزاهته وبأصالة رجالاته ويهتفون بحياة قائده ومعاونيه ورفاقه مسلحين مقاومين ومفكرين ومستشرفين ومضحين بالغالي والنفيس لقاء عودة الأمن والأمان للعراق وشعبه.

فات صولاغ البائس، أن مثل فريته الجديدة الحقيرة، لا ولن تثني العراقيين عن مواصلة نضالهم وبذلهم حتى كنس آخر مخلفات الغزو.

وفاته أكثر، وفات الآخرون غيره، أن ما يعتقدون أن من شأنه تشويه البعث، بات - ويا لحظهم البائس - رصيدا مضافا لسفر البعث الخالد، ومحشدا ومحفزا لجماهير العراق والعرب للإقبال على البعث والنهل من هديه.

فات صولاغ ومن هم على شاكلته، أن انزياح سحب الظلام المخيم على العراق، وأفول غربان الشؤم التي لوثت أجواءه، لم يعد يفصل بينها وبين التحقق إلا حينا ضئيلا من الزمن، وشيئا يسيرا من صبر العراقيين الأوفياء الأماجد، وهو ما لا يستوي معه أن يفكر البعث أن يهدر جهدا ووقتا من أجل الانقلاب على حكم مهترئ متداعي للسقوط آليا مثله، لأن مهام البعث أسمى وأهم وأشد تعقيدا مما يخيل لمح ودي الفكر.

أما عن الحكم والعودة إليه، فإن البعث وقائده المجاهد وأمينه العام ورفاقه الأبطال الأصلاء، لا يفكرون فيه ولا يرونه إلا بوابة لخدمة العراق وشعبه وترميم ما خلفه الغزو وبيادقه من دمار لا نظير له في التاريخ البشري كله، ولا تتوق أنفس البعثيين للسلطة إلا لتطبيب جراحات العراقيين المغدورين، ذلك أن الواقع خلص إلى أن احتواء أزمات العراق وحلحلة مشاكله ستظل مسائل عالقة وبعيدة المنال ما لم يكن للبعث الدور الأبرز فيها.

لقد أحسن صولاغ اللقيط للبعث من حيث أراد أن يسيء، ذلك أنه أقر مجددا أن فوبيا البعث خلخلت وتخلخل منظومة الحكم الجاسوسية المتهالكة في بغداد المحتلة، وأنها من ستنسف أسس ذلك الحكم الذي سيبقى وصمة عار تلطخ جبين الإنسانية التي صمتت على غزو العراق ثم قبلت بانتصاب مهزلة وكارثة بكل المقاييس على أرض التاريخ والحضارات.






الثلاثاء ٢٦ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة