شبكة ذي قار
عـاجـل










استخدام منهج الصدمة والترويع عادة ما يوجه إلى شعب صعب المراس حسب الذين يهاجمونه ألف حساب لثباته المرتكز على الإيمان بحقه في الدفاع عن النفس ولردود أفعاله المحتملة ضد العدوان على وطنه، منهج الصدمة والترويع الذي كان شعار التحالف الدولي الذي شن حرباً كونية على العراق سنة ٢٠٠٣ لم يقتصر على الحرب الإعلامية التي تستهدف تحطيم المعنويات العراقية وبث الرعب في صفوف الشعب واغراقه باليأس، بل نفذت بصيغتها الاكثر توحشاً وهمجية باستخدام فعلي للقوة الغاشمة في الجو والبحر والأرض حيث لا يعلم غير الله وزن النار التي أسقطت على العراق وشعبه بما فيها أسلحة محرمة دولياً.

لو كانت أميركا وحلفاءها من العرب والعجم تعرف أن في العراق قيادة سياسية وجيش وشعب خائف مرتجف مغلوب على أمره لما لجأت إلى أسلوبها الإجرامي الذي أسمته بالصدمة والترويع، بل لما جمعت معها أكثر من ثلاثين دولة ممثلة بجيوش، ومثل هذا العدد ممثلاً بإعلامه وأمواله.

كانت أميركا تدرك أن في العراق قيادة وقوات مسلحة وشعب سيقاتلها ببسالة وسيدافع عن وطنه بشجاعة وبسالة وإقدام، وأنه يمتلك من الوسائل ما سيفاجئ به الحلف الكوني الغاشم ويلحق به الأضرار التي يخشاها.

إذا توقفنا عند معارك المطار لوحدها فإننا سنعرف معنى مخاوف الأمريكان وحلفهم السافل، ففي هذه المعارك لوحدها فقدت أمريكا ما لا يقل عن أربعة آلاف قتيل، وأحرقت لها فرق مدرعة ومشاة من نخبتها المنتخبة، وإذا أضفنا لمعركة المطار انطلاق المقاومة العراقية المعجزة في نفس اليوم الذي وصلت فيها دبابات الحرب الكونية إلى بغداد المحترقة بنيران ما يحلو لهم تسميته بالصدمة والترويع.

إن ما حل بالعراق عبر سبعة عشر سنة مرت كان يمكن أن يجعل شعوباً وأمماً تخرس وترقد خانعة لا تتظاهر ولا تقاوم ولا ترفع رأسها إلى السماء، لكن العراقيين يثورون ويقاتلون ويستشهدون ويعتقلون ويهاجرون ويعودون ويرفضون ويفرضون إرادتهم على الإعلام وعلى القوة الغاشمة وبشكل يتصاعد يوماً بعد يوم.

لعل أهم ما نجحت أميركا في رصده قبل الغزو هو أن العراقيين شعب صعب المراس ولا يخضع للأمر الواقع، وأن الإنسان العراقي قد بنته ثورته ودولته وحزبه بناءً وطنياً وقومياً لا يسهل ترويضه واختراقه وتطويعه، وهذا ما يتأكد سنة بعد أخرى برفض العملية السياسية وانتهاج سبل متنوعة للمقاومة الوطنية.

ترويض العراقيين للقبول بالاحتلال الإيراني والأمريكي هو المستحيل بعينه مهما تعددت بؤر العدوان على حياتهم ولقمة عيشهم، وسيرى الاحتلال وميليشياته وأحزابه الخادمة الذليلة له تنوعاً مختلفاً في رد فعل شعبنا، يفاجئهم كل يوم، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
 





الخميس ١٨ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تمــوز / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة