شبكة ذي قار
عـاجـل










تَمُرُّ علينا ذكرى رَحيل شَهيد الحَجِّ الأكبر صَدَّام حُسَين، فَفي مثل هذه الأيَّام غادرنا الشهيد في مَشهَدٍ مهيب في القلوب والعقول والنفوس، فقد نَعَته الدنيا كُلّها، وسارت الى حيث واراه الثرى ملايين مِن جحافل لها أول وليس لها آخِر، في الأرواح والأنفس والقلوب، لأنَّ المُحتلّ وأعوانه يأبون أنْ يسير مع نعشه الطاهر أحد مِن العراقيين أو العرب.لقد كان بحقٍّ مَشهدٌ خانقٌ، غَمَرته مشاعر الحُزن والألم والأسى، حيث ودَّعَت جماهير الأمَّة العربية القائد العملاق الكبير الشهيد صَدَّام.فاحتشَدَت القلوب الوَلهانة بحُبِّ صَدَّام والمُتَيَّمة به والمُتَيَّم بها، ودَّعته الدنيا كُلّها، والدموعُ تفيضُ، والقلوبُ تَتَفَطَّر، والنفوسُ تَتَوجَّع، والأفئِدة تَدمي، ودَّعه العراقيون الشرفاء والعرب الأصلاء وهُم يُرَدِّدونَ قول الشاعر العربي :

ولو أنَّ القُلوبَ تَسْتَطيعُ سَيراً      سارَ القلبُ اليكَ سَيرِ الحَثيثِ

انَّ ذكريات الفقيد الانسانية ومواقفه وأفعاله المشهودة لا تفارقنا مهما طال الزمن.لقد اهتَزَّ الوجدانُ برحيله، وانخلَعَت له القلوب، لرجل القيمة والقامة الكبيرة الشاهقة.لقد بكاه العراقيون والعرب ولَمَّا يزالون يذرفونَ الدمع وتخنقهم الحسرات لهذا المصاب الجَلَل الذي أصابَ الأُمَّة في نحرها.

أراد صَدَّام حُسَين بالعربِ خيراً، أرادهم أنْ يُحَّلِقوا عالياً الى عنان السَّماءِ، كيفَ لا وهو الذي أحَبَّ شعبه وأُمَّتَه العربية، حُبَّاً يَرقى الى مستوى العِشق، وخدَم العراق والعرب بكُلِّ هِمَّة وجهدٍ وجهاد، وقدَّمَ نفسه قُرباً لأجلهما.نعم هو صَدَّام الذي بَذَل وأعطى، وقَدَّم وأوفى، وللفقيد دَّينٌ في عُنق كُلِّ عراقي شريف وعربي غيور، ادَّينٌ يساوي عشَرات السنين مِن عمر الشهيد، قضاها في خدمة أُمَّته، ثمَّ ختمها ببذل النفس والروح فداءاً لشعبه وأُمَّته.لقد غادرنا الفقيد صَدَّام بعد رحلة طويلة قاسية شاقَّة مِن الكفاح والنضال والمجاهدة ، حافلة بالعطاء والخير الممدود ، وبرحيله عنَّا تكون قطعة مِن قلوبنا قَد خُلِعَت وجفاها النور.

كانَ الراحل الكبير جزءاً مهماً مِن وجداننا، وهو مَن ساهمَ وأذكى في نفوسنا تشكيل وعينا العربي.وتركَ بصماتٍ واضحةٍ محفورة في كُلِّ شبرٍ مِن أرض العراق العظيم، وامتدَّت آثاره الفوَّاحة الطيِّبة الى أبعد نقطة في أرض العروبة.تركَ الشهيدُ سجلاً حافلاً بالأفكارِ والمواقف والأفعال العظيمة، والآثار التي ستبقى شاهداً على انجازات هائلة التي لا تُنسى.تركَ سجلاً ملآى بالمجد والفِخار، وهي شهادةٌ له لن تختفي على مرِّ الزمان.رحلَ صَدَّام بجسده الشريف لكنَّ أفكاره الخلَّاقة، وأعماله الطيِّبة، ومواقفه الرَصينة ستَظل كالبنيان الشاهق، كالواحة الخضراء في أرضٍ جدباء، ستظل تُحاكي الزمان، وتبقى أثراً خالداً مِن مآثر قائدٍ تاريخي، عراقيٌّ نبيلٌ غيور، عربيٌّ أصيلِ الجذور، يندر أنْ يجود الزمان بمثله.

