شبكة ذي قار
عـاجـل










سنواتٌ تكاد تكون دهراً من الزمن، ما عرف العراقيون خلالها غير الفساد والتنكيل والتهجير والظلامية التي لا مثيل لها في العالم، عاش العراقيون خلال هذه السنوات لحظات رعبٍ وقتل ودمار، فقدموا تضحيات عظيمة وصمود أسطوري أمام أعتى وأغبى قوى الاحتلال في العالم، فسطروا بذلك ملاحم عز وفخار وتضحية.

ولأن العراقي لا يقبل الضيم والظلم، وإن عاش بهما لسنوات، لكنه ينتفض كالأسد الهزبر يدافع عن عرينه وأهل بيته، لقد خرج العراقيون دفاعاً عن حريتهم واستعادة لكرامتهم في وجه احتلالٍ بغيض ونظام طائفي عميل للاحتلال الفارسي الصفوي، وفي وجه ميليشيات طائفية قذرة جمعوها من شذاذ الآفاق لتفتك بالعراق أرضاً وشعباً.

لقد اكتشف العراقيون خلال الأيام الأولى لثورتهم أكثر مما اكتشفوه خلال السنوات العجاف المنصرمة من عمر الاحتلال، اكتشفوا حقائق كثيرة، وبعض هذه الحقائق مريع يصعب فهمه :

إن وجود إيران في العراق مرتبط كلياً بوجود هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة الطائفية، وأن وجودهما مرتبطان استراتيجياً.

إن العالم الذي يتغنى بالديمقراطية والحرية والعدالة منافق ومتخاذل، يحرمُ كل ذلك على شعوبنا العربية ويعتبرها حكراً على شعوبه، وأن الشعوب الأخرى ومنها الشعب العربي العراقي لم ينضج بعد ليعيش الحياة الديمقراطية والإنسانية.

الرد الخجول من بعض الحكومات الغربية تجاه ما يتعرض له الشعب العراقي، وكأن هذه الدول تعطي مؤشراً واضحاً للعراقيين أن هذه معركتكم وحدكم ولا تنتظرون منا المزيد، وهي التي دمرت العراق وجيشه ومؤسساته الوطنية، وقسمته طائفياً، فحولته إلى دولة فاشلة.

إن الموقف الخجول من الأنظمة العربية من الثورة والتعاطي معها كحدث عابر لا يعنيهم بشيء، مع التزامهم بالتعاطي مع حكومة الاحتلال الصفوي كحليف يمكن التعامل معه على كل الأصعدة، وهو ما شكل في لحظة ما عبئاً آخر يثقل كاهل الثوار في العراق، على اعتبار أن العمق العربي غائب عن الحدث العراقي.


هذه الحقائق مجتمعة تؤشر أن إيران ومرتزقتها وميليشياتها في العراق تُشكل خطراً على العراق والأمة، ليس أقل من خطر الكيان الصهيوني الذي اغتصبَت فلسطين، فهي تهيمن على الحكم في العراق والنظام في دمشق وأجزاء من اليمن، وتتحكم بمصير اللبنانيين عن طريق عميلها الحزب الصفوي " حزب الله"، وتقوم بكل ذلك على مرأى من الغرب وأميركا، الذين يغضون الطرف عن ممارساتها وعن توسعها واستخدامها لميليشيات مأجورة طائفية في تنفيذ مشاريعها.

إن كثيراً من الأنظمة العربية، التي كنا نأمل بدعمها للشعب العراقي الذي خرج مقاوماً إيران وزبانيتها، ويشتكون من إيران وتدخلها في شؤونهم الداخلية، يتناسون ذلك، ويهرعون لتقديم الولاء والطاعة والتوبة أمام الحليف العدو أمريكا والغرب، متناسين دماء مليونين ونصف المليون شهيد دفاعاً عن وطنه وعروبته ووحدة أرضه، أُزهقت في مجابهة المشروع الصفوي الطائفي الذي يهدد أمن تلك الدول العربية قبل غيرها.

إن من يتوهم أن عملاء إيران وحكومتهم الخبيثة ستنتصر فهو مخطئ، مازال الشعب العراقي حياً يرزق، وإن أنهكته السنون الماضية، لكنه تذوق طعم الحرية التي عاشها خلال عام من عمر الثورة، فلن يسكت على الظلم والاستعباد والتبعية لإيران.

إن الأهم في هذه المرحلة هو شد الصفوف والتآزر والإخلاص، وعدم السماح لأي حزب أو قِوى سياسية أن تركب الثورة، لأن التجارب السابقة أثبتت عجزهم وفشلهم في استيعاب العمل الثوري، وهذا لا يمنع من الاستفادة من خبرة السياسيين الذين يتمتعون بسمعة نزيهة، ولم يتلوثوا بالمال السياسي والطائفية النتنة.

لقد ثبت لنا أن الحراك الوطني العراقي حتى الآن بعيداً عن الأيديولوجيا والأجندات الحزبية الضيقة، وأنه يركز على مهمات الثورة الأساسية، التي تجمع بين توجهات العراقيين كافة، من دون تمييز على أساس الانتماءات المختلفة، فنحن اليوم بحاجة إلى أجندة وطنية وتأكيد على الهوية الوطنية العراقية.
أيها الأحرار ليكن في استراتيجيتكم وفي برنامجكم التحرير والاستقلال، وفي المشروع الوطني أن الحل الشامل لمشكلة العراق هو تحريره من الاحتلالين الأمريكي والصفوي وتطهيره من العملاء والأحزاب الطائفية والميليشيات المجرمة، وإقامة نظام وطني ديمقراطي تعددي تتاح فيه الفرصة لشعب العراق لاختيار نظامه وقيادته وحكومته من خلال صناديق الاقتراع.

عشتم وعاش العراق عروبياً حراً سيداً مستقلاً.




الاثنين ١٨ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ناصر الحريري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة