"في ليلةٍ مظلمةٍ ممطرةٍ فارقت الحياة ( عدالة ) ولم يُشيّعْها في تلك الليلةِ غيرُ شيخٍ واحدٍ هو الضَّمير"في ليلةٍ تحشَّدت بها جحافلُ الظَّلامما تركت للعينِ أن ترى أنملةًسوى الذي يبديهِ ومضُ البرقِ هامِسًـامـسلِّـمًا بضوءِ ألفِ نجمةٍعلى الأنامريحٌ تهزُّ في جنونِ الهائجينعرائشَ النّجومِ والشَّجرْوتُمطِرُ الأوراقَ والأحجارَ والطيورَزخًّا كالمَطَرْووحشةٌ كوحشةِ القطارِ في محطةٍ مهجورةٍلمّـا انتهى الصـفيرُ والسَّفرْوأغلقَ الأبوابَ كي يموتَ وحدهُفي وحشةِ الغيابِ والمطرْما بين ظلمةٍ ووحشةٍ وريحْرأيتُ نعشَها ..قد أومضَ البرقُ النديُّ فوقَهُرأيتُهُ فصحتُ .. كيف .. من .. وكيف!؟قيلَ مضت لتستريحلكثرِ ما تعذَّبت تمنّت الخلاص ..تعذّبت واسـتُـهجِـنتوهُجـرت .. ولُوّعتتمنّت الخلاصْ"وكيف إن مضت سـتـسـتـقـيمُ بعدها الحياةْ؟"تبّت حياةٌ دونهاأهذِهِ حياةْ؟أن يَسلبَ الطُّغاةُ عنوةً بلادَك الّتي تُحبوإنْ نَطَقتَ كي تُقاومَ الغُزاةأسموكَ مارقًا وخارجًا عن الصَّوابماذا عن الصَّوابْ؟صارَ الصَّوابُ عندهمتجارةَ العبادأهذِهِ حياةْمَنْ وَضَعَ الحقوقَ غيرُنامَنْ وَضَعَ القانونْ؟من عمَّـر الكونَ قديمًا قبلنامَنْ أوجَدَ الشَّرائعْ؟أهكذا نكوننلبسُ ما يفصّـلون؟وتُستباحُ أرضُنا أمامَناأهذِهِ حياةْ؟نصفُ الّذينَ فوقَها حقيقةًأمواتمن صبرِنا لقبرِناغرقى ببحرٍ من أسىوكلَّما قلنا غدًا يجيءُ دورُنانواجِهُ المزيدَ من ظلامِهم وظلمِهميا ليـتـنا متنا ولا عشـنابهذِهِ الحياةْوهل تسمّى هذِهِ حياةْ؟وا أسفاً لوهمِنارحيلُها يؤلمنا"عدالةٌ" في عالمِ الوحوشِ حـُطّمتدعوا جثمانَها يمضي كليلٍ هادئترحّموا لهافي ليلةٍ ليلاءَ سار نعشُهاما سارَ خلفَهُ مشيِّعونَلا مشيِّعاتسوى ظِلالِ شيخٍمطرق ٍ حزينْلم يبدُ منه غيرُ ثقلِ خطوِهِ الرَّزينْفي لمعةِ البرقِ بَدَتعلى خدّيهِدمعتانمَنْ يا تُرى ذاك المشيـّعُ الحزينْدفّانُها مثـلي رآهوقالَ : آهٍ ثم آهسألته : من يا ترى يكونُ ذلك المشيـّعُ الحزينْأجاب : إنـهُ الضَّميـرْهُوَ الوحيدُ مَنْ أتى مشيِّعًاهُوَ الوحيدُ بين كلِّ الخلقِأدركَ الخسارةهُوَ الوحيدُ مَنْ سَيحيا دونَها غَريبْفي عالمٍ عجيبْورُبَّما من بعدِها يفارقُ الحياةْدفّـانُها أهالَ فوقَها التُّرابوالشيخُ قربَهُ ينوح"حبيبتي الغريبةمنذ انطفأتِ أظلمَ الزَّمانْتساوت القبورُ والقصورْواختلطَ الغثُّ مع السَّمينْتشابَكَ الغَزْلُ فتاهَ مِغزَليبلاكِ لا وجودَ ليبلا هواكِ اختنقْأنتِ الجناحُ ليفكيفَ دونَهُ أطيرْ؟حبيبتي منذُ انطفأتِ أعتمتوخانَ البحرُ سرَّهما عادَ بعدها من رحلةٍ قبطانوما تجلّت بعدكِ النُّجومْولا الرَّبيعُ فتّق الأغصانْالوردُ ماتَ في أمّاتِهِوالحُّب غادرَ الزَّمانَ والمكانْفكيفَ يا شريكتي أعيشْ؟وكيف ليبدونك الحياةْ "؟ناديتُ : يا ضميرُ .. يا ضميرْفلمْ يُجبْناديتُ لمْ يُجبْوربَّما مضى وغابَ متعباً حزينْفي ليلةٍ ليلاءَ ودَّعَ الغريبةْرأيتُ تحتَ ومضِ البرقِ حزنَهُ الشَّديدْوكانَ خلفَ نعشِهاالمشيـّع الوحيدْ ..