رحلَ عنَّا صَدَّام بعد أنْ أصبحَ العراق في عهده ورفاقه، واحة خضراء خِصبة، واحةٌ للخير والرُقيّ والأمن والأمان.نقول، انَّ أصحاب القامات العالية الشامخة لا يرحلون إلَّا بأجسادهم، لكنَّ أسماؤهم وآثارهم تظل ساطعة في فضاء الأمة، ومنقوشة في صفحات التاريخ المُنصف والأمين، ومحفورة في النفوس والعقول، وتخلد في الذاكرة لن يستطع أعداء العراق والأمة أنْ يشطبوها أو أنْ يسيروا عليها بالممحاة.لن تُغادر ذكرى الشهيد ذاكرة العراقيين الأماجد والعرب الأصلاء، مهما حاول الضلاليون والظلاميون مِن الخونة والمتآمرين على العراق والأمة.

لقد صُدِمنا برحيل فخر الأمة وعنوانها اللامع، لكنَّ قناعتنا لا تَهتَزّ بأنَّه باقٍ معنا، وما بعدنا لأجيالٍ قادمة الى ما شاء الله تعالى.باقٍ بأفكاره السديدة النيِّرة، وحكمته واسهاماته الفكرية والتطبيقية على المستوى الحزبي والجماهيري.انَّ صَدَّاماً باقٍ في قلوبنا وضمائرنا وفي وجداننا، وكيفَ لا وهو مَن لفتَ انتباهنا الى قيمتنا وقدرنا كعراقيين ننتمي الى أمَّة واحدة.وهو أيضاً كانَ يؤكد لنا أنَّ عظمة العراق ليس في اسمه وتاريخه المجيد حسب، بل في أبنائه المخلصين أصحاب القيَم والمباديء السامية، الداعينَ لقيَم الحقّ والعَدل.لقد رفعَ هامات العراقيين على رؤوس الأشهاد، وعَلَت مكانتهم في عهده ومَن شاركه في الفعل النضالي مِن رجال البعث الأوفياء.

غادرَ كثيرون فصاروا نسياً مَنسيَّاً، لكنَّ صَدَّاماً يعيش معنا بروحه الطاهرة التي تطوف في سماء العراق والأمة، وسيظل الشهيد نجماً ساطعاً في سماء الأمة.ورغم أنَّ فراق الشهيد قد برَّح بنا، حتى بتنا نشعر بأنَّ أرض العراق قد جَدَبَت مِن بعده، وجفَّت الأنهار والسواقي، لكنَّ الأمل في رحمة الله تعالى ونصره للمؤمنين على القوم الطاغين الباغين الظالمين، لا يفارقنا، وأنَّ القادم مِن الأيَّام سيكون فرجاً قريباً، يرفع فيها الله تعالى الغُمَّة عن العراق والأمة.انَّنا ندعو الله تعالى أنْ يفيض على الشهيد مِن واسع رحمته وكرمه ومغفرته.وفي ذكراه الغالية، وإذْ نحن في غاية الحزن والأسى العظيم لفقده، لا نجد ما نتمثَّل به إلَّا ما قاله رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه ابراهيم : ( انَّ العينَ لتدمع، وإنَّ القلبَ ليَحزن، ولا نقول إلَّا ما يُرضي رَبُّنا الرَحيم : إنَّا لله وإنَّا اليه راجعون، وإنَّا على فراقك يا ابراهيم لمَحزونين ).






الثلاثاء ١٥ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عباس العزَّاوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة