شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يفاجئني مواطن لبناني في طرابلس أن يطلق اسم القائد الشهيد صدام حسين على مولوده الجديد ويصر على تسميته كذلك في الدوائر الرسمية، فطرابلس هي طرابلس التي يتجذر في ضميرها الجمعي حب الشهادة التي تحول معها رئيس العراق الشرعي إلى أيقونة لكل أحرار العالم والتواقين إلى تغليب الكرامة الوطنية على كل ما عداها من أسلحة معنوية وأخلاقية في مواجهة المحتل للأرض والطامع بمقدراتها والمغتصب لخيراتها،

كما أنه لم يكن غريباً على قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي بشخص رئيس الحزب الرفيق حسن بيان، أن ينتدب قيادة الحزب في طرابلس والشمال مباركاً لأهل "صدام حسين" بمولودهم الجديد متمنياً له الصحة والعافية والعيش الحر الكريم مثمناً هذه المبادرة العربية الأصيلة التي تنم عن وعي متقدم وعنفوان ناجمين عن وجدان واحد، هو وجدان الأمة من المحيط إلى الخليج التي اجتمعت على حبها للعراق وقائد العراق وكل من حمى البوابة الشرقية للأمة العربية وكان صمام الأمان لعدم تشرذمها وتفتتها، بل وضياع مشروعها القومي التوحيدي كما هو حاصل اليوم.

ومع هذا وذاك، كان ثمة سؤال فضولي يراودني وأنا أشاهد الأب السعيد يحتضن مولوده الجديد،
ما الذي يدفع شاباً لم يكمل العقد الثالث من السنين، لا ينتمي إلى أي حزب ولا يتعاطى السياسة، ويوم استشهد الرئيس صدام حسين، كان هذا الأب ما زال صبياً صغيراً لم يتعدّ الثلاث عشر عاماً، أو أقل من ذلك، فمن أين كل هذا الحب والوفاء لقائد لم يعش هذا الصبي تجربته وكيف لمواطن من طرابلس أن يقتدي بشهيد العراق والأمة دأبت كل قوى الجبروت العالمي وإعلامها وتقنيانها المتطورة على تشويهه وشيطنته ووسمه بأبشع الصور والنعوت.

أية عظمة، وأية نورانية تحلى بها هذا الشهيد وهو يواجه الحبل المشدود على عنقه برباطة جأش جعلت من جلاديه يرجفون بدل أن يرجف هو ويقتلون كل ما في دواخلهم من ذرات حياء وشجاعة، فيعطيهم وهو الذاهب إلى الموت، درساً في الرجولة لا يتكرر سوى كل بضعة مئات من السنين وهو يخاطبهم مبتسماً : هاي هي المرجلة!

ربما هذه المشهدية النادرة من البطولة، هي التي دفعت ابن طرابلس أن يتحدى حواجز الخوف الرسمي العربي الذي رسمته للأنظمة، آحادية القطب الاستعماري الأميركي - الصهيوني الجديد الذي بدأ يشهد تفككه اليوم أمام توازنات الصراع السياسي العالمي المتمرد حديثاً على هذه الآحادية المرفوضة، فيما الشعوب تشهد كيف ينتصر الدم على السيف، وكيف تواجه العين المخرز وقد توفر لها ظفرٌ وناب، وكيف تملأ ساحات العراق بالشباب الثائر يرفع صور القائد الشهيد وكيف عواصم الغدر تتلو فعل الندامة وكيف تبدأ تباشير استلام الجماهير لزمام أمورها وهي تكسر كل طوق تركه الطغاة على أراضيها، وأن انبلاج الفجر صار على مرمى حجر من الصبر والصمود وهو آتٍ لا محالة.

إنه الوعي القومي والوطني والاجتماعي المتقدم الذي بدأ يحفر له أخدوداً في ضمير كل شابة وشاب عربيين من المحيط إلى الخليج والجميع ينظر إلى حال الأمة والى أي درك من الذل والهوان وصلت متسائلاً : إلى أين المصير، ولماذا كان العراق هدف كل قوى الشر والطغيان العالمي في العام ٢٠٠٣ ولماذا كان الاجتثاث لحزب قومي تقدمي حكم العراق لأكثر من ثلاث عقود من السنين ورفعه إلى مرتبة الدول الكبرى المتقدمة والمقتدرة ليجعل من المشروع القومي العربي حقيقة قائمة وللصراع مع الكيان الصهيوني جدية عبرت الحدود التي لم تكن يوماً عائقاً أمام الصواريخ العراقية التي دكت الكيان بعد أن تحقق شعار "بترول العرب للعرب" على أرض العراق منذ بداية السبعينات من القرن الماضي مؤذناً بأن أمتنا قادرة على أن تعود إلى جوهر وجودها الحضاري المتقدم بين سائر الأمم متى توفرت لها القدرة والمقدرات والقيادة المقتدرة.

وكما طرابلس اللبنانية شرق الوطن العربي تحاكي مثيلتها طرابلس الغرب في ليبيا عمر المختار وجزائر المليون شهيد ونواكشوط المليون شاعر عربي وتونس الخضراء التي نفضت عنها حكم التسلط في العام ٢٠١١، إلى عمان ونابلس وفلسطين الجريحة التي يتسابق أبناؤها على أعداد موائد الشهيد صدام بين آن وآن دون أن تحد المحاصرة الصهيونية للقمة عيشهم من هذه المكرمة، شأنهم شأن أبناء العروبة المكلومة في مصرها التي تحن إلى أيام عبد الناصر وسودانها الذي تقاوم قواها الحية مشروع التطبيع مع العدو الصهيوني، وشامها وصنعائها وأقطار خليجها الخاضعة اليوم للابتزاز الأميركي والتسلل الصهيوني.

إنها الأمة التي تعيش اليوم تحديات كينوتها باللحم الحي والدم الطاهر وعزيمة الشباب وكل المؤمنين بانبعاثها الذين قال فيهم الشهيد صدام يوماً : كلهم بعثيون وأن لم ينتموا!






السبت ٢٣ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة