شبكة ذي قار
عـاجـل










الإجابة هنا تقع في مدخلين :
اولاً - كل الدلائل والشواهد تسجل لدى المراقبين للموقف في الشرق الاوسط وطبيعة ( الصراع ) بين امريكا وايران، يرون ان العلاقة الامريكية - الايرانية، التي اسميها التوافق السياسي، والآخرون يسمونها التخادم السياسي وبعضهم يسمونها التوكيل او الوكيل الايراني .. كل هذه التسميات هي في حقيقتها متقاربة، فأذا انتهى التوافق السياسي، فهذا معناه وفق هذه المسميات انتهاء التخادم أو الوكالة، وهي تسميات اعلامية، ولكن تظل تسمية ( التوافق السياسي ) هي الأكثر دقة في القاموس السياسي المتداول أكاديمياً.

نعم ، التوافق او التخادم او التوكيل قد تحول، خلال سبعة عشر عاماً من تجربة الصمت الامريكي ذي الدلالات السياسية، الى صراع يأخذ احياناً التهديد الى اقصى حد ، والتراجع الى اقصى حد ممكن، وما بينهما محاولات التراشق سياسياً وامنياً وعسكرياً و ( عض الأصابع ولي الاذرع ) في بعض مفاصل الصراع.وكل ذلك هو محاولات للقبول بالآخر اولاً وإرغامه على تكييف سلوكه بما يتلائم مع الامر الواقع ثانيا.

الصراع اذن .. اخذ شكله العسكري والسياسي والاعلامي المتصاعد بين الطرفين في ظل تراجع للنظام الايراني في قدراته العسكرية والاقتصادية والمالية والاجتماعية واللوجستية وسقوط مدوي لإطروحاته الفكرية والمذهبية وأفول هالة ( القداسة ) لرموزه ، فضلاً عن عزلته شبه الكاملة دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً، الأمر الذي يؤكد ان النظام الايراني لم يعد امامه من رهانات، كان قد صدع رؤوس العالم بها وبث المخاوف هنا وهناك عن انه سيشعل سوريا ولبنان واليمن والعراق إذا ما تعرض للضرر او لعدوان الشيطان الاكبر، ولكن الواقع يشير ويؤكد : إنحسار الوجود العسكري الايراني في سوريا وموت بطيئ للنفوذ الايراني في لبنان وتراجع باهظ الثمن في اليمن وافول دامس وكامل للنفوذ الايراني في العراق، الذي لم يعد له من قيمة تذكر لدى الشعب العراقي المنتفض .. أما مآل الحشد الشعبي فهو مفكك تماماً في قاعدته وخطه القيادي الثالث والثاني وخطه القيادي الاول لا يعرف ماذا يفعل والطرق امامه مغلقة تماماً، حتى طريق الهروب الى ايران لا يسمح الايرانيون انفسهم باستقبالهم، كما القوى المعنية في الصراع قد توصد الاماكن الرخوة في الحدود العراقية الايرانية وغلق المنافذ .. إذن ، فمسألة العراق هي مسألة وقت وما تراه الساحة العراقية من تهديدات واغتيالات ما هي إلا حالة من حالات اليأس والعصابية والهيستيريا السياسية والتنظيمية، إعتقاداً من قيادات هذا البعض يأن هذا الاسلوب سيشكل رادعاً ويخيف الشعب العراقي، وهم على وهم كبير، لأن حالة التدهور لا يمكن ان تستمر، وحالة القتل لا يمكن ان تستمر، وحالة التهتك والفساد والسرقات لا يمكن ان تستمر، وتهديم بقايا ركائز الدولة لا يمكن ان يستمر .. وعلى هذا الاساس فأن الحلقة قد اقفلت على هؤلاء الذين يخدمون النظام الايراني سياسيون ولآئيون ومليشياويون ولآئيون ومرجعيات ولآئية .. كلهم باتوا في كفة، والشعب العراقي الذي فضحهم وكشف عوراتهم السياسية والفقهية الفارسية طيلة سبعة عشر عاماً في كفة اخرى ، ولا عودة الى الوراء ابداً.

ثانياً - وماذا عن الوكالة الايرانية في المنطقة.؟
هل فككت امريكا وكالتها مع النظام الايراني في الخليج العربي والمنطقة وخاصة ما يتعلق بـ ( صفقة القرن ) البائسة التي ترمي إلى إنهاء القضية المركزية فلسطين.؟ وهل يتم ذلك من دون وكالة النظام الايراني، الذي يُعَدُ المسؤول عن اضعاف المقاومة الفلسطينية واضعاف نضال الشعب الفلسطيني من خلال دعم ( حماس ) و ( الجهاد الاسلامي ) والمساهمة مع الكيان الصهيوني في فصل قطاع غزة عن الجغرافيا الفلسطينية وشرذمة الشعب الفلسطيني.؟ ألمْ يضعف نضال الشعب الفلسطيني وينقسم بين مايسمونه ( مهادن ) وبين ما يسمونه ( ممانع ) حسب منطق النظام الايراني.؟ ألمْ يكن النظام الايراني يشكل ( البعبع ) الذي يخيف دول الخليج العربي لأغراض تصريف السلاح والعتاد والطائرات الحربية وانظمة الدفاع الصاروخية بمليارات الدولارات، ولا حرب تقع ، ولكن لحساب إنعاش الاقتصاد الامريكي المتراجع.؟ وبالتالي ، هل انهت امريكا الوكالة الايرانية في الخليج العربي ؟ ، وهل انتهى الدور الايراني وبلغ اقصى تراجعه في عقر داره ولم يعد هناك ما يخيف من وجوده حتى وخلاياه النائمة؟

اقول نعم ، الوجود او النفوذ الايراني في الخليج العربي والمنطقة في إنحسار ولم يعد مخيفا ومقلقا، والنظام الايراني الآن يترنح في داخل ايران ويتفكك وينزوي مذعورا في خارجها، ويتشبث بوساطات سرية للجلوس على طاولة مفاوضات من اجل ( المحافظة على وجود الجمهورية الاسلامية ) الفاسدة .. وهذا مؤشر على الموت السريري لنظام مسؤول عن الارهاب في المنطقة والعالم .. وما يؤكد هذا هو التوجه الروسي المباشر لموقع الاستقطاب في الخليج ( السعودية ) و ( الأمارات ) لتمتين العلاقات الثنائية وتكريس النفوذ الروسي في الخليج تمهيداً للأنتشار في المنطقة وخاصة في مناطق نفوذ الاتحاد السوفياتي .. وهو الأمر الذي تدرك فيه موسكو ان نفوذ النظام الايراني لم يعد له قيمة استراتيجية، لا في سوريا ولا في الجنوب اللبناني ولا في اليمن ولا في العراق، فتحركت موسكو لكي يكون لها حظور في المنطقة.

موسكو تلعب على الحبال ايضاً، فلا هي تعلن موت النظام الايراني وانحساره وفشل مشروعه التوسعي، ولا هي تتحسس من النفوذ الامريكي في منطقة يحكمها مبدأ ( كارتر ) الذي لم يمت بعد .. لأن المصالح الراهنة هي التي تقول كلمتها الفصل في عالم السياسة وليست الايديولوجيا في العصر الراهن .. فالوكالة الايرانية باتت منتهية الصلاحيات في العراق والمنطقة، ولكن بدون حرب.!!





الاحد ٢١ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تمــوز / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة