شبكة ذي قار
عـاجـل










الإنسان الموضوعي المجرد من غرض الطائفية بشقيها الشيعي والسني، وغرض العرقية والتعصبية العشائرية والجهوية، لا يخلط الأمور إنما يضعها في نصابها الصحيح ويقول الحقيقة كما هي دون لف ولا دوران ولا غرضية مقيتة تخرجه عن الموضوعية وترميه في قعر الطائفية او العرقية او العشائرية او الواجهية.

والتساؤل الموضوعي في هذا السياق، ما الذي حققه البعث وما الذي انجزه وبالتالي ما الذي حوله البعث من النظرية الى التطبيق ؟ في هذا المقال سأثبت الحقائق ولا ادخل مدخل النظريات أو التنظير، على الرغم من أهميته في رسم معالم الطريق الذي سلكه البعث خلال مسيرته الرائده كمرحلة انجز فيها تجربة ثورية رائدة على صعيد الواقع :

أولاً - من أجل أن يثبت البعث أركان الثورة ويحرر العراق قراره ( السياسي ) ، استوجب الأمر أن يحرر قراره ( الأقتصادي ) فحصل تأميم النفط العراقي في ( ١٩٧٢ ) ، حيث إنتزع حقوق العراق من سطوة الشركات الأجنبية المستغلة، وباتت ثروات العراق النفطية للعراقيين ولبناء العراق المتحرر.

ثانياً - نتيجة لتأميم النفط العراقي أحدث الحزب ثورة إنفجارية شملت كل قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم العالي والبحث العلمي والتربية وقطاعات الصحة والتصنيع العسكري وبناء وتطوير البنية التحتية، من طرق سريعه الى مطارات ومرافئ ووسائط نقل برية وبحرية لنقل النفط العراقي لناقلات عملاقة وإدخال قطاع الزراعة في برامج المكننة الزراعية، فضلا عن بناء المستشفيات والمستوصفات والكليات الجامعه والمدارس والنهوض بالإشراف التربوي والمهني، كما شملت قطاع الإسكان وتوزيع الأراضي على المواطنين وتمكينهم من البناء بقروض ميسره وبأسعار المواد الإنشائية التي تحملت خزينة الدولة الكثير من النفقات لصالح الطبقات الفقيرة التي تحتاج الدعم والمساندة .. ثورة الإعمار والبناء كانت عامة وشاملة نفذت وفق تخطيط شامل ينهض بالشعب العراقي اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً ومعنوياً واعتبارياً .. ولم تدخل هذه الثورة أية نزعات طائفية تفرق بين مواطن وآخر وبين قومية وأخرى وبين جنوب او شمال او وسط .. انه شعب العراق الواحد الموحد الذي ينظر اليه الحزب دائماً في ظل كل الظروف والأحوال.

ثالثاً - أنشأ الحزب جيوشاً من المفكرين والعلماء والسياسيين والمثقفين وكوادر من الصحافيين، واحيا التراث الفكري والحضاري والفنون بكل اصنافها واشكالها وروافدها ونواديها ومؤتمراتها وندواتها وفعالياتها التي عمت ارجاء العراق .. كما هيأ الحزب المناخات المناسبة لثورة البحث العلمي وإرسال جموع كبيرة من الدارسين في شكل زمالات للدراسة على نفقة الدولة إلى الخارج، واصدر قانون عودة ذوي الكفاءات العلمية الى الوطن للذين اكملوا دراساتهم وعملوا في الخارج، بتقديم الإمتيازات الكبيرة لهم ومنها قطعة ارض وموقع وظيفي مرموق يتناسب مع درجتم العلمية وقرض حكومي ميسر .. وكل ذلك يجري في اطار التخطيط النهضوي للعراق.

رابعاً - ومن اجل حماية القاعدة الاقتصادية ومكتسبات الثورة بنى العراق قواته المسلحة ونوَعَ مصادر تسلحه وبلغ مرحلة الإكتفاء الذاتي من عتاده وبعض سلاحه، وذلك بالتركيز على التصنيع العسكري .. والهدف هو الإستقلال العسكري وتجنب السقوط في فخ الضغوط السياسية والعسكرية وقت الأزمات .. ووسع من إمكانات حماية حدود العراق وحماية شعب العراق وثروات العراق ومصالحه المشروعة.

خامساً - ومن اجل حماية الشعب العراقي بنى الحزب جهازه الأمني الداخلي وجهازه الإستخباراتي على وفق معايير علمية ومبدئية واخلاقية تهدف الى الحفاض على السلم الاجتماعي ومنع الإختراق الاجنبي.

سادساً - بنى الحزب مؤسسة دبلوماسية عريقة على وفق مواصفات علمية وذاتية تجمع بين السمات التي يتحلى بها الدبلوماسي وبين تخصصه في علوم السياسة والاقتصاد واللغات .. هذه التخصصات هي التي تؤهله الى النجاح، إذا توفرت لديه صفات ذاتية مطلوبة كالفراسة وسرعة الإستدراك والإنتباه وربط المعطيات فضلاً عن اللباقة والكتمان والمظهر اللائق.وكانت الدبلوماسية العراقية قد ارتقت الى مصاف العالمية في الإتقان والتمسك بقواعد العمل التي يقرها القانون الدولي ومعاهدات جنيف للتعامل القنصلي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. فكانت السفارات العراقية وقنصلياتها العامة مفخرة للعراق التي تفرض هيبة الدولة ومكانتها الاقليمية والدولية ومتعددة الأطراف على مستوى المنظمات الدولية المتخصصة التابعة للأمم المتحدة.
سابعاً - وبنى الحزب مؤسسات إعلامية على مستوى عال من المهنية والموضوعية التي تضع في اعتباراتها خدمة الشعب العراقي والأمة العربية والإنسانية، والتي شملت دور النشر والترجمة والصحافة على نطاق واسع، الأمر الذي انتج جيشاً من الصحافيين والكتاب والمراسلين حيث انتشرت الملحقيات الثقافية والصحافية في مختلف ساحات العالم .. وكان لصحافة العراق اهمية كبرى في عالم السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون والعلوم المختلفة.

ثامناً - ثم اصدر الحزب قراره التاريخي بمنح الكرد الحكم الذاتي في الحادي عشر من آذار ( ١٩٧٤ ) ، وهو بهذا الموقف الأصيل يثبت مبدئيته القومية المتسامحة والمتفهمة لمطلب شعبنا الكردي في العراق، كما يثبت أن البعث حركة نضالية متسامية على النزعات العنصرية والطائفية ولا يفرق بين القوميات والأديان.

تاسعاً - إن حزب البعث العربي الأشتراكي حزب وطني قومي يرى في العراق ارضاً وشعباً جزءاً من الأمة العربية، فهو مستقل في قراراته السيادية السياسية والاقتصادية ويرفض التدخل في شؤونه احد وبأي صفة أو أغطية للتدخل سواء كانت سياسية او دينية او ثقافية او غيرها، افراد وجماعات واحزاب ومنظمات ودول وبأية صيغ كانت .. وعلى اساس هذا المبدأ اصدر الحزب قرارات شرعت بقوانين تمنع وتعاقب فيها اي مواطن او جماعة او حزب ان يمد يده الى أية سلطة اجنبية ويتسلم منها الأموال وينفذ لها سياساتها التخريبية في العراق .. ومن هنا تم حصاد الجواسيس الذين شكلوا مصدراً لتهديد الأمن الوطني، فتصدت لهذه الخلايا الجاسوسية سلطات الحكم الوطني وحمت الشعب والوطن من براثنها العدائية .. كما انسحب الأمر على حزب الدعوة الفارسي الإنتماء والتمويل بتشريع قانون يحظر نشاط هذا الحزب الذي يعمل ليس للعراق وشعبه إنما للدولة الاجنبية الإيرانية .. لذلك نرى ذيول هذا الحزب الفاسد والفاشل وطابوره الإعلامي الفاضح يعلن ان نظام الحكم الوطني كان ( ديكتاتوراً ) .. فهل ان من يحمي شعبه ويحمي بلده من عناصر ومجموعات تدين بالولآء وتعمل لحساب دولة اجنبية هو ( ديكتاتور ) أو ( عملاً ديكتاتورياً ) ؟ ، ثم ما الإجراءات التي تتخذها حكومات العالم إذا اكتشفت أن احد مواطنيها أو مجموعة أو حزب من احزابها له علاقات تخابرية أو إستخباراتية مع اجهزة أو حكومة اجنبية أخرى.؟ بالتأكيد سيتم تصنيفهم كجواسيس وعملاء وتنطبق عليهم الخيانة العظمى .. وهذا ما حصل للجواسيس في العراق ولأعضاء حزب الدعوة الذين أدينوا بإرتباطاتهم وبإتصالاتهم بالسلطات الأجنبية الإيرانية، فضلاً عن اعمالهم التخريبية والإرهابية بإيعاز من طهران في العراق.

لم يستثني الحزب أية جماعات او احزاب او فئات قومية في إدارة شؤون الدولة على مستوى الوزارات والمؤسسات والدوائر والقطاعات الخاصة بالمشاريع الإعمارية والخدمية والصناعية والزراعية والطبية والتعليمية والعسكرية .. واعتمد ثلاثة شروط لتبؤ تلك المراكز وهي ( النزاهة والكفاءة والوطنية ) ، لكي يحتل مركزاً وظيفياً كوزير او سفير او مدير عام او رئيس مؤسسة .. هذا على صعيد الدولة اما على صعيد الحزب فهنالك وزراء وسفراء وقياديين في مواقعهم من مختلف القوميات والاديان، فمنهم الكردي والتركماني والعربي، ومنهم الشيعي والسني والمسيحي والصابئي المندائي، إلخ.فالبعث لم يبخس حقوق احد من ابناء الشعب العراقي، فظهر منهم وزراء على مستوى عال من الكفاءة وسفراء ومدراء عامون وقياديون كرد وتركمان وعرب، وسنة وشيعه، فلا فرق أمام خط الشروع الواحد للنهوض بالثورة وبنائها الوطني.

عاشراً - بنى الحزب في سياسته الخارجية علاقات متينة متوازنة مع مختلف دول العالم تعتمد على المصالح والمنافع المتبادلة واحترام خيارات الآخر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والعمل من اجل إرساء دعائم الأمن الأقليمي والدولي واحترام مبادئ حسن الجوار .. ورفض الحزب سياسة المحاور ورفض سياسة التكتلات واختار حركة عدم الإنحياز للتعبير عن مواقفة الداعمة لسياسات حركات التحرر الوطني من اجل التخلص من تبعات الإستعمار، وجعل من قضية فلسطين القضية المركزية التي من الصعب الحديث عن الحرية والتحرر العربي وفلسطين محتلة ومغتصبة .. وتعد هذه المبادئ من الثوابت في نهج الحزب السياسي والعقائدي.

هذا هو ارشيف دولة البعث، وهذا هو ارشيف حزب البعث العربي الأشتراكي .. فهو ارشيف عمل الدولة والحزب معاً ، ارشيف وطني وقومي لا احد ينكره سوى الخونه والجواسيس .. إنه ثروة يعتز بها كل مواطن وطني وكل عربي اصيل .. إنه ارشيف الثورة في الدولة وطنياً وقومياً وإنسانيا .. ارشيف يكشف كيف بنى البعث العراق وكيف انجز مشاريعه العملاقة، وكيف حمى شعب العراق من الجوع والمرض والتسلط الأجنبي.







الجمعة ١ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة