شبكة ذي قار
عـاجـل











استراتيجية الدولة العبرية تنطلق لتحقيق ما يقولون إنه وعد توراتي لـ " إسرائيل الكبرى " المزعومة وبحسب اعتقادهم أنها «أرض الميعاد» أو الأرض الموعودة، وهي الأرض التي تمتد من النيل إلى الفرات وطناً لهم، وهذا الوعد بمعتقداتهم ورد في التوراة في سفر التكوين، الإصحاح ١٥ : الآية ١٨، الدولة العبرية التي تقتطع المساحة الأكبر من فلسطين أي حوالي ٢٣ ألف كيلو متر مربع من أصل ٢٧ ألف كيلو متر مربع مساحة فلسطين التاريخية، ستصبح «إسرائيل الكبرى» المزعومة ووفق ذلك فان تطلعات اليهود في تحقيق الدولة الحلم ما زال يراودهم حيث بدأ هذا المشروع الصهيوني التوسعي سياسياً منذ أن تحدث عنه مؤسس الصهيونية تيودور هيرتزل عام ١٩٠٤م، وأعلن أن حدود دولة اليهود تمتد من «نهر مصر إلى الفرات»، كما صرح بالمضمون نفسه الحاخام فيشمان عام ١٩٤٧ في شهادته للجنة التحقيق الخاصة للأمم المتحدة، وكتب الباحث الصهيوني عوديد إينون مقالاً بالعبرية عام ١٩٨٢ وعنوانه : «استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات» »، وترجم اليهودي المعادي للصهيونية إسرائيل شاهاك المقال إلى الإنجليزية بعد كتابته بأربعة أشهر، يعتقد فرانكلين رايكارت، أن على الكيان العبري ليس أن تطهر هذه المنطقة الممتدة من النيل إلى الفرات عرقيًا فقط، بل أن تأتي بيهود ليسكنوها، علمًا بان عدد اليهود في العالم لا يتجاوز الأربعة عشر مليونًا، ومن المستحيل أن يأتي أكثرهم إلى هذه المنطقة، التي يسكنها الآن قرابة المائة مليون عربي، ويتابع رايكارت أنه لا يمكن أن تقوم الدولة العبرية بهذه الحماقة؛ إذ عليها أن تدافع عن هذه المنطقة الهائلة ضد سكانها الذين سيحاولون العودة إليها، وضد جميع العرب والعالم الإسلامي، وربما ضد بعض الدول الغربية، حسب زعمه.ويختم رايكارت بأن هذه خطة لا عقلانية، وليس فيها شيء من الواقعية، بل خطة مرضى جنون العظمة، ولا يمكن للدولة العبرية أن تفكر بتنفيذها.

ميشيل تشوسودوفسكي، يرى، في ٢٢ / ٣ / ٢٠١٥، أن مشروع " إسرائيل الكبرى " يعتبر حجر الزاوية في فكر الأحزاب الصهيونية ونشاطها وعلى رأسها الليكود، إضافة إلى فكر المؤسسة العسكرية والاستخبارات.وحسب خطة تيودور هيرتزل المعروفة وما صرح به الحاخام فيشمان، فإن «إسرائيل الكبرى» تمتد من حوض النيل إلى الفرات ، هذه التطلعات والمخططات مرتبطة جميعها بتوجهات الكنيسة الانجليكية التي تقدم دعم مطلق لإسرائيل وان الرئيس الأمريكي ترامب يمثل سياسة اليمين المتصهين ويدفع باتجاه تحقيق مشروع : إسرائيل الكبرى " عبر الهيمنة والاستحواذ على مقدرات المنطقة و « صفقة القرن « ضمن ذلك المخطط المرسوم للشرق الأوسط والخطة في أهدافها ومضمونها تعني إضعاف الدول العربية المجاورة للكيان العبري وتفتيها، كجزء من المشروع التوسعي اليهودي ، الذي يتضمن طرد الفلسطينيين، ومن ثم ضم كل من غزة والضفة الغربية للكيان العبري.وتشمل الخطة إنشاء عدد من الدول الوكيلة للمخطط الصهيو أمريكي، علمًا بأن "إسرائيل الكبرى " "تشتمل على أجزاء من لبنان والأردن وسوريا والعراق وسيناء وأجزاء من السعودية.

الدولة العبرية حققت معظم أهدافها في فلسطين وان مشروعها التوسعي الاستيطاني بدد أي إمكانية لتحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود الرابع من حزيران، فقد أكد الصحفي الأمريكي جوناثان كوك، أن بنود وثيقة «صفقة القرن» التي تم تسريبها تمثل ترخيصاً أمريكياً لعمليات سرقة الأراضي بالجملة من قبل دولة الاحتلال وتحويل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات أو كيانات صغيرة معزولة.

وقال جوناثان كوك في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، إن الدولة العبرية حققت تقدماً كبيراً في الوصول إلى جميع أهدافها دون أن تضطر إلى الاعتراف علانية بأن الدولة الفلسطينية باتت سراباً.لقد حققت دولة الاحتلال في فلسطين معظم أهدافها منذ أوسلو ولغاية انتظار صفقة القرن وأبرزها : سرقة الأراضي، وضم المستوطنات، وتكريس هيمنتها الحضرية على القدس، وممارسة الضغط على الفلسطينيين حتى يغادروا ديارهم ويستقروا في الدول المجاورة، دون أن تعلن بشكل رسمي أن تلك هي الخطة التي تسعى لتنفيذها على الأرض».وخطة صفقة القرن أقل ما يقال فيها أنها تمثل معظم طموحات اليمين الصهيوني في إقامة " إسرائيل الكبرى " مقابل بعض الفتات الذي يُرشى به الفلسطينيون، ومعظمه له علاقة بتخفيف القبضة الاقتصادية اليهودية الاحتلالية الخانقة الممسكة برقبة الاقتصاد الفلسطيني.وهذا بالضبط هو ما أخبرنا به جاريد كوشنر في العرض التمهيدي الذي قدمه عما ستكون عليه «صفقة القرن».

وسيلة الإعلام التي تروج لـ " اسرائيل الكبرى "، وهي صحيفة " إسرائيل اليوم "، الصحيفة التي يملكها شيلدون أديلسون، الملياردير الأمريكي مالك أندية القمار، والذي يعتبر واحداً من أهم المتبرعين للحزب الجمهوري والمساهم الرئيس في تمويل حملة ترامب للانتخابات الرئاسية.كما أن أديلسون واحد من أقوى حلفاء رئيس الوزراء بنجامين نتنياهو، لدرجة أن صحيفته كانت أشبه بالناطق الإعلامي باسم حكومات نتنياهو القومية المتطرفة خلال العقد المنصرم.إذا ما أخذنا بالاعتبار أن فريق ترامب المكلف بالشرق الأوسط كان، كما يبدو، قد مضى قدماً في تطبيق الخطة على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية وأثمرت نتيجتها عن عملية التطبيع التي وقعت بين البحرين والإمارات وتستهدف العراق ووحدته وكذلك تستهدف سوريا واليمن وليبيا ضمن مخطط محصلته تقود لتحالف اقليمي عسكري تقود الدولة العبرية بعد نجاح أمريكا بتدمير العراق وحل الجيش العراقي بعد احتلال العراق – ومهد ترامب لصفقة القرن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس والاعتراف بضم دولة الاحتلال الصهيونية غير القانوني لمرتفعات الجولان السورية وإن إعلان نتنياهو عن عملية الضم وفرض السيادة العبرية على أجزاء من الضفة الغربية هو ضمن صفقة التطبيع مع دولة الاحتلال.

لقد حققت الدولة العبرية معظم هذه الأهداف – سرقة الأراضي، وضم المستوطنات، وتكريس هيمنتها الحصرية على القدس، وممارسة الضغط على الفلسطينيين حتى يتسنى تفريغها من سكانها الأصليين من خلال قوانين عنصرية تدفعهم أن يهاجروا ويستقروا في الدول المجاورة – دون أن تعلن بشكل رسمي أن تلك هي الخطة التي تسعى لتنفيذها على الأرض.وفعلاً، حققت الدولة العبرية تقدماً كبيراً في الوصول إلى جميع أهدافها دون أن تضطر إلى الاعتراف علانية بأن الدولة الفلسطينية باتت سراباً.والسؤال الذي يطرحه نتنياهو على نفسه في هذا السياق مفاده : ما الذي يجبرنا على الإعلان عن رؤية الدولة العبرية الشاملة لـ "إسرائيل الكبرى" ونحن نرى حلم الدولة العبرية يتحقق ونرى تهافت بعض العرب للتطبيع مع دولة الاحتلال وإقامة العلاقات الديبلوماسية معها لا بل والتحالف لتأمين الحماية للمنطقة.

وبحسب الخطة لبسط السيطرة والنفوذ والهيمنة على مقدرات المنطقة التي تحدث عنها الباحث تشوسودوفسكي، وتقضي هذه الخطة بإنشاء دويلات وكيلة بإدارة يهودية مركزية عن بعد!وفي كلتا الحالتين تكون «إسرائيل الكبرى» قد تحققت، ولا عزاء للجبناء والمتواطئين!!ولن يكون للعرب أي دور في رسم مستقبلهم، بل سيكونون كالأيتام على موائد اللئام، ما لم يتداركوا ذلك ويشرعوا لتوحيد صفوفهم وتوحيد مواقفهم واعتماد استراتيجية وطنية تحفظ للعرب كياناتهم ووجودهم باستراتيجية عربية تحفظ الأمن القومي العربي.




الثلاثاء ٥ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي علي أبو حبلة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة