شبكة ذي قار
عـاجـل










إن من يصر على وصف الثورة "التشرينية" في كل من العراق ولبنان بأنها مجرد حركة شعبية "احتجاجية" فهو حتماً مخطئ أو موالي للجهة المتضررة.

وأما الإصرار على تسميتها بالاحتجاجية بدل الثورة فتبرير ذلك طبعاً، وعلى حد زعمهم، بأنها غاية لدفع أبناء الشعبين للاقتتال الداخلي خدمة للجهة المشغلة لهما ليحلوا مكان النظام الحاكم في حال سقوطه!
معنى ذلك أنهم يوحون بأنها مجرد مؤامرة تهدف إلى الإطاحة بالنظام الحاكم لصالح دول إقليمية أو دولية طامحة في السيطرة على بلادنا.

إذاً، فعباءة العمالة والخيانة لديهم جاهزة لتلقى على عاتق من يزعجهم أو ينغص عليهم أعمالهم الهدامة للوطن والمواطن.

لكل من يرجم الثورة ويشيطنها ويمارس العنف الجسدي والنفسي ضدها نقول له تباً لك، فأنت مجرد عميل ومدسوس وقلم مأجور للمنظومة السياسية الفاسدة سواءً في العراق أو في لبنان، فلست سوى حاقد مأجور موالي للسلطة الفاسدة، وللمفارقة وليس من قبيل الصدفة فإن كلا الثورتين نتجت فعلاً من عمق المعاناة لتنفجر في وجه "الدولة العميقة" في العراق ولبنان رفضاً للهيمنة الفارسية الصفوية على مقدرات السلطة فيهما عبر أدواتهم من معممين حقودين وطائفيين جهلة عاثوا الفساد والسرقة وهدم المنجزات الحضارية وإعادة عجلة التاريخ إلى زمن أبي جهل وأبي لهب واللات والعزى والخرافات التي تستبيح العقول في زمن وصل الإنسان الغربي فيه إلى مشارف المجرات البعيدة!

نعم هناك تشابه في دوافع الثورتين التشرينية، فهما غير مسبوقتين، ففي العراق عدم اهتمام واضح ومقصود بمظالم المتظاهرين المعيشية المتردية في مختلف نواحي الحياة دفعهم إلى ثورة عارمة ضد إيران كونها محتلة فعلية للعراق والمتسببة المباشرة والمقصودة بتدمير العراق وشعبه وعلى كافة الصعد خدمة للهدف الحقيقي بإعادة إحياء امبراطورية فارس وهيمنتها على الأقطار العربية بحجة إقامة الدولة الاسلامية تحت راية الولي الفقيه في طهران وتحرير الأقصى من الصهاينة ومحاربة الشيطان الأكبر.

زال مفعول السحر الذي مارسه المعممون وزالت الغشاوة عن أعين العراقيين الطيبين فلم يتردد الثوار العراقيين بالكتابة على الجدران عبارات ضد طهران، ويقذفون بأحذيتهم صور المرشد الإيراني وقاسم سليماني الملطخين بالدماء، فكسر العراقيون خصوصاً الفئة التي عولت عليهم الملالي في طهران كل المحرمات وما حصل في المحافظات الجنوبية وبغداد وخاصة في كربلاء لخير دليل على ثورة العراقيين على الفارسي المحتل الظالم وليس مجرد احتجاجات كما أشار البعض المغرضون.

ولأن الإيرانيين بدأوا يقرأون ما يجري على الأرض ويشاهدون دعمهم للسلطة العميلة الفاسدة يتبخر أمام أعينهم، مما اضطرهم للتدخل أمنياً عبر ميليشياتهم وما لم تدركه إيران أن عدداً كبيراً من الشباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة، لا يعرفون كيف كان العراق زمن الشهيد الرئيس صدام حسين رحمه الله أو الحرب العدوانية الايرانية على العراق، وهذا ينطبق أيضا على لبنان، فالثورة في لبنان والثورة في العراق واحدة والهم واحد، والمطالب هي نفسها والجلاد هو نفسه في البلدين الشقيقين والشعار واحد : ايران برة برة بغداد وبيروت حرة حرة، لذا فإن أي شهيد يسقط في العراق كأنه يسقط في لبنان الذي يشهد منذ ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ تحركاً شعبياً غير مسبوق وصل إلى حد إعلان المحتجين بأنها ثورة شعبية عارمة تستهدف الطبقة الحاكمة كلها والنظام السياسي الذي يرتكز على زواج المتعة بين الفاسدين واللصوص والميليشيات الطائفية الموالية لإيران وعلى قاعدة سلاحنا مقابل فسادكم وفسادنا مقابل سلاحكم!ومع اختلاف في منسوب العنف الذي تشهده تظاهرات العراق ورغم حصول عدد من الاعتقالات التعسفية واستشهاد عدد من الثوار وتسجيل اعتداءات عنيفة مذهبية من قبل أحزاب السلطة من مناصرين حركة أمل وحزب الله والتيار العوني ضدّ الثوار السلميين وغض طرف قوى السلطة لتلك الاعتداءات في مدن بيروت وصيدا وطرابلس وصور ومدن بقاعية وبعلبك، كما لا ننسى الهتافات والعبارات الطائفية التي يرددونها أثناء اعتداءاتهم على الثوار السلميين والتي توحي بالطائفية والظلامية.

وتأكيداً على تلاحم المسارين في ثورة لبنان والعراق نفذ الثوار في لبنان عدة اعتصامات أمام السفارة العراقية في بيروت" مرددين :
إنه بالنسبة لنا كثوار في لبنان وبالنظر إلى القمع الذي نشهده فإننا نتضامن مع أولئك الثوار الذين يجري اعتقالهم أو يقتلون يومياً في العراق".

كلمة أخيرة في شأن كل من ثورة العراق ولبنان فالمتعارف عليه إن لكل ثورة قائد، إذاً من القائد في ثورة العراق وثورة لبنان؟

فعلاً إن شباب عصرنا الراهن هو جيل المعرفة والتكنولوجيا والانترنت، فإن ما يجمع هؤلاء الشباب الثائرين على الحكام والهيمنة الخارجية جمعتهم مطالب محددة يتفق عليها جميع الثوار بقلب واحد وإيمان قوي وعزم لا يلين، وكان لسان حالهم يقول الكل للواحد، والواحد للكل، فكل ثائر هو مشروع قائد في ظاهرة لم تألفها ثورة من قبل؟

ولا يخفى أن الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى المصابين بالآلاف المقدمة قرابين للثورة العراقية في سبيل تحقيق أهدافها، ولكن بالرغم من المعوقات الكثيرة التي تحيط بها إلا أن مسار الطريق صحيح وجاري بهمة شبابية رائعة لتحقيق التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق السيادة على كامل العراق ليعود عظيماً كما ينبغي له أن يكون، والله المستعان.




الاثنين ١٨ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو كفاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة