شبكة ذي قار
عـاجـل











قبل الحديث عما يجري في الوطن العربي من أحداث، قادت لضعف الدولة العربية القطرية، لعوامل عديدة أهمها ازدواجية الولاءات والانتماءات والفرز الطبقي والتهميش لطرف دون آخر، قادت لصراعات أذهبت ريح الجميع لصالح أعداء الأمة من صهيو يورو أمريكي ماسوني، فما يحصل في الأقطار العربية من إفرازات وصراعات قادت لتهميش الجميع وهدم بنى الدولة وتفسخ المجتمع، فما الحال العراقي إلا ثمرة لتدخلات أجنبية أسهمت في ضعفه ونهب ثرواته وفكفكة قواه العسكرية والأمنية بفعل تعدد الولاءات والانتماءات فيه، فالانفصاليون من الأكراد منذ الملكية وهم يحاولون الانسلاخ عن الوطن الأم العراق ويمالؤون العدو الصهيوني لقناعاتهم بأنه في حال تحقق لليهود دولتهم الكبرى فستتحقق للأكراد دولتهم الكبرى، ومن يوالون الفرس تعود لجذورهم الفارسية وليس لمعتقدهم المذهبي وما اتخاذهم للمذهبية سبيلاً إلا كحصان طروادة الذي يخدم نزعتهم الفارسية ضد كل ما هو عربي ومسلم، وكذا الحال بالنسبة للأتراك الذين ما زالوا يحلمون بعودة مجدهم على الأقل على عرب آسيا وحتى تونس والذي عفا عليه الزمن، وفي لبنان تدخلات أجنبية أفرزها الواقع اللبناني الذي كان يردده شركاء العملية السياسية في القرن الماضي بأن قوة لبنان في ضعفه، لمكوناته الأربعة المسيحية والسنية والشيعية والدرزية، وكذا الحال في سوريا والخليج العربي واليمن، أما في مصر فصراع ما بين قوميتها العربية وجذورها الفرعونية والقبطية والإسلامية، وقس على ذلك باقي الأقطار العربية التي تحكمها أصول ومنابت وفق النزعة القبائلية والعشائرية التي إن تمسكت بدورها البنائي للمجتمع تصنع الكثير لصالح الدولة والأمة ، وهذا التناقض في مجتمعاتنا قاد لأن تذهب ريح الجميع لصالح العدو المشترك الصهيو ماسوني يورو أمريكي وقاد للجهل السياسي والجوع والتخلف التكنولوجي والعلمي والتقوقع في المحيط الذي يحفظ لهم تواجدهم الهامشي دون بروز أو بزوغ فجر أي قطر على الساحة الدولية والإقليمية.

ولو عدنا قليلاً إلى الوراء، حيث الدولة المدنية الأولى في المدينة المنورة نرى أن وثيقة المدينة تعد الأولى من نوعها على المستوى العالمي، حيث كانت الدول في ذلك الحين تعتمد القوة في تسيد طرف دون آخر وفرض الإرادة على باقي الأطراف في الدولة القائمة، بخلاف وثيقة المدينة التي احتوت بنوداً تعتمد التسامح والتعايش السلمي والتكافل وتمنح المواطنة الكاملة لكل من يعيش في كنف هذه الدولة الناشئة وحقوق المواطنين وواجباتهم من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية طالما لم يكن هناك إخلال بما ورد في نصوص الوثيقة أو المعاهدة، فكانت هذه الوثيقة السياسية الأولى والأساس الأول الذي قامت عليها دولة المدينة الحديثة، فراعت بما تضمنته من أسس ومبادئ الحفاظ على الأمن الجماعي والتعايش السلمي بين جميع مواطني هذه الدولة الناشئة، وضمنت حرية الاعتقاد والتعبد والمساواة التامة لمواطنيها في المشاركة الفاعلة في مجالات الحياة المختلفة تحقيقا للمواطنة الكاملة لهم ورسخت إقرار مبدأ المسؤولية الفردية وحققت المواطنة للجميع وحددت حقوق المواطن وواجباته من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، بعكس الدولة العربية القطرية التي لم تستفد من تجربة النشأة الأولى لدولة المدينة ولا لتجارب أمم وشعوب الأرض المختلفة في العصر الحديث، بل هيمنت عليها مصالح آنية تخدم أطرافاً وتهمش آخرين ما ترك الأوطان عرضة للسماسرة والمتاجرين ممن يصطادوا في المياه العكرة وممن يعتمدوا مبدأ إذا هبت رياحك فاغتنمها، أي إذا كانت الاستفادة شخصية، ويتدثرون بعباءات الطامعين من صهاينة وأوروبيين وأمريكان.

وهذا الوضع يعيشه العرب منذ دب التفكك والانحلال في جسد دولة الخلافة العباسية حيث سيطر الترك والكرد والسلاجقة على مفاصلها لاحقاً الذين كان لهم الفضل في تحرير الأقطار العربية والإسلامية من الغزو الصليبي والغزو التتري لكن بهيمنة الفوضى في أرجائها، إلى أن خلت الساحة للأتراك العثمانيين ليحكموا المنطقة العربية ٤٠٠ عام فهمشوا دور العرب تماماً خلال فترة حكمهم، حيث كان العرب في القرن الأخير من الحكم العثماني رعايا لا مواطنين.

ربما تلك الحقبة التي استمرت منذ نهاية حكم الخليفة العباسي المأمون حتى الحرب العالمية الأولى، وجد العرب أنفسهم خلالها بلا بنى تحتية وبلا مقومات سياسية تجمعهم تحت راية واحدة وهذا أسهم في تمكن بريطانيا وفرنسا من شرذمتهم وتقاسم سيادتها عليهم خاصة في الشرق العربي والشمال المغاربي، بطبيعة الحال كان أكثر المؤهلين عربياً لسيادة الأمور في هذه الأقطار رجال الإقطاع ومن كانوا يسيرون دفة الأمور في كل قطر لصالح الدولة العثمانية المنتهية ولايتها عليها وطرحوا أنفسهم في ظل الأوضاع الجديدة كقوى سياسية تمكنها من تسيير الأمور فيها، وقد ترتب على ذلك الانجرار خلف السياسات الصهيو غربية بمعسكريها الغربي والشرقي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

التسلط الدولي على الأقطار العربية رغم التضحيات الجسام ما زال قائماً، ويتخذ أشكالاً متعددة ابتدأ بالاستعمار والاحتلال العسكري والعبث في أمن واستقرار كل قطر من خلال خلايا الدول الاستعمارية النائمة التي يجهزونها باستمرار لخدمة أجنداتهم في اغتصاب قرارات الأمة على الدوام، ومن ثم الاستغلال الاقتصادي والغزو الثقافي بعد الاستقلال، وهيمنة صهيونية على فلسطين وبتدرج حتى بات يفرض نفسه على الواقع العربي الرسمي ليهيمن إن استمر الحال على حاله على ثروات الأمة كاملة من اقتصادية ومائية وثقافية وصناعية وحتى حيوانية وزراعية، ولا أريد أن أكرر ما يفصح عنه ترامب دوماً نأخذ مقابل حمايتنا ورعايتنا للسلام.

فالعرب الآن بين فكي كماشة تغول العدو الصهيوني والابتزاز الأمريكي وعبث العابثين والتجويع الذي بات يتهدد الجميع بعد أن فقد العرب أمنهم الغذائي باعتمادهم في كل شيء على الغير، فكيف لنا أن نصنع استقلالنا إذا كنا نأكل مما لا نزرع ونستخدم مما لا نصنع، من لبس ووسائل مواصلات واتصال ودفاع وترفيه.




الثلاثاء ٥ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الحميد الهمشري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة