شبكة ذي قار
عـاجـل










زار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان في مطلع أيلول / سبتمبر ٢٠٢٠ للاحتفال بالذكرى المئوية لاستقلال البلد مستهدفاً نشر الاستقرار وتأمين السيادة الوطنية التي تنتهكها الأحزاب المتناحرة خصوصا تلك التي تعمل تحت رعاية حكومة ملالي طهران وتمويل منها.ومما لا شك فيه ان الزيارة جاءت في اعقاب انفجار مرفأ بيروت الذي هز لبنان برمتها في الرابع من أغسطس ٢٠٢٠.وقد تعهد الرئيس الفرنس بتقديم مساعدات اقتصادية وطبية عاجلة في الوقت الذي حمل الحكومة اللبنانية مسؤولية الويلات التي يتعرض لها البلد.كما دعا الى ابرام اتفاق جديد بين الحكومة والشعب اللبناني لرسم خارطة طريق جديدة تؤشر كافة الاصلاحات المطلوبة لإعادة لبنان الى طريق الصواب والأمن والاستقرار.

استبشر اللبنانيون والشعب العربي كله خيرا بهذه الزيارة على أساس انها ستنتشل لبنان من مستنقع مليء بمشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية في وقت يتعرض لبنان الى آثار وباء الكورونا وانفجار المرفأ، والى التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي شملت عموم لبنان مطالبة بتخليص البلد وانتشاله من مستنقع الفساد والطائفية.لكن يبدو ان جهود الرئيس الفرنسي قد باءت بالفشل طالما انه يعتبر حزب الله جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية في لبنان ولم يقر ان هذا الحزب هو منظمة إرهابية وحسب قرارات معظم الدول العظمى واولها اميركا.ومن هذا المنطلق يرى اللبنانيون ان فرص تحقيق الأمن والاستقرار معدومة في ظل الرؤية الفرنسية المذكورة.

ترتبط فرنسا ولبنان بعلاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية وطيدة، وكانت فرنسا قد عبرت عن رغبتها مرارا في إيجاد حلول للأوضاع والانقسامات الطائفية في لبنان.حيث ترى فرنسا ان الاستقرار في لبنان خصوصا والشرق الأوسط عموما يعد اساسا للاستقرار العام في فرنسا.وكانت فرنسا قد اكدت في مناسبات عديدة، وآخرها في زيارة ماكرون، ان هدفها الرئيس ينصب على المحافظة على استقرار لبنان ودعم سيادته ومنع أي تدخل خارجي فيه.ومن أجل تحقيق هذه الأهداف ومساعدة لبنان تجاوز محنها المتعددة عزمت فرنسا على اجراء خطوات مناسبة منها : تشجيع الحوار اللبناني – اللبناني من خلال عقد مؤتمرات في داخل لبنان وخارجه، وارسال مبعوثين من القادة الفرنسيين للقيام بزيارات متكررة للنظر في الحلول التي تراها مناسبة، وتقديم مساعدات اقتصادية دولية، وبذل الجهود لتقوية القوات المسلحة اللبنانية لتصبح قادرة على مواجهة ميليشيات حزب الله، الأداة الارهابية لإيران في لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط كلها.من جانب آخر ترى فرنسا ان علاقاتها الطيبة مع جامعة الدول العربية وبعض القادة العرب في السعودية ومصر ستساعد في إيجاد الحلول الكفيلة بتأمين استقرار لبنان والمحافظة على وحدته ومصيره وتجاوزه لأزماته السياسية.

من المعلوم ان فرنسا تبذل جهودا دبلوماسية لدى مجلس الامن الدولي باعتبارها عضو دائم فيه من أجل تأمين استقرار لبنان وحماية سيادته ووحدته.حيث ساهمت مع الولايات المتحدة الأميركية بإصدار القرار ١٥٥٩ في سبتمبر ٢٠٠٤ الذي نص على انسحاب جميع القوات غير اللبنانية من لبنان.ثم وقفت فرنسا الى جانب لبنان عقب اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان حينئذ، وكان من أقرب أصدقاء جاك شيراك رئيس فرنسا سابقا.وقد لعبت فرنسا دورا أساسيا في انسحاب القوات السورية من لبنان بعد ازمة الحريري.

في عام ٢٠٠٦ شن حزب الشيطان في لبنان هجمات صاروخية ضد إسرائيل واختطفت ميليشياته جنديين إسرائيليين مما جعل إسرائيل ترد على ذلك بشن هجمات برية وجوية واسعة النطاق ضد مواقع عسكرية لحزب الشيطان.بعدها صرح المجرم حسن نصر الله، أمين عام حزب الشيطان، بانه لو كان يعلم ان رد إسرائيل بهذا الشكل لما شن الهجوم وما طلب من قواته ان تأسر الجنديين!ترى ماذا كان يعتقد ويتصور غير ذلك؟ وهنا جاء التدخل الفرنسي حيث ادانت فرنسا هجوم حزب الشيطان وفي الوقت نفسه وصفت الرد الإسرائيلي بانه غير مناسب وطالبت بوقف إطلاق النار بين الطرفين.بالإضافة الى ذلك، طالبت فرنسا بتوسيع نطاق عمل قوات حفظ السلام بين لبنان وإسرائيل ( اليونيفيل ) لتعزيز إجراءات وقف إطلاق النار ومنع الجيش اللبناني من الدخول الى المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين.لم تسع فرنسا الى وضع ضوابط وشروط لنزع أسلحة حزب الشيطان، بل اشارت الى ان هذه العملية شأن لبناني داخلي، وبهذا مكنت تلك المليشيات من الاستمرار بعملياته الإرهابية ضد اللبنانيين والسوريين، ثم تمكن هذا الحزب من مد اياديه القذرة باتجاه العراق واليمن والسعودية وغيرها من البلدان.

مرت السنوات واستمر حزب الشيطان في لبنان بعملياته الوحشية والارهابية ابتداء من تهريب الأسلحة من إيران الى الدول العربية، وتدريب إرهابيين في كل من سوريا والعراق واليمن وشرق السعودية، واستقبال الحرس الثوري الإيراني في لبنان ليكون لهم دور مباشر في زعزعة الامن والاستقرار في الوطن العربي برمته.وكل ذلك كان على مرآى ومسمع من فرنسا وغيرها من دول العالم التي لم تتخذ أي خطوة لتحجيم هذا الحزب الإرهابي سوى انهم طالبوا بتحويله من ميليشيات عسكرية الى حزب سياسي.

على الرغم من عدم توقف تجاوزات حزب الشيطان على دول الجوار، لم تتخذ فرنسا مواقف تمنع تلك التجاوزات الإرهابية مما جعل ذلك الحزب يتمادى في انشطته الإرهابية هو ورأس الافعى إيران، الراعي الرسمي لهذا الحزب الملعون.ومن الأدلة على ذلك معارضة فرنسا المستمرة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتصنيف الجناح السياسي لحزب الشيطان في لبنان كمنظمة إرهابية.وتبرر فرنسا معارضتها بالقول إن حزب الله هو حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية الديمقراطية في لبنان، وهذا ما اعطى الشرعية لهذا الحزب الإرهابي.من المثير في مواقف فرنسا تجاه حزب الشيطان هو دعمهم لقرار المحكمة الدولية التي أصدرت حكمها في قضية مقتل رفيق الحريري.فقد ادانت المحكمة فرداً من الحزب دون ذكر الرؤوس المدبرة لعميلة الاغتيال.

اقترح الرئيس الفرنسي ماكرون عند زيارته الأخيرة الى لبنان تشكيل لجنة دولية بشأن انفجار مرفأ بيروت في أغسطس ٢٠٢٠.ومن الملاحظ ان حزب الشيطان اعترض على ذلك المقترح، لكنه لم يعترض على مقترحات ماكرون بشأن الإصلاحات السياسية الأخرى لأن تلك المقترحات لا تعالج مسألة الجناح العسكري وميليشيات الحزب في لبنان.حيث من المؤكد انه ليس لحزب الشيطان أي نية في التخلي عن قواته العسكري في لبنان والمنطقة باسرها.

أخيرا، طالما استمرت فرنسا في التعامل مع الجناح السياسي لحزب الله على أنه مكون شرعي في الحياة السياسية اللبنانية، حتى وان كان يشكل خطراً حقيقيا لدول الجوار والمنطقة باسرها، فلن يكون في لبنان وجيرانها أي أمن واستقرار.وكما نقول بالعراقي "اغسل ايدك" من ماكرون ومن لف لفه!






الاثنين ١٨ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عماد عبد الكريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة