في تشرين من عام ٢٠١٩م شاهد أبناء شعبنا كوكبة من الشباب تتجمع في ساحة التحرير ببغداد رافعين لافتات وأعلام العراق وتصدح حناجرهم بالهتافات، وظن الناس أن هذه التظاهرة كسابقاتها تبدأ وتنتهي دون أن يبالي لها أحد، لكن هذه الكوكبة هزت الأرض تحت أقدامها عندما تعالى صوتها بهتاف نريد استعادة الوطن.

يا الله ما أعظم هذا الهتاف، فمن أغلى وأعز من الوطن؟

يا الله ما أخطر هذا الهتاف، فمن يرضى بسرقة الوطن؟

يا الله ما أجمل هذا الهتاف، فأي أرض أجمل من أرض الوطن؟

ومضت الأيام والأسابيع والأشهر، وها نحن ندخل العام الثاني من ثورة تلك الكوكبة المخلصة التي تحكي للعالم قصة وطن احتله الأعداء وسرقوا خيراته وقتلوا أبناءه ودمروا مدنه وشردوا أهله وأفسدوا الحرث والنسل وأشاعوا الخرافات وحللوا الحرام وغيروا أخلاق المجتمع ونشروا ثقافة غريبة، فأمسى الوطن الحاضر الغائب، ابن البلد فيه غريب!!

يا ثوار تشرين يا قرة العين لقد ملأتم قلوبنا أملاً باستعادة الوطن من مخالب الوحوش التي جاءت من خارج الحدود لتستعمر بلدنا وعقولنا وتنهب خيراتنا.

يا قرة العين آنَ لكم أن تفرحوا، فأنتم فعلتم مالم يكن بالحسبان، لا في أجندة العدو في الخارج ولا في أجندة الخونة في الداخل، لقد فضحت ثورتكم دعاة الوطنية والدين وكشفت زيفهم وفضحت نفاق وفساد المرجعيات الدينية والسياسية وكشفت عورات الرموز التي حاولت ركوب موجة الغضب الشعبي على الظلم.

يا ثوار العراق منذ سبعة عشر سنة والعدو ينسق مع أسياده ومع أذنابه في الداخل لتدمير العراق بسلاح الدين ونشر الطائفية والفساد وبصرخة منكم قلبتم الطاولة على رؤوسهم، وبشجاعتكم قلتم لأهلنا أن قاتل شبابكم واحد في كل مكان من أرض الوطن، هو نفسه يقتل السني ويقتل الشيعي، الفرق في العنوان، هناك يقول له إرهابي وفي مكان آخر يقول له بعثي صدامي وفي موقع ثاني يقول له مندس ومخرب، هو نفس القاتل وبنفس السلاح ولنفس الهدف هو تدمير العراق.

يا قرة العين يا ثوار تشرين العراق أنتم صنعتم النصر من الآن لأنكم حافظتم على وحدة تراب الوطن وأسقطتم هيبة الأصنام الدينية والسياسية وأسقطتم هيبة زائفة فرضها علينا العدو لنعبد آلهة تحكم إيران وكأننا عبيد عندهم، واسترجعتم هيبة العراق ووطنيته وعروبته من قبضة العدو، اصبروا وصابروا فما النصر إلا صبر ساعة، والله ناصر المؤمنين.