شبكة ذي قار
عـاجـل










في هذه الايام المشرقة حيث ينتفض شباب الامة في العراق ولبنان وفلسطين وقبل ذلك في السودان والجزائر حاملين دمهم على أكفهم لتحرير الأرض والإنسان مدافعين عن حرية الامة واستقلالها ، ومن اجل ابقاء راية العروبة حية خفاقة نستذكر اليوم اياماً مشرقة في تاريخنا العربي المعاصر تحققت فيها انتصارات مجيدة تتزود من عبقها الاجيال الصاعدة العزيمة والثقة لمواصلة كفاحها الضروس دفاعاً عن عروبة الامة وحقها في الحياة الحرة الكريمة.

فعلى الرغم من أن هناك أحداثاً وملاحم جرت في بقعة معينة من الوطن العربي ، لكن امتد اشعاؤها ليضيء لنا على امتداد الوطن الكبير ، إما لأنها كانت دفاعاً عن وجود ومصالح ومستقبل الأمة وبجهد مشترك ، أو انها أدت في نتائجها وانعكاساتها إلى حماية المصلحة القومية وتعميق التلاحم العربي فصارت معالم وأياماً مشرقة في تاريخنا العربي نستلهم منها القيم والدروس ونتزود من تفصيلات مجرياتها بشحنات من العزم لتجدد فينا روح الوفاء والإقدام والتضحيات في معاركنا الراهنة في مواجهتنا لأعداء الأمة من قوى الشر والعدوان حماية لمصالح الأمة وخياراتها ودورها الرسالي الانساني.

برنامج أيام مشرقة في التاريخ العربي المعاصر يسلط الضوء على هذه الأحداث ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في التلاحم النضالي بين أبناء العروبة.من هذه الأيام الخالدة في تاريخنا العربي المعاصر هي حرب تشرين / اكتوبر ١٩٧٣.

حرب تشرين / اكتوبر

د.وحيد عبد الرحمن

تمر علينا اليوم الذكرى السابعة والأربعين لحرب أكتوبر / تشر ين والتي حققت فيها الجيوش العربية ذلك النصر العسكري التاريخي الذي أعاد للامة عزتها وكرامتها وثقتها بأبطالها الميامين الذين لا يعرفون لليأس طريقا ولا للهزيمة سبيلا مهما تفاقمت التحديات ومهما زادت التهديدات.

وإذ نستذكر ذلك النصر المؤزر المبين، نستحضر فجر ذلك اليوم الرمضاني المجيد من أكتوبر / تشرين أول عام ١٩٧٣ الذي فجًر فيه الرجال الأشاوس من أبناء مصر العروبة والجيوش العربية طاقاتهم الكامنة وحسموا النصر في صدورهم فكانوا كالأسود الكاسرة المتأهبة للتوثب الى فريستها، فسطرَوا بعزم لا يلين وبحزم لا يستكين لوحة الانتصار ضد القوة العسكرية الصهيونية التي كانت أبواق إعلامها تصدح بأنها القوة الإسطورة التي لا تقهر.

فمع الضياء الأول للعاشر من رمضان المبارك، وثب الضرغام المصري على فريسته التي كانت تختبئ وتختفي خلف ذلك الساتر الرهيب شرق قناة السويس الذي سمي بخط ( بارليف ) وتبجح به العدو الصهيوني بأنه الخط الذي لا يمكن لكل قوى الأرض اختراقه لتحصيناته المتعددة والمتنوعة وارتفاعه وطوله والمدجج بكافة أنواع الأسلحة الدفاعية، وبعد الاستعانة بالله العزيز، تمكنت قوة العبور من تحطيم وتهديم وتهشيم ذلك الخط اللعين ثم الاندفاع عبر سيناء، ومن فوقهم وفي ذات اللحظة اندفع صقور الجو من أبناء العراق الأشم الذين كانوا في قاعدة ( قويسنة ) الجوية المصرية ينتظرون ساعة الصفر مع رفاق سلاحهم من أبناء الكنانة ليخرقوا سماء سيناء فيدكوا مواقع العدو ويزلزلوا الأرض تحت أقدامهم في عملية خداع استراتيجي قل نظيرها في الحروب.

ذلك ما كان في الجبهة الجنوبية، أما في الجبهة الشرقية فقد اندفع الليث السوري في ذات الوقت باتجاه خط ( آلون ) الدفاعي المحصن فتمكن من اختراقه وتدمير القوة العسكرية الإسرائيلية المدافعة فيه.بينما وقف الابطال الأردنيين متأهبين لتأمين الجبهة الأردنية من أي اختراق صهيوني، وعلى أن يستعدوا لإسناد الجيش السوري عند الحاجة.

أما أسود الرافدين فما أن سمعوا من المذياع اندفاع اشقاءهم حتى تفجرت في نفوسهم قيادة وشعبا الغيرة والشهامة العروبية، فقفزوا عبر الصحراء على سرف ( جنازير ) دباباتهم فيقطعوا أكثر من ألف وثلاثمائة كيلومتر على أنغام إنشودة ( الله أكبر ) ليلتحموا مع ليوث الجيش السوري ويقلبوا المعادلة في أرض المعركة حال وصول طلائعهم بعدما تمكن جيش العدو من تحقيق اندفاعا بهجوم معاكس باتجاه دمشق الحبيبة، فكان لواء ابن الوليد العراقي وقوات صلاح الدين العراقية واللواء المدرع ٤٠ من الجيش العربي الأردني بالمرصاد لحماية دمشق من تدنيس العدو.

ان تلاحم أبناء الجيوش العربية في ملحمة النصر في حرب أكتوبر وامتزاج دماءهم الطاهرة لتروي ارض العروبة، إنما هي تعبير وتأكيد على وحدة المصير العربي، ووحدة منظومة القيم والمبادئ والمثل والتقاليد الأصيلة المغروسة في نفوسهم وفي نفوس ابناء الامة العربية الان ومنذ عصر الرسالة الإسلامية السمحة وما تلاها خلال ثمانين عاما من الفتوحات التي تمكن فيها أجدادنا العظام قهر الصحارى والجبال وعبور البوادي والبحار لينشروا ديننا الحنيف من سيبريا شمالا وحتى المحيط الهندي جنوبا، ومن الصين شرقا حتى فرنسا غربا، ويثبتوا ان ارادتهم الفولاذية لا تقهر مهما تعاظمت الخطوب.

واليوم وبالرغم من حالة التردي والتشظي التي تمر بها امتنا اليوم، والمحاولات البائسة واليائسة للأعداء في السعي الحثيث والخبيث لتقزيم امتنا المجيدة، فان الجيل الصاعد يحمل ذات القيم والشمم، والعزم والحزم، وذات الإرادة والثقة بالمستقبل الواعد والعودة الى ما كان عليه الاباء الذين رسموا لهم طريق الانتصار عبر ايام خالدة مثل نصر اكتوبر المجيد.فمن عمق الخطوب والتحديات تنبت الإرادة والعزيمة ولا يأس مع الأمل.والصبر والمطاولة.

وان غدا لناظره قريب.








الاربعاء ٢٠ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والاعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